آمنة الكتبي (دبي)

توقع الاتحاد الدولي للفضاء أن تسجل سياحة الفضاء سوقاً اقتصادياً عالمياً جديداً بمليارات الدولارات في العقد المقبل، مدللاً على ذلك بإجراء العديد من الشركات المختصة اختبارات شبه مدارية ناجحة، تثبت سلامة وموثوقية السفر إلى الفضاء، إضافة إلى درّ استثمارات مختلفة، وطرح نماذج أعمال توفر فرصاً وظيفية كبيرة لأفراد المجتمع في تطبيقات الفضاء والاستكشاف، مع توضيح فكرة، بأن غزو الفضاء ليس لمجرد تقديم خدمات للبشر مثل (الإنترنت)، بل عنصر مهم لمواجهة تحديات عالمية، تعاني منها الدول مثل: (الأمن الغذائي، والطاقة، والاقتصاد)، والبرهان على ذلك أن المجتمع العلمي يريد دراسة خصائص الكواكب، والبحث عن البصمة الحيوية والاستعداد لاستكشاف الإنسان للمريخ، وأن جهود دولة الإمارات الآن عبر «مسبار الأمل»، تساهم بقوة في تحقيق هذه الأهداف، ومع إنجازاتها الفضائية أي (الرواد، والأقمار، والمسبار)، فالإمارات ترمز لبداية حقبة فضائية جديدة في المنطقة.
بينت البروفيسورة باسكال اهرنفرفريوند، رئيس الاتحاد الدولي للفضاء، في حوار مع «الاتحاد»، أن أحدث دراسة لشركة «أورو كونسلت» قدرت قيمة اقتصاد الفضاء العالمي في عام 2020 بنحو 385 مليار دولار، وأن قطاع الأقمار الصناعية سيمثل 50% من النمو المتوقع لاقتصاد الفضاء العالمي بحلول عام 2040، وبلغ إجمالي حجم الاستثمار في الشركات الناشئة في مجال الفضاء رقماً قياسياً عام 2019، إذ سجل 5.8 مليار دولار، ومن المتوقع أيضاً أن يشهد سوق استكشاف وتكنولوجيا الفضاء نمواً كبيراً.وشددت على أهمية النظر في تنبؤات المستقبل، حيث تقدر الدراسات الحديثة أن الاقتصاد الفضائي العالمي ستبلغ قيمته تريليون دولار بحلول عام 2040، كما يسير سوق الأقمار الصناعية الصغيرة في اتجاه إيجابي، وسيصل عدد عمليات الإطلاق إلى 1000 عملية في 2029.

  • باسكال اهرنفرفريوند

سياحة فضائية
وأشارت إلى أنه من المحتمل أن تصبح قيمة السياحة الفضائية كسوق مليارات الدولارات في العقد المقبل، حيث أكملت العديد من الشركات المختصة رحلات اختبار شبه مدارية ناجحة، وستعمل شركات أخرى على تمكين الرحلات السياحية إلى محطة الفضاء الدولية ولديها خطط لإرسال سياح مقابل مبالغ مالية إلى الفضاء، في السنوات التالية، ويمكن أن تسمح السياحة الفضائية لمزيد من الأشخاص بتجربة الفضاء وإثبات سلامة وموثوقية السفر إلى الفضاء.
وقالت: «إن الفضاء هو المفتاح لفهم أفضل لنظام كوكب الأرض، وكيف يمكننا التخفيف من تغير المناخ، ولدعم تنميتنا الاجتماعية والاقتصادية في المستقبل، حيث إن حلول الفضاء لا توفر لنا خدمات مثل الإنترنت إلى الأماكن النائية فحسب، بل تسهم أيضاً في مواجهة العديد من التحديات العالمية، بما في ذلك الأمن الغذائي وأمن الطاقة والأمن الاقتصادي».
وتابعت: «نرى أنه تم تخفيض الحواجز أمام الدخول إلى قطاع الفضاء في السنوات الأخيرة مع سهولة الوصول إليه، واستخدام تقنيات الرفوف التجارية، ونماذج الأعمال الجديدة واستثمارات رأس المال الجديدة وزيادة مشاركة دول الفضاء الجديدة والناشئة، إذ إن قطاع الفضاء العام والصناعي النابض بالحياة سيوفر فرصاً كبيرة للمجتمع لاحتضان تطبيقات الفضاء والاستكشاف»

مفاهيم جديدة
وقالت: «يجري حالياً تطوير العديد من المفاهيم الجديدة للأبراج الضخمة للأقمار الصناعية المستقبلية، وسيزداد عدد الاستثمارات الخاصة والشركات الناشئة في مجال الفضاء، وستكون هناك تقنيات مبتكرة وفرص عمل خاصة في مجالات الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي للمبتكرين والشركات لمعالجة البيانات الضخمة، إذ يتطلب قطاع الفضاء الديناميكي أن ننخرط بقوة في استدامة الفضاء».

