منى الحمودي (أبوظبي) 

ناقشت جلسات المحور الثالث والأخير من مجلس محمد بن زايد لأجيال المستقبل «الخمسون عاماً القادمة» الأهداف الأهم لدولة الإمارات خلال الخمسين عاماً القادمة، حيث أبرزت أهمية امتلاك رؤية واضحة للمستقبل والتحلي بالذكاء والكفاءة العالية للتعامل مع التحديات وإيجاد الحلول الفاعلة لها، والعمل على تكريس الابتكار لتحقيق الأهداف بعيدة المدى والتي سيتم من خلالها رسم مستقبل دولة الإمارات، حيث سيكون لشباب اليوم دور محوري ورئيس في مواصلة مسيرة الإنجازات وتمكين الدولة من تحقيق رؤيتها العالمية في الوصول إلى المراكز الأولى. وتطرقت الجلسات إلى أهمية التعاون بين القطاعين الحكومي والخاص لمواجهة التحديات القادمة، بالإضافة إلى بحث أهمية القطاعات الحديثة في صناعة المستقبل.

  • عهود الرومي

أكدت معالي عهود بنت خلفان الرومي وزيرة الدولة للتطوير الحكومي والمستقبل، في كلمتها الرئيسية على أن دولة الإمارات بقيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة «حفظه الله»، تواصل نهجها في الاستثمار بالإنسان وتمكينه للمشاركة في الجهود الوطنية لتحقيق الأهداف والأولويات وصولاً بدولة الإمارات إلى المركز الأول عالمياً بحلول الذكرى المئوية لتأسيسها.
وقالت معاليها: «الشباب هم أساس التنمية والطاقة المتجددة، ووسيلة الإمارات وهدفها لتحقيق الازدهار وبناء المستقبل، وإن جهود الحكومة لبناء قدرات الشباب ومهاراتهم، تترجم نهج صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي «رعاه الله»، ورؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، في بناء «جيل المهمة» من الشباب الذين يمتلكون الإرادة والخبرات والمهارات، ويسهمون في بناء المستقبل وتعزيز مسيرة التنمية».
وأضافت: «حكومة الإمارات تحرص على تعزيز مشاركة أفراد المجتمع في تصميم المستقبل، من خلال الاستفادة من رؤاهم وتطلعاتهم وأفكارهم، مشيرة إلى أن الحكومة تعمل بالشراكة مع المجتمع على تطوير الأفكار والمشاريع التي تلبي تطلعات مختلف الفئات المجتمعية، ضمن مبادرات الاستعداد للخمسين عاماً المقبلة، مؤكدة أن مهمة تنفيذ هذه المبادرات تعود لجيل المستقبل الذي سيحولها إلى واقع».
وتناولت عهود الرومي 3 توجهات مستقبلية رئيسية يجب التركيز عليها، تشمل اقتصاد المستقبل، والمهارات المتقدمة والتعلم المستمر، وتعزيز الصحة النفسية، وقالت: «إن الثورة الصناعية الرابعة ستوفر فرصاً عظيمة في قطاعات اقتصادية واعدة، وستتأثر جميع مجالات العيش والعمل والتنقل بالتحول الرقمي الذي سيوفر فرصاً تفوق 23 ترليون دولار خلال السنوات الخمس المقبلة، مشيرة إلى أن وظائف المستقبل ستعتمد على الرقمنة والتكنولوجيا، وسيتزايد الطلب على أصحاب تخصصات مثل علم البيانات وإنترنت الأشياء والذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني والطب التجديدي وطب الجينوم، ما يمثل فرصاً مستقبلية كبيرة للشباب».
وأكدت عهود الرومي أهمية العمل على تعزيز مهارات المستقبل لدى الشباب وبناء قدراتهم على التعلم والتطوير المستمر والقابلية للتأقلم والمرونة لمواجهة التطورات المتسارعة والحفاظ على مهارات متجددة تعزز جاهزيتهم لفرص المستقبل، ضمن التوجهات الرئيسية للمرحلة المقبلة، مشيرة إلى أن الكثير من الدراسات أكدت أن 149 مليون وظيفة جديدة ستنشأ بحلول عام 2025 وستعتمد في معظمها على مهارات المستقبل.
وأضافت أن التوجه الثالث يتمثل في موضوع الصحة النفسية، وما تمثله من محور بالغ الأثر على الأفراد في ظل هيمنة التكنولوجيا وتسارع وتيرة الحياة وتأثيرات وسائل التواصل الاجتماعي، التي ستزيد تحديات الصحة النفسية مثل الشعور بالقلق والوحدة، ما يؤثر على إنتاجية الشباب ومشاركتهم الفاعلة في المجتمع، داعية الشباب إلى الاهتمام بشكل أكبر بالصحة النفسية بوصفها جزءاً لا يتجزأ من مفهوم الصحة المتكاملة الجسدية والنفسية والاجتماعية.
وأثنت وزيرة التطوير الحكومي والمستقبل على دور مجلس محمد بن زايد لأجيال المستقبل في تحفيز وتشجيع الشباب على المشاركة الفاعلة في بناء المستقبل وتحقيق المستهدفات الوطنية وجهوده الحثيثة والمتميزة في تعزيز الوعي المجتمعي.

  • عبدالله بن طوق

حجم الاقتصاد  
في جلسة «مضاعفة حجم الاقتصاد خلال السنوات العشر القادمة»، استعرض معالي عبدالله بن طوق المري وزير الاقتصاد مع مجموعة من الشباب، خطط دولة الإمارات لمضاعفة ناتجها المحلي الإجمالي خلال السنوات العشر القادمة من 1.5 تريليون إلى 3 تريليونات درهم. والذي من شأنه المساهمة في حفز مسار النمو، وضمان تنوع الوظائف، وتوفير فرص ريادة الأعمال، وزيادة النشاط الاستثماري من خلال الشراكة مع القطاع الخاص، وبما يمكن الحكومة من معالجة التحديات الملحة في عصرنا الراهن، مع التركيز على الدور الذي سيقوم به الشباب للمساهمة الفاعلة في صياغة الأجندة الاقتصادية المستقبلة لدولة الإمارات العربية المتحدة.
وقال معاليه «إن استقطاب العقول والكفاءات المبدعة ذات المهارات المتميزة من مختلف أنحاء العالم هو توجه رئيسي في دولة الإمارات يسير جنباً إلى جانب مع حرص القيادة الرشيدة وصناع القرار على تنمية الكفاءات الوطنية وتمكينها لأخذ دورها كاملاً، وإتاحة الفرصة أمامها للإسهام في عملية التنمية المستدامة في الدولة، وأن الغاية من وضع هذه التوجهات هو تعزيز حالة التفاعل الإيجابي، وتكريس حضور الإمارات وجهة عالمية جاذبة للتميز والإبداع باعتباره أهم محاور بناء السياسة الاقتصادية للدولة خلال المرحلة الحالية».
وفي سؤال لمعاليه حول من هم المبدعون، ومن هم المبتكرون، ومن هم أصحاب العقول الذين ستحرص دولة الإمارات على استقطابهم على مدى عقد من الزمن؟، أشار معاليه إلى أن الإجابة على هذا السؤال وخاصة الشق المتعلق باستقطاب الكفاءات يتطلب إعادة النظر في جوانب عديدة أهمها قوانين الإقامة والجنسية على مستوى الدولة، وقد وجهت القيادة الرشيدة في الدولة بوضع سياسات واضحة لمنح الجنسية والإقامات الذهبية للعديد من المبدعين بمن فيهم رواد الأعمال، وأصحاب المواهب والمخترعون والمبتكرون وغيرهم.
وأوضح معاليه حرص دولة الإمارات على الاستفادة من جميع الممكنات والمحفزات، وقد استطاعت اليوم تحقيق التميز من خلال حضور ومؤشرات أداء اقتصادي قوي على مستوى المنطقة والعالم فهي الأولى عربياً، وضمن قائمة أفضل 20 دولة عالمياً على مؤشر سهولