سامي عبد الرؤوف (دبي)

أكد مسؤولون في القطاع الصحي الاتحادي والمحلي والخاص، أن خدمات الرعاية الصحية في الدولة ستشهد نقلة نوعية خلال الخمسين سنة المقبلة، عن طريق التوسع في استخدام الذكاء الاصطناعي وتقنية «البلوك تشين» و«النانو» والاعتماد على التكنولوجيا والرقمنة الصحية. 
وكشفوا لـ «الاتحاد»، عن وجود استراتيجية وخطط طويلة ومتوسطة وقصيرة المدى، سيتم تنفيذها وفق برامج زمنية ومؤشرات قياس، تستهدف أن تصبح دولة الإمارات بين أفضل النظم الصحية العالمية، وإن لم تكن الأفضل على مستوى العالم، متوقعين التركيز على الرعاية الصحية الوقائية والخدمات الذكية على مدار الساعة من دون تدخل بشري. 
وقال الدكتور يوسف السركال، وكيل وزارة الصحة ووقاية المجتمع لقطاع المستشفيات، المدير العام لمؤسسة الإمارات للخدمات الصحية: «بناءً على الخطط الاستراتيجية ومئوية الإمارات، وضعت خطط التطوير للمنظومة الصحية خلال الـ 50 سنة المقبلة». 
وأضاف: «تم استعراض التصورات والخطط خلال الخلوة الوزارية التي عقدت مؤخراً، وتم بالشرح والتفصيل تناول الخطط التفصيلية التي ستضع دولتنا الحبيبة في مقدمة الخريطة العالمية في مجال الرعاية الصحية». 
ولفت إلى أنه تم اعتماد الخطط العامة، وستتبعها خطط تفصيلية، مستفيدين من معطيات ومكونات رؤية الإمارات المئوية، مشيراً إلى أن خطط التطوير الحكومي للخدمات الصحية تشمل إضافة كثير من الخدمات، باستخدام الذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا المعلومات والتقنيات الحديثة. 
وكشف السركال عن أن الخدمات الافتراضية والرقمية وتقنية «البلوك تشين»، ستكون محوراً مهماً في توفير الخدمات الصحية المستقبلية، واصفاً خطط الخمسين الثانية من عمر الدولة بأنها «أسرع وأكثر شمولية، وتواكب جميع التطورات، وتستجيب للتحديات». 

خريطة الطريق 
من جانبه، أفاد الدكتور أمين الأميري، وكيل وزارة الصحة ووقاية المجتمع المساعد للسياسات الصحية والتراخيص، بأن توجيه صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، بجعل 2021 عام الخمسين، نابع من رؤية سموه لتكون الإمارات في مقدمة دول العالم. 
وأكد أن توجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، بالعمل للخمسين المقبلة من عمر دولتنا، بدأت فعلياً من العام الماضي، الذي شهد البدء في الاستعداد، وجاء العام الحالي ليشهد الأمر خطوات إضافية من خلال الخطط والبدء في التنفيذ. 
وأشار إلى أن الإمارات خطت خطوات سريعة في الخدمات الصحية، التي شهدت تسارعاً كبيراً في تقديم خدمات متميزة، ما أثمر وجود دولة الإمارات في طليعة دول العالم، لافتاً إلى أن العقود المقبلة، هي عقود التطبيب عن بُعد، والتوسع في استخدام التكنولوجيا. 
ولفت إلى اعتزام الجهات الصحية التوسع في استخدام الذكاء الاصطناعي وفحص الأمراض الجينية والوراثية، وأيضاً التشخيص المبكر للأمراض والجائحات، وتوفير العلاج والدواء كأسرع دولة في العالم والنجاح في التحول إلى إحدى أفضل دول العالم في السياحة العلاجية. 
وذكر الأميري، أن الخمسين سنة المقبلة، ستشهد زيادة العمر الافتراضي الصحي للأفراد في دولة الإمارات، وتقليل الإصابة بالأمراض غير السارية، مثل السكري والسمنة وضغط الدم، مؤكداً أن دولة الإمارات مقبلة على تحولات كبيرة وعميقة في توفير الخدمات الصحية للجمهور. 
ولكن ما هو دور القطاع الصحي الخاص في استشراف المستقبل خلال الخمسين سنة الثانية من عمر الدولة؟ الدكتور طارق دوفان، المدير الطبي في المستشفى الأميركي في دبي، أكد أن إعلان عام 2021 «عام الخمسين» يمثل انطلاقة جديدة للدولة نحو مستقبل أكثر ازدهاراً في ظل حكمة القيادة الرشيدة والمتطلعة إلى حاضر ومستقبل باهر، بقيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة.
وقال: إن «دولة الإمارات منذ تأسيس الاتحاد قبل 49 عاماً، نجحت في تحقيق إنجازات ضخمة ونجاحات متتالية في مختلف المجالات والقطاعات؛ بفضل الرؤية المستنيرة التي أرساها الآباء المؤسسون، لتبدأ الدولة مسيرتها التنموية من قلب الصحراء، وصولاً إلى المريخ». 
وأشار إلى أن مختلف القطاعات في الدولة، وعلى رأسها القطاع الصحي والطبي، ستبدأ الاستعدادات للخمسين عاماً القادمة، من خلال خطط استراتيجية واضحة وبرامج عمل محددة تعزز من مكانة الدولة وتنافسيتها على المستوى العالمي، بما يجعل حكومة الإمارات الأسرع والأكثر مرونة، والأكثر قدرة على التكيف والاستعداد لمتغيرات المستقبل. 
وتوقع دوفان أن تواصل الإمارات تحقيق مزيد من الإنجازات والنجاحات في القطاع الصحي خلال الخمسين عاماً القادمة، بما يعزز تنافسيتها عالمياً في هذا القطاع الحيوي المهم، مشيراً إلى أن القطاع الصحي في الدولة بدأ مبكراً بإعداد استراتيجية التحولات المطلوبة والمستهدفات لتطوير وتعزيز مسيرة القطاع الصحي، وتحقيق التنافسية العالمية حتى عام 2071.
وذكر أن الخمسين عاماً القادمة من المتوقع أن تشهد تطوراً ونمواً متسارعيْن لمستقبل الرعاية الصحية والخدمات الطبية لاستشراف ومواكبة المتغيرات في المجال الصحي. 
ولفت إلى توفير حزمة مشاريع مبتكرة في القطاع الصحي الخاص، يرتكز معظمها على تقنيات الجيل القادم من الثروة الصناعية الرابعة والذكاء الاصطناعي، مع التركيز على الرعاية الصحية الوقائية والخدمات الذكية على مدار الساعة من دون تدخل بشري. 
وأكد أن الدولة ستعزز مكانتها المرموقة بالفعل على خريطة السياحة العلاجية في السنوات القادمة لما تمتلكه من بنى تحتية وإمكانات بشرية تؤهلها لأن تصبح عاصمة السياحة العلاجية. 
وشدد دوفان على أن القطاع الصحي في الإمارات سيشهد طفرة كبيرة في السنوات القادمة، وفق أحدث ما توصل إليه الطب والعلم والمعرفة البشرية على المستوى العالمي، إلى جانب تقديم خدمات طبية ذكية ومتخصصة تسخر التكنولوجيا، وخدمات صحية مبنية على العلوم الطبية الحديثة، مثل علم الجينوم وتكنولوجيا النانو.

استشراف المستقبل 
قال عوض الكتبي، المدير العام لهيئة الصحة في دبي: «دولتنا سباقة في استشراف المستقبل والتخطيط للمدى البعيد وحتى 2071 على المستوى الاتحادي، بالإضافة الى الخطط على المستوى المحلي لاستشراف المستقبل».
وأضاف: «يتم تسخير جميع الموارد الموجودة وتوفير أخرى جديدة لتوفر الراحة والرعاية الصحية للجميع، والتكنولوجيا أحد الموارد الرئيسة لتسهيل خدمة المواطنين والمقيمين والزائرين». 
وأشار إلى استقطاب الكفاءات والاستثمارات لخدمة القطاعات المختلفة، وفي مقدمتها القطاع الصحي خلال العقود المقبلة، مؤكداً أن زيادة استخدام التكنولوجيا مستقبلاً ستحدث نقلة نوعية في خدمات الرعاية الصحية، التي يتم التخطيط لها لتكون بأسلوب أكثر سلاسة، لافتاً إلى العمل على تسخير التكنولوجيا لخدمة الجميع، بالإضافة إلى تحقيق وتعزيز تكامل الخدمات. 

آفاق إنسانية 
تحدثت الدكتورة منال تريم، المدير التنفيذي لقطاع الرعاية الصحية الأولية بهيئة الصحة في دبي، عن آفاق المبادرات الإنسانية في المجال الصحي في الخمسين عاماً المقبلة، مؤكدة أن ذلك الجانب سيشهد توسيعاً لخدمة الأفراد والمجتمعات في مختلف أنحاء العالم. 
وقالت: «لقد رسخت الخمسون سنة الماضية من تاريخ الإمارات ريادة الدولة في التميز بالعمل الإنساني، لا سيما المساعدات الإماراتية في المجال الصحي والإغاثة ومد يد العون لكل محتاج». وأضافت: «لقد احتلت الإمارات ولمدة ست سنوات على التوالي المركز الأول عالمياً بوصفها أكبر جهة مانحة للمساعدات الخارجية، فهي أكبر مانح مساعدات إنسانية في العالم بالنسبة للدخل القومي وفق منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية». ولفتت إلى أن المساعدات الإماراتية في المجال الصحي، رغم تميزها بشكل فائق خلال العقود الماضية، إلا أنها ستشهد مزيداً من التطوير والدعم خلال الخمسين سنة المقبلة، حيث تملتك الإمارات كل المقومات التي تؤهل القطاع الصحي من الاستثمار في الخدمات الإنسانية، مثل الابتكار وتوظيف التكنولوجيا لخدمة الإنسانية والصحة العامة. 
وقالت تريم: «كما نتطلع لتمكين الشباب وتنمية المهارات لديهم في التخصصات الطبية النادرة لمواكبة التطورات ومواجهة التحديات الصحية العالمية، وتوفير البيئة الحاضنة للمبتكرين». وذكرت أن الخدمات الإنسانية الصحية، ستشهد شأنها شأن القطاع الصحي مزيداً من الاستخدام، والاعتماد على الذكاء الاصطناعي للتشخيص.
ولفتت إلى استخدام علوم البيانات لتحسين الطرق للتنبؤ بحدوث الكوارث الصحية، وتعزيز وسائل التعامل معها.