وأشارت إلى أن عام 2021 يعد عاماً مثيراً لأبحاث المريخ، مع العديد من المهام المثيرة للاهتمام، مثل: دراسة مسبار الأمل في دولة الإمارات العربية المتحدة الغلاف الجوي للمريخ والتقاط صور عالية الدقة، ومسبار بيرسيفيرانس التابع لناسا الذي يبحث عن علامات الحياة الماضية على سطح المريخ، وكذلك الصين من خلال مهمات المريخ الحالية والمستقبلية، حيث إن المجتمع العلمي يريد دراسة خصائص الكواكب المجاورة، والبحث عن البصمة الحيوية والاستعداد لاستكشاف الإنسان للمريخ، والإمارات العربية المتحدة الآن تساهم بقوة في تحقيق هذه الأهداف.
وتابعت: «إن برنامج الإمارات لرواد الفضاء، الذي تم إطلاقه في عام 2017، يعد الأول من نوعه في العالم العربي، وسيسمح لرواد الفضاء الإماراتيين بالمشاركة في مهمات فضائية مستقبلية مثيرة والعمل كسفراء لدولة الإمارات العربية المتحدة والعالم العربي».
وأكدت أن هناك تطوراً كبيراً وعظيماً في دولة الإمارات، حيث كان لديها الكثير من المتقدمين خلال الدعوة الأخيرة لرواد الفضاء، وسيقوم فريق رواد الفضاء الإماراتيين بتشجيع وإلهام الأجيال القادمة لاختيار مواضيع العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، وتعزيز الاهتمام بالابتكار واستكشاف الفضاء، إذ إنه منذ أبريل 2021، تضاعف حجم طاقم رواد الفضاء وتم اختيار أول امرأة ستتدرب في وكالة ناسا في وقت لاحق من هذا العام.

رؤية الإمارات 
ولفتت رئيس الاتحاد الدولي للفضاء، إلى أن البعثات الفضائية، بما في ذلك الأقمار الصناعية والروبوتية وبعثات استكشاف الفضاء البشرية، تدعم رؤية الإمارات لمستقبل مزدهر قائم على المعرفة والبحث العلمي ويلهم الجيل القادم، وتعزز المشاركة القوية لدعم المساعي الفضائية مكانة الإمارات على المستوى الدولي في قطاع الفضاء، وإن المؤتمر الدولي للملاحة الفضائية 2021 في دبي سيعمل كمحفز لمزيد من الدول في المنطقة للمشاركة مع الشركاء الدوليين وتمكين جيل جديد من خبراء الفضاء الذين سيعملون من أجل الإنسانية.
وأكدت أن المؤتمر الدولي للملاحة الفضائية 2021 سيحتفل بالعديد من تجارب ومشاريع الفضاء في دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث سنتابع عن كثب النتائج الأولى لبعثة دولة الإمارات العربية المتحدة «مسبار الأمل»، وهي أول مركبة عربية لاستكشاف الفضاء تصل إلى المريخ، كما سيصادف الذكرى السنوية لعودة أول رائد فضاء إماراتي من محطة الفضاء الدولية، والذكرى الثانية لإطلاق خليفة سات - أول قمر صناعي لرصد الأرض ينتجه الإماراتيون بالكامل، وهذه الإنجازات هي رمز لبداية حقبة فضائية جديدة في المنطقة.

وبينت أن الاتحاد الدولي للملاحة الفضائية هو أكبر شبكة للدفاع عن الفضاء تضم 407 أعضاء من 71 دولة من جميع أنحاء العالم، ويشتهر بتنظيم المؤتمر الدولي للملاحة الفضائية باعتباره أكبر حدث فضائي في جميع أنحاء العالم، ويغطي جميع جوانب الفضاء، من استكشاف الفضاء إلى موضوعات مثل الفضاء والمجتمع، ويشمل ذلك جميع وكالات الفضاء والصناعات والجمعيات والجمعيات والجامعات والمعاهد الرائدة في جميع أنحاء العالم، يوفر المؤتمر الدولي للملاحة الفضائية منصة لمجتمع الفضاء بأكمله للالتقاء والمشاركة والتواصل وعرض خبراتهم الفضائية خلال معرض كبير.وقالت: «إن الاتحاد الدولي لأول مرة سيفتح أبوابه لمجتمع الفضاء العالمي في دولة الإمارات العربية المتحدة، وهي أول دولة عربية تستضيف المؤتمر منذ إنشاء الاتحاد في عام 1950 تحت شعار «إلهام وابتكار واكتشف لصالح البشرية»، وتتطلع إلى مساهمة المؤتمر في تقديم حلول للإنسانية والعلم من خلال تقوية وتعزيز التعاون بين جميع البلدان في قطاع الفضاء.

باسكال اهرنفرفريوند
باسكال اهرنفرفريوند، أستاذة أبحاث في سياسة الفضاء والشؤون الدولية في معهد سياسة الفضاء وجامعة جورج واشنطن في واشنطن العاصمة، ورئيسة الاتحاد الدولي للملاحة الفضائية IAF ومستشارة جامعة الفضاء الدولية ISU. ساهمت لأكثر من ثلاثة عقود كمحقق رئيسي ومحقق مشارك وقائد فريق في مهمات علم الفلك والكواكب في وكالة الفضاء الأوروبية وناسا، وكذلك عملت على تجارب في مدار أرضي منخفض في محطة الفضاء الدولية. وشغلت رئيس المجلس التنفيذي لمركز الفضاء الألماني (DLR) بين عامي 2015-2020 ورئيساً لصندوق العلوم النمساوي (FWF) من 2013 إلى 2015، وتعد أول امرأة ترأس منشأة أبحاث ألمانية كبرى. وحصلت على درجة الماجستير في علم الأحياء الجزيئي ودكتوراه في الفيزياء الفلكية ، ودرجة الماجستير في الإدارة والقيادة.