أبوظبي (الاتحاد)
نفذت هيئة البيئة في أبوظبي، بالاشتراك مع نادي صقّاري الإمارات، مشروع بحث علمي ومولته لدراسة سلوكيات الهجرة عند صقور الشاهين. ويشكل المشروع حصيلة جهود مشتركة جمعت باحثين في الإمارات والمملكة المتحدة وروسيا.
جمع فريق العلماء المشاركين في المشروع بيانات التتبع عبر الأقمار الاصطناعية وتسلسل الجينوم لدراسة سلوكيات هجرة صقور الشاهين التي تهاجر إلى وعبر منطقة الخليج، وتُعد من الأنواع المهمة ثقافياً، لتحديد أثر التغيرات المناخية الأخيرة على أنماط الهجرة والمورث المرتبط بسلوكيات الهجرة.
وتوفر النتائج دليلاً إضافياً على الدور الذي تلعبه المورّثات والذاكرة في هجرة الحيوانات، حيث من المتوقّع أن يؤثر التغيّر المناخي والتنمية العمرانية على حركة الهجرة السنوية للطيور التي تتكاثر في المنطقة القطبية الشمالية.
كما تتوقع الدراسة، التي نُشرت مؤخراً في مجلة «نيتشر»، تأثيرات التغير المناخي على أنماط الهجرة، وكيف يمكن لهذه التأثيرات تغيير حركة هجرة الصقور في المستقبل.
وتتبع الباحثون رحلات 56 صقر شاهين من خمس مناطق روسية قطبية عبر الأقمار الاصطناعية، بما في ذلك مسارات الهجرة السنوية ومناطق الإشتاء بالتفصيل. وتوصلت الدراسة إلى أن طيور الشاهين القادرة على التكاثر استخدمت مسارات مختلفة عبر أوراسيا للوصول إلى مناطق الإشتاء من آسيا إلى أفريقيا. وتشير الدراسة إلى احتمالية نشوء هذا الترابط في الهجرة بين مناطق التكاثر والإشتاء في الفترة بين آخر عصر جليدي قبل 22 ألف عام ومنتصف العصر الهولوسيني (قبل حوالي 7 آلاف عام). واستخدم فريق الباحثين التسلسل الجيني لتحديد المورّث ADCY8، الذي يرتبط بالذاكرة طويلة المدى في أنواع أخرى من الحيوانات، واكتشفوا أن هذا المورّث مسؤول عن تباين مسافة الهجرة بين الحيوانات، حيث يمكن للأنواع التي تمتلك أنماطاً وراثية محددة السفر لمسافات أطول.
وقال معالي ماجد المنصوري، الأمين العام لنادي صقّاري الإمارات: «شهد الصقّارون العرب هجرة الصقور إلى منطقة الخليج منذ آلاف السنين. ويستفيد هؤلاء الصقّارون اليوم من الجهود المشتركة للعلماء الدوليين، والتي تهدف للتعمق في فهم أنماط هجرة الصقور وكيفية تأثرها بمورثات محددة، حيث يمكن توظيف هذه الاكتشافات لتعزيز جهود الحفاظ على هذه الأنواع المميزة لأجيال المستقبل».
بدورها، قالت الدكتورة شيخة سالم الظاهري، الأمين العام لهيئة البيئة في أبوظبي: «حرصت الهيئة على تخصيص استثمارات كبيرة في الدراسات طويلة المدى التي تتناول علم البيئة وهجرة أنواع مهمة من الطيور. ونحن مسرورون للغاية لنجاح هذه الدراسة في الإجابة عن سؤال مهم حول الروابط بين صلة المناطق الجغرافية للهجرة والتغير المناخي لدى صقور الشاهين التي تتوزع أعدادها في مختلف أنحاء العالم، وتشكل جزءاً لا يتجزأ من ثقافتنا وتقاليدنا المحلية».
وقال الدكتور أندرو ديكسون، العالم المتخصص في مجال البيئة لدى نادي صقّاري الإمارات وأحد مؤلفي الدراسة: «ساهم الدعم الذي قدمته دولة الإمارات وجهود التعاون الدولي في تأمين التتبع عبر الأقمار الاصطناعية وإعادة التسلسل الجيني اللازم للبحث في الصلة بين المناطق الجغرافية لهجرة الأنواع بين القارات، وهذا ما مكّننا من البحث في مراحل تطور سلوكيات الهجرة لدى صقور الشاهين واستنتاج تأثير التغيرات المناخية المستقبلية عليها. وفي حال استمرت درجات الحرارة في الارتفاع بنفس معدل ارتفاعها في العقود الأخيرة، فقد تتراجع أعداد الشاهين في غرب أوراسيا وتتوقف عن الهجرة تماماً».