أحمد شعبان (القاهرة)

أكد علماء ورجال الأديان السماوية الثلاث، (الإسلام والمسيحية واليهودية)، أن «بيت العائلة الإبراهيمية» في دولة الإمارات يُجسد حالة التعايش السلمي وواقع التآخي الإنساني الذي تعيشه مختلف الأعراق والجنسيات من العقائد والأديان المتعددة في دولة الإمارات، وأن احتضان دولة الإمارات للكنائس والمعابد، يُعتبر مثالاً حياً لروح التسامح الديني. وأشار لـ«الاتحاد» أصحاب الديانات السماوية الثلاث إلى أن «بيت العائلة الإبراهيمية» في أبوظبي يُشكل للمرة الأولى مجتمعاً مشتركاً، تتعزز فيه ممارسات تبادل الحوار والأفكار بين أتباع الديانات، والتسامح الديني والتعايش المشترك ونشر قيم السلام.
وقالت الدكتورة نهلة الصعيدي رئيس مركز تطوير تعليم الطلاب الوافدين والأجانب بالأزهر، وعميد كلية العلوم الإسلامية الأزهرية للطلاب الوافدين: إن الإمارات لها جهود كبيرة واضحة وملموسة في نشر قيم التسامح والتعايش، وتحقيق مبادئ الأخوة الإنسانية، وبفضل هذه الجهود أصبحت منارة للسلام والتسامح والعيش المشرك، ويؤكد هذا الترجمة العملية لـ«وثيقة الأخوة الإنسانية» وأهدافها، وإقامة «بيت العائلة الإبراهيمية».
وأضافت: إن الإمارات أعلنت بناء «بيت العائلة الإبراهيمية» ليجسد حالة التعايش السلمي وواقع التآخي الإنساني الذي تعيشه مختلف الأعراق والجنسيات من العقائد والأديان المتعددة في دولة الإمارات، ويشكل للمرة الأولى مجتمعاً مشتركاً، تتعزز فيه ممارسات تبادل الحوار والأفكار بين أتباع الديانات، والتسامح الديني والتعايش المشترك ونشر قيم السلام.
ولفتت إلى أن الإمارات دولة تنبذ كل أشكال التعصب والتمييز، حيث تحتضن أكثر من 200 جنسية يعيشون في سلام وتسامح، إضافة إلى إطلاق جملة من المبادرات والبرامج والمشاريع الداعمة لنهج التسامح، وفق تخطيط دقيق وتحويله إلى استراتيجيات واضحة، مضيفةً: «لقد استحقت دولة الإمارات أن تكون حاضنة لوثيقة الأخوة الإنسانية، حيث تم على أراضيها توقيع «الوثيقة» فأصبحت عاصمة التسامح العالمي»، مؤكدةً أن احتضان الإمارات للكنائس والمعابد، يُعتبر مثالاً حياً لروح التسامح الديني، مضيفةً: «الإمارات مثال رائع لالتقاء الشرق والغرب والتقاء المسلمين وغيرهم».

مبادرات إنسانية
بدوره ثمن القس بولا فؤاد رياض كاهن كنيسة مارجرجس المطرية بالقاهرة، إنشاء الإمارات لـ«بيت العائلة الإبراهيمية»، مؤكداً أن البشرية بحاجة ماسة لمثل هذا المشروع الإنساني الحضاري، والذي يؤدي لنبذ التعصب الديني، ونبذ روح التعالي على الآخر، ويؤكد مفهوم قبول الإنسان بدافع إنساني بحت على أساس أننا كلنا أخوة في الإنسانية بغض النظر عن العرق أو الجنس أو الدين، وعلى أساس أن البشرية تنتمي لأب واحد آدم، وأم واحدة حواء، مؤكداً أن الديانات ترجمة لعلاقة الحب بين الإنسانية جمعاء.
وأضاف : أن الرب يريد من الإنسان أن يحب أخاه الإنسان مستدلاً بالآية التي جاءت في سفر هوشع: «إني أريد رحمة لا ذبيحة»، ورسالة يوحنا الرسول الأولى «كيف لإنسان يقول إنه يحب الله الذي لا يراه وفي ذات الوقت يجلد أخاه الذي يراه»، مؤكداً أن أصحاب الديانات يقع على عاتقهم نشر رسالة السلام والتسامح والمحبة، ونبذ التعصب الديني، حتى تنعم المجتمعات بالتعايش والسلام، وهذا ما يهدف إليه «بيت العائلة الإبراهيمية».
وثمن القس بولا المبادرات الإنسانية التي تُطلقها دولة الإمارات والمعنية بنشر قيم التسامح ومكافحة التطرف والإرهاب، مؤكداً أن الإمارات سباقة في هذه الخطوات والمبادرات الجميلة التي تؤدي إلى التعايش السلمي بين الشعوب جميعاً مع اختلاف أعراقهم ودياناتهم، مشدداً على أن أي شعب يقوم بمثل هذه المبادرات، فهو شعب مُحب للسلام والعيش المشترك كما قال السيد المسيح في كلمته الخالدة: «طوبى لصانعي السلام».
واعتبر القس بولا أن ما تقوم به الإمارات من نشر السلام وقيم التسامح، يُعد رسالة إنسانية سامية جداً، ورقياً وعنواناً للحضارة، وتأتي انطلاقاً من مبادئ وثيقة الأخوة الإنسانية، مشدداً على أن المبادرات التي تُطلقها الإمارات نبراس ومنارة ومثال رائع نتمنى أن تأخذ حذوه كل دول العالم، حتى يعم السلام العالم وينبذ الجميع الكراهية ويتصدوا للشقاق والنزاعات والحروب، متمنياً أن تؤدي المبادرات التي تُطلقها الإمارات إلى مزيد من الحوار والتقارب بين الأديان، بحيث تنطلق من نقاط وأرضية مشتركة قائمة عدم المساس بالأمور العقائدية ونشر ثقافة معتقدات الآخر، حتى تعم القيم الإنسانية في العالم.

العفو والتراحم
وبدوره أشاد الشيخ عبدالحميد الأطرش رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر الشريف، بالتفاصيل التي تم الإعلان عنها في أبوظبي الخاصة بمشروع «بيت العائلة الإبراهيمية»، مؤكداً أن الإسلام دين التسامح ودين اليُسر ودين السهولة، والله تعالى يقول «وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين»، وقال تعالى: «فمن عفا وأصلح فأجره على الله»، إلى غير ذلك من الآيات التي تدعو إلى العفو والتسامح بين جميع البشر على اختلاف عقائدهم.
وأضاف: وبما أن الدين الإسلامي هو خاتم الرسالات، والنبي صلى الله عليه وسلم هو الذي أرسله الله إلى الناس كافة بشيراً ونذيراً، فحينما يتم إنشاء «بيت العائلة الإبراهيمية» لا شك أن ذلك يدعو إلى العفو والتسامح والتراحم بين الناس قال تعالى: «لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم»، وقال تعالى: «اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم».
وأكد «الأطرش» أن إقامة هذه البيوت في شتى أنجاء المعمورة كفيلة بأنها تدعو إلى إذابة الفروق بين طوائف الشعب بعضهم البعض، حتى يعيش الجميع في أمن وأمان واستقرار وسلام، مؤكداً أن هذا هو هدف الإسلام والديانات السماوية، مشيراً إلى أن الدين الإسلامي قابل السيئة بالعفو، وحبب العفو إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لدرجة أن قال: «حبب إلى العفو حتى خشيت ألا أثاب عليه».
وأشاد «الأطرش» بإطلاق اسم فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، على المسجد المُقام في «بيت العائلة الإبراهيمية»، مؤكداً أن هذا يعود نتيجة للجهود التي يبذلها شيخ الأزهر الشريف في خدمة الإنسانية ومحاربة التشدد والعنف ونبذ التعصب الديني ونشر السلام العالمي، بالإضافة إلى جهود فضيلته في تأسيس ونشر مبادئ «وثيقة الأخوة الإنسانية».

الطائفة اليهودية
ثمنت رئيسة الطائفة اليهودية في مصر ماجدة هارون، «بيت العائلة الإبراهيمية»، الذي أقامته الإمارات في أبوظبي انطلاقاً من مبادئ «الأخوة الإنسانية»، مؤكدةً أنه سلوك حضاري شهدته عواصم الحضارة العالمية، حيث تجاورت فيها دور العبادة لأتباع الديانات السماوية الثلاث، اليهودية والمسيحية والإسلام، مشيرة إلى وجود مثل هذا البيت في مجمع الأديان بمنطقة مصر القديمة الذي يشمل أقدم معبد وأقدم مسجد والكنائس القبطية، بالإضافة إلى دير سانت كاترين التاريخي في جنوب سيناء. 
وشددت  على أن «وثيقة الأخوة الإنسانية» و«بيت العائلة الإبراهيمية» في أبوظبي لقيا تفاعلاً حضارياً عالمياً بما تحتويه من قيم إنسانية مشتركة بين الأديان تؤكد على أن الأخوة الإنسانية تنظر إلى البشر جميعاً على أنهم متساوون في الحقوق والواجبات والكرامة، وتحرم إزهاق النفس البشرية الطاهرة، وتدعو إلى تحقيق قيم العدل والرحمة، وتحث على الإحسان إلى الفقراء والبؤساء والمحرومين، وترسخ قيم السلام والتعايش بين الشعوب.
وأشارت «هارون» إلى إن دولة الإمارات العربية المتحدة تنعم بالتعايش المشترك بين أصحاب الديانات، ويتواجد بها يهود يتمتعون بحرية ممارسة العبادات وطقوسهم الدينية، مؤكدةً أن «بيت العائلة الإبراهيمية» في الإمارات سوف يسهم في دعوة أصحاب الديانات السماوية إلى إعلاء مشاعر الأخوة الإنسانية والتعايش السلمي في المجتمع، متمنيةً أن تُطبق مثل هذه الحرية الدينية في كثير من دول العالم.
ولفتت إلى أن رجل الدين اليهودي الحاخام «موسى بن ميمون» الذي أُطلق اسمه على الكُنيس اليهودي في «بيت العائلة الإبراهيمية»، كان له معبد في مصر في حارة اليهود الشهيرة بوسط القاهرة الفاطمية، حيث توفي في هذا المعبد، مشيرة إلى أن الحاخام موسى بن ميمون الذي ولد في المغرب واستقر بعد ذلك في مصر، كان طبيباً ومفكراً وفيلسوفاً وعالماً في الفلك وصاحب كرامات حيث كان يفد ويلجأ إليه الكثير من الشعب المصري من المسلمين والمسيحيين الذين لديهم مشاكل صحية، وكان طبيباً للسلطان صلاح الدين الأيوبي، مؤكدةً أنها تعتز باسم هذا الحاخام الذي تكن له الطائفة اليهودية في مصر كل الحب والاحترام والتقدير.