أجرى الأطباء في مستشفى «كليفلاند كلينك أبوظبي» جراحة نادرة هي الأولى من نوعها في الإمارات يتم فيها استئصال وزرع كلية لمريض بعد إزالة ورمٍ سرطاني كان ينمو بداخلها.
كان المريض وُلِدَ بكلية واحدة فقط وسبق إصابتها بالسرطان وتم استئصال الورم، لكنه عاد مجددا إلى المستشفى يشكو من ألم في الصدر، وكانت المفاجأة أن الورم عاد مجدداً، ولكن أكثر شراسة.
يقول علي الشامسي، وهو في الستينيات من العمر «كنت في حالة صدمة، فأنا قد أتيت إلى المستشفى لاستشارة طبية تتعلق بالتدخين، ثم تفاجأتُ بتشخيص حالتي بأنني مصاب مرةً أخرى بالسرطان في كليتي الوحيدة التي ولدت بها.. فكرت في أن أسافر إلى الخارج لأتلقى العلاج، لكنّي قررتُ أن أبقى في بلدي لكي أتلقى العلاج».
وبعد تشخيص حالته، خضع علي لفحوص طبية أكثر تفصيلاً للتأكد من دقة التشخيص، ولمعرفة ما إذا كان السرطان قد انتشر. كان الأطباء سعداء حين تأكدوا من أن السرطان لم ينتشر، لكن الموقع الدقيق للورم في الكلية بقي مصدراً للقلق لديهم، حيث إن الورم متغلغلٌ في كليته بشكل عميق، وكان من المستحيل أن يجري الأطباء تلك الجراحة والكلية في مكانها.
وأوضح الدكتور وليد حسن، رئيس قسم جراحة المسالك البولية، واستشاري جراحة الأورام الذي أجرى الجراحة في مستشفى «كليفلاند كلينك أبوظبي» أنه «نظراً لأن علي لديه كلية واحدة فقط، وأن الورم متغلغل بعمقٍ في الوريد الكلوي، كانت خياراتُنا محدودةً في معالجة حالته. فلو أزلنا كليته، لكان قد احتاج إلى عدة سنوات من غسيل الكلى بانتظام، قبل إجرائه عملية زراعة لكلية جديدة يحصل عليها من متبرع، وهذه إجراءات لا تخلو من المخاطر. وقد رأينا أن أفضل إجراء جراحي يناسب حالة علي هو إجراء عملية جراحية معقدة، تُستأصل فيه كليته، ثم يُزال الورم السرطاني، ثم تُعاد زراعتها في جسمه مرةً أخرى».
واستغرقت هذه الجراحة 11 ساعة، وتعرف باسم استئصال الكلية المعطوبة وإصلاحُها [خارج الجسم] ثم زراعتُها [في جسم المريض مرةً أخرى]، وقد أجراها فريقٌ من ثلاثةٍ من أمهر الجراحين المتخصصين في زراعة الأعضاء، والجراحة المجهرية، وجراحة الأورام.
ونظرًا لأن الورم كان يقع في عمق الكلية، كان من المستحيل الوصول إليه بأمان مع وجود الكلية في مكانها في الجسم. وفي المرحلة الأولى من العملية، استأصل جرّاح متخصص في زراعة الأعضاء كلية علي، كما لو كان يستأصل كلية من متبرع. وبمجرّد خروج الكلية من جسم علي، تم وضعها في محلول ثلجي كي تبقى باردةً، بينما عمل طبيب متخصص في جراحة الأورام وطبيب آخر متخصص في العمليات الجراحية الدقيقة معاً لتشريحها بعناية للوصول إلى الورم.
ولفت الدكتور كاشف صديقي، استشاري المسالك البولية المتخصص في الجراحة المجهرية، بمستشفى «كليفلاند كلينك أبوظبي»، وهو من الجراحين المشاركين في إجراء جراحة علي، أنه «حين تكون الكلية خارج الجسم، فإن ذلك يعني أننا نستطيع أن نتعامل معها بصورة أفضل. فالإبقاء على الكلية، في مكانها، متصلة بالجسم، معناه أن نجري هذه العملية الجراحية في مكان ضيق، ويعرّض المريض لخطر كبير، في حالة حدوث نزيف شديد. وحين تكون الكلية خارج الجسم، وموضوعة في محلول ثلجي، يكون قد توافر لنا مكان أفسح، ووقت أطول. وهذا يعني أننا نستطيع أن نستخدم النّهج الأمثل للوصول إلى الورم، ويضمن كذلك أقل قدر من الضّرر للأنسجة السليمة بالجسم، قبل إعادة الكلية إلى موضعها مرة أخرى».
وبعد وصول الأطباء إلى الورم وإزالته، أصلح الجراحون كلية علي، ثم بدأوا في زراعتها مرةً أخرى في جسمه. وكانت هذه المرحلة هي أدق مراحل العمل. وأوضح الدكتور بشير سنكري، رئيس معهد التخصصات الجراحية الدقيقة، في مستشفى «كليفلاند كلينك أبوظبي»، وجراح زراعة الأعضاء الذي شارك في العملية «كانت هذه العملية معقدة جداً، وتطلبت مستوىً عالياً من المهارة والتنسيق بين أعضاء فريقنا، مع خبرة واسعة في كل من زراعة الأعضاء، وجراحة الأورام. وهذه الجراحة لا يمكن إجراؤها في أماكن كثيرة من العالم. وهذا النهج الذي اتّبعناه يعني، من ناحية علي، أننا قادرون على أن ننقذ كليته، وفي هذا فوائد كثيرة له. فلن يحتاج لغسيل الكلى، ولن يحتاج لزراعة كلية، ولا لمثبطات المناعة، ويستطيع أن يعيش حياة طبيعية، وهو معافىً من السرطان».
بعد إجراء تلك الجراحة الناجحة، أمضى علي ما يقارب ثلاثة أسابيع في المستشفى يتعافى، قبل أن يعود إلى منزله في العين. ثم بدأ علي غسيل الكلى في مستشفى «كليفلاند كلينك أبوظبي - العين»، في حين كانت كليته تتماثل للشفاء.
جراحة نادرة لاستئصال وزرع كلية لمريض في أبوظبي
المصدر: وام