أبوظبي (الاتحاد)

استضاف مجلس محمد بن زايد لأجيال المستقبل في دورته الثالثة المنعقدة تحت شعار «واقع جديد، آفاق جديدة»، معالي الدكتور سلطان أحمد الجابر، وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة، العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لشركة بترول أبوظبي الوطنية «أدنوك»، في جلسة حوارية مع مجموعة من شباب وشابات الإمارات من مختلف القطاعات.
وتضمنت الجلسة التي حملت عنوان «الإصرار والعزيمة والثبات.. استثنائية العطاء»، مجموعة من الأسئلة، شارك معاليه من خلالها الدروس التي استقاها من حكمة ورؤية القيادة الرشيدة في الدولة، كما شارك معاليه أفكاره ورؤيته حول صناعة المستقبل، وترسيخ ثقافة الابتكار وتحفيز الشباب، والخبرة الواسعة التي اكتسبها في مجال الإدارة وصناعة التغيير في العمل الحكومي ومختلف القطاعات.
وفي سؤال لمعاليه حول جائحة «كوفيد - 19» وتأثيرها على الاقتصاد العالمي، وكيفية تعامل «أدنوك» معها، باعتباره العضو المنتدب والرئيس التنفيذي للشركة. وأجاب من خلال سرد قصة أحد لقاءاته مع صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حيث استعرض معاليه في إجابته نهج وتوجيهات سموه في التعامل مع الجائحة. 

  • سلطان الجابر

وقال: «رؤية وحكمة سيدي صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، مكنتنا في (أدنوك) من مواجهة الظروف غير المسبوقة لجائحة (كوفيد - 19)، واستطعنا بفضل توجيهاته المحافظة على صحة وسلامة كوادرنا البشرية ومواصلة عملياتنا من دون توقف. ومن خلال المرونة التي اكتسبناها بفضل النقلة النوعية التي أمر سموه بتنفيذها منذ سنوات عدة، استطعنا تحقيق نتائج ممتازة واستثنائية، خاصةً إذا أخذنا في الاعتبار الظروف التي كان يمر بها العالم السنة الماضية بسبب الجائحة».
كما شارك معاليه مع الحضور الدروس التي استقاها من حكمة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان وتوجيهاته، فيما يختص بجائحة «كوفيد - 19»، حيث قال: «طرح سموه يتميز بالهدوء والثقة والرؤية الدقيقة، والنظرة بعيدة المدى، وهو بالدرجة الأولى طرح إنساني، يواجه التحديات بجرأة وقوة، ويتعامل معها بواقعية. وركزت توجيهات سموه على خمسة محاور هي ضمان صحة وسلامة الإنسان والكوادر البشرية، واستمرارية الأعمال والإنتاج لما لها من تأثير مباشر على اقتصاد الوطن، والتركيز على رفع الكفاءة والارتقاء بالأداء، والمساهمة في دعم الاقتصاد المحلي من خلال استمرارية المشاريع، وتعزيز القيمة المحلية المضافة، وتسريع وتقديم مشاريع خلق القيمة الإضافية من خلال الفرص التجارية واستقطاب الاستثمارات الخارجية».
وأضاف معاليه: «أهم الدروس التي تعلمتها من رؤية وحكمة صاحب السمو ولي عهد أبوظبي هي الثبات في مواجهة الشدائد والتحديات، والتعامل معها بكل ثقة وشجاعة، والتركيز على الإنسان أولاً في مختلف الظروف، والقبول بالتغيير الإيجابي، وعدم الوقوف في وجه التغيير والتطوير والتحديث، والتسلح بالمرونة، والتحلي بالصبر، والإصرار على المثابرة والاجتهاد والعمل الجاد، كذلك توسيع آفاق التفكير، وتخيل ما لا يمكن تخيله، إذ لا وجود للمستحيل تحت مظلة القيادة الرشيدة».
وأعطى معاليه عدداً من الأمثلة حول تخيّل ما لا يمكن تخيله قائلاً: «إن النظرة السائدة لدولة الإمارات كانت أنها دولة نفطية، واستغرب البعض لماذا اتجهت نحو تطوير القدرات في مجال الطاقة المتجددة، ولكن بالنسبة لنا، كان هذا شيئاً طبيعياً، فنحن روّاد في مجال الطاقة من خلال النفط والغاز؛ لذلك عملنا من خلال توجيهات القيادة على تعزيز هذه الريادة في مجالات جديدة، مثل: الطاقة المتجددة، والطاقة النووية السلمية. والمثال نفسه يمكن أن ينطبق أيضاً على استغراب البعض من تدريب وإعداد وإرسال أول رائد فضاء إماراتي هو هزاع المنصوري إلى محطة الفضاء الدولية، منوهاً سموه بأن تلك كانت لحظة فخر للوطن، وأشار كذلك إلى نجاح مسبار الأمل في الوصول إلى مدار كوكب المريخ كمثال آخر عن عدم الاعتراف بالمستحيل، وتوسيع آفاق التفكير، وكذلك الأمر بالنسبة لتأسيس وإطلاق «جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي» في مجال جديد كلياً، وهذا يقدم مثالاً عن رفع سقف الطموحات والاستعداد للمستقبل.
وفي سؤال حول كيفية التوفيق بين مجموعة من المهام والمسؤوليات وإدارتها بنجاح، أشار معاليه إلى أهمية فريق العمل في النجاح والتميز في عالم الأعمال والشركات والإدارة، حيث قال: «لاشك في أن النجاح في عالم الأعمال والشركات والإدارة هو دائماً بفضل فريق العمل وليس الفرد أو المسؤول. وأنا محظوظ بوجود فريق عمل متميز يعمل بجهد ونشاط وإخلاص، وكل النجاحات التي استطعنا تحقيقها هي بفضل رؤية القيادة الرشيدة وتوجيهاتها وتكاتف جهود فريق العمل».
وأوضح معاليه أن هناك بعض المجالات، مثل الثقافة والآداب والفنون وبعض مشاريع البحث الأكاديمي والعلمي، يكون الدور الأكبر فيها للابتكار والمجهود الفردي، إنما في عالم الأعمال والشركات والإدارة، فإن النجاح هو لفريق العمل. 
وأضاف: «المسؤول أو الإداري المتميز، يدرك أن نجاحه هو نتيجة لنجاح فريق عمله؛ لذلك عليه أن يحرص على التركيز على النوعية وليس العدد في بناء فريق العمل، والاستثمار في تدريب وتطوير أفراده وتزويدهم بالمعلومات وبالموارد وإمكانية التواصل، وتمكينهم من المناورة والمرونة والاستجابة السريعة والفورية. كذلك ينبغي إعطاء كوادر الفريق، خاصة الشباب، واجبات ومسؤوليات تضعهم في المقدمة وفي الواجهة لزيادة ثقتهم بأنفسهم، ومعرفة الفرق بين التخطيط النظري في المكتب وبين الحياة الواقعية، وتحقيق النتائج الملموسة على أرض الواقع، ويجب كذلك منحهم تفويضاً بالصلاحيات الضرورية لمواجهة، وتحمل المسؤوليات وخلق توازن بين مفهوم الصلاحيات ومفهوم المسؤولية، كذلك زرع مبدأ عدم الخوف من الأخطاء واكتشافها بسرعة وتصحيحها والتعلم منها». 

الجرأة
في ختام حديثه، وجه معاليه مجموعة من النصائح لأجيال المستقبل حثّهم فيها على الأداء المتميز والإخلاص في العمل، والتحلي بالجرأة والشجاعة لصناعة التغيير، والتركيز على الإنجاز وتحقيق الأهداف. 
وقال: «أنصح الشباب بعدم القبول أبداً بالأداء العادي أو المتوسط، والتحلي بالجرأة والشجاعة والقيام بالمخاطرة؛ لأن الحذر لا يساعد على تحقيق الطموحات. كذلك الاهتمام والشغف بالإنجاز، وتحقيق النتائج وعدم إضاعة الوقت بالتفكير بالجهد والتعب والصعوبات خلال الطريق فقط، بل التركيز على الهدف النهائي والتقدم باتجاهه. كما أذكرهم بأن أصحاب الأداء المتواضع هم من ينتقد الآخرين، بينما المتميزون هم من يتطلعون إلى الأفراد الناجحين ويتعلمون منهم، ويطمحون لتحقيق نجاحات جديدة لم يسبقهم إليها أحد».
وأضاف: «عند وضع أهدافكم، لا تقوموا بتخفيضها، بل عليكم مضاعفتها»، ودعا معاليه أجيال المستقبل إلى تطبيق توجيه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد في العمل على مضاعفة الجهود بما لا يقل عن عشر مرات، موضحاً أن من أهم صفات النجاح هي التحلي بالتواضع والإيجابية، والانفتاح على تقبل الأفكار الجديدة التي قد تبدو غريبة للوهلة الأولى. ونحن في دولة الإمارات محظوظون؛ لأن قيادتنا الرشيدة تمتلك طموحاً لاحدود له، مما يفتح أمام الشباب أبواباً وفرصاً هائلة للخيال والطموح والابتكار والإبداع والإنجاز من دون حدود.