أبوظبي (وام)

عقدت لجنة الحوار الاستراتيجي الإماراتي - الفرنسي اجتماعها الثالث عشر أمس الأول عبر الاتصال المرئي، برئاسة معالي خلدون خليفة المبارك رئيس جهاز الشؤون التنفيذية لإمارة أبوظبي، وفرانسوا ديلاتر - الأمين العام لوزارة أوروبا والشؤون الخارجية للجمهورية الفرنسية. 
وعُقد الاجتماع انسجاماً مع المبادئ التوجيهية التي وضعها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وفخامة الرئيس إيمانويل ماكرون، رئيس الجمهورية الفرنسية. وضم وفد الدولة المشارك.. معالي الشيخ شخبوط بن نهيان بن مبارك آل نهيان وزير دولة ومعالي أحمد بن علي محمد الصايغ وزير دولة رئيس مجلس إدارة سوق أبوظبي العالمي، ومعالي الدكتور أنور بن محمد قرقاش المستشار الدبلوماسي لصاحب السمو رئيس الدولة. كما ضم الاجتماع سفراء الدولتين وعدداً من المسؤولين ورؤساء الدوائر والمديرين العامين للمؤسسات الرئيسة التي تمثل القطاعات الحيوية من البلدين. وشهد الاجتماع نقاشات حول قطاعات رئيسة في التعاون الثنائي كالاقتصاد والتجارة والاستثمار والنفط والغاز والهيدروجين والطاقة النووية والطاقة المتجددة والتعليم والثقافة والصحة والذكاء الاصطناعي والأمن الغذائي والتكنولوجيا المالية وحقوق الملكية الفكرية ومكافحة غسيل الأموال وسياسات مكافحة تمويل الإرهاب والفضاء والأمن. 

  • شخبوط بن نهيان خلال الاجتماع (الصور من وام)

وانطلاقاً من الإنجازات الكبرى التي حققتها الدولتان معاً خلال السنوات العشر الماضية - ومنها افتتاح متحف اللوفر أبوظبي وجامعة السوربون أبوظبي واتفاقية الدفاع المشترك عام 2009 - فقد أعرب الطرفان عن عزمهما تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين وتحقيق المزيد من التطوير المتبادل عبر تحديد أهداف ومبادرات مشتركة جديدة. وخلال الاجتماع ناقشت دولة الإمارات والجمهورية الفرنسية سبل تطوير العلاقات الثنائية مع شركاء في القارة الأفريقية، والتركيز على عدد من القطاعات ذات الأهمية كالسياسة والأمن والاقتصاد والثقافة والتعليم والتطوير، مما يؤكد المستوى العالي للثقة بين البلدين ومدى تطابق وجهات نظرهما في عدد من القضايا المهمة. كما تعتبر هذه الخطوة امتداداً لخارطة الطريق الطموحة للسنوات العشر القادمة بين البلدين للشراكة الاستراتيجية الإماراتية الفرنسية (2020 - 2030) والتي اعتُمدت في يونيو 2020. 
وخلال النقاش، رحّب الطرفان بإعلان شراكة استثمارية جديدة مخصصة لأفريقيا بين البنك الاستثماري الوطني الفرنسي «بي بي آي فرانس» Bpifrance وشركة مبادلة للاستثمار. كما ناقش الطرفان خلال الاجتماع سبل التعاون في مجال التغيّر المناخي مع احتمال تنظيم حدث ضمن مبادرة صناديق الثروة السيادية «الكوكب الواحد» في دولة الإمارات في أكتوبر 2021، مع تخصيص جزء من الحدث يهدف لتناول بناء طموح مناخي، في إطار المؤتمر السادس والعشرين للأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ «COP26» وما بعد. 
وأثنى الطرفان على العلاقات الوطيدة التي تم إرساؤها مع سوق أبوظبي العالمي على صعيد المؤسسات والشركات، والتي سيتم تعزيزها من خلال مبادرتين: الأولى تتعلق بالابتكار وذلك عبر اتفاقية تم توقيعها مع البنك الاستثماري الوطني الفرنسي «بي بي آي فرانس» Bpifrance، والثانية ترتبط بالتمويل الأخضر - والتي ستتركز حول تنظيم عمليات إصدار السندات الخضراء. كما أثنى الطرفان على الجهود المستمرة لتعزيز التبادل والتعاون الثنائي بين البلدين في مجالات العلوم الحديثة والفضاء والبحوث والتطوير والصناعات الثقافية والإبداعية. 
وأشاد الطرفان بالتقدم الذي أحرزته دولة الإمارات في برنامج الطاقة النووية السلمية والتشغيل التجاري لأولى محطات براكة للطاقة النووية السلمية، حيث أعربا عن رضاهما تجاه التقدم ومستوى التعاون في مجال الطاقة النووية، والذي تضمن التوقيع مؤخراً على الاتفاقية الاستراتيجية للصيانة والدعم الهندسي بين شركة فراماتوم Framatome الفرنسية وشركة نواة للطاقة التابعة لمؤسسة الإمارات للطاقة النووية. وناقش ممثلو دولة الإمارات والجمهورية الفرنسية أيضاً الجهود المستمرة المبذولة بخصوص حقوق الملكية الفكرية، إضافة إلى الخطوات المتخذة من قبل دولة الإمارات لتعزيز منظومتها الوطنية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب. وأثنى الطرفان على الجهود المشتركة المبذولة لتخطي تداعيات جائحة فيروس كورونا، واتفقا على تعزيز الشراكة في القطاع الصحي من خلال تعاون واعد في مجال العلوم والطب. كما أثنيا على النجاح المستمر الذي يحققه برنامج الإقامة الثنائي والذي يتيح للأطباء الإماراتيين الحصول على شهادات تخصص في فرنسا. 
وعبر الجانب الإماراتي أيضاً عن رغبته لجذب الأطباء الفرنسيين للالتحاق بالزمالة المهنية في دولة الإمارات. ورحّب الطرفان بالإنجازات التي حققتها شراكتهما في القطاع الاستراتيجي الخاص بالذكاء الاصطناعي، وذلك بعد إعلان النوايا المعروف باسم «الرؤية إلى قرن الواحد والعشرين الرقمي» الموقع في فبراير 2019 بين معالي برونو لومير وزير الاقتصاد الفرنسي ومعالي عمر بن سلطان العلماء وزير دولة للذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي وتطبيقات العمل عن بعد. وفي إطار الجهود المبذولة لدعم وتعزيز التبادل التعليمي والمعرفي، احتفى الجانبان بتدشين «42 أبوظبي» بالتعاون مع إيكول 42 «école 42» الفرنسية، وبالإطلاق الرسمي لأول مرحلة تقييم للمرشحين في مايو 2021. كما أثنى الجانبان على النقاشات الدائرة حالياً حول فتح فروع جديدة لمؤسسات تعليمية فرنسية في دولة الإمارات، وإطلاق برامج تعليمية جديدة بالتعاون مع شركاء فرنسيين في الإمارات في مجالات تصميم الألعاب الإلكترونية وتصميم الأزياء والأعمال والزراعة. وأكد الطرفان دعمهما للجهود المستمرة والمبذولة لإقرار الاعتراف المتبادل بالشهادات الجامعية لتشجيع حركة الطلاب والقوى العاملة بين البلدين. وضمن إطار التعاون العلمي والجامعي المشترك «بهدف تطوير الإمكانيات والبرامج التدريبية والتوظيف والتدريب الوظيفي للمواطنين الإماراتيين»، أشاد الطرفان بجهود الشركات الفرنسية في تعاونها مع المؤسسات التعليمية العليا في دولة الإمارات. كما أشادا بمدى انتشار الثقافة الفرنسية في دولة الإمارات، حيث تم تمديد الاتفاقية الثنائية الخاصة بتعليم اللغة الفرنسية في المدارس الحكومية في الدولة. 

القضايا الاستراتيجية  
تضمن الحوار الاستراتيجي أيضاً نقاشاً مثمراً حول القضايا الاستراتيجية ذات الأهمية الإقليمية والدولية. وقد جددت فرنسا تهنئتها لدولة الإمارات لانتخابها عضواً غير دائم في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة للفترة من 2022 إلى 2023، مما سيتيح المجال أمام البلدين لتعزيز التزامهما بتحقيق السلام والأمن من خلال العمل يداً بيد لمعالجة المسائل العالمية والإقليمية، بما في ذلك الشؤون الأفريقية والشرق أوسطية. وفي الختام، أعرب الطرفان عن تطلعهما قُدماً إلى احتفالات دولة الإمارات باليوبيل الذهبي واستضافتها لمعرض «إكسبو 2020 دبي»، على اعتبار أن هذين الحدثين سيشكلان محطتين أساسيتين في تطوير الشراكة الإماراتية - الفرنسية. وتُعقد اجتماعات الحوار الاستراتيجي الإماراتي - الفرنسي سنوياً بهدف تطوير العلاقات الثنائية بين البلدين وبحث فرص التعاون والتنسيق ومواصلة التعاون البنّاء في عدد من المشاريع والمبادرات. ويناقش هذا الاجتماع رفيع المستوى مجالات التعاون الثنائي في القطاعات الحيوية مثل الاقتصاد والتجارة والاستثمار والنفط والغاز والطاقة النووية والمتجددة والتعليم والثقافة والصحة والفضاء والأمن، بالإضافة إلى القطاعات الأخرى ذات الأهمية المشتركة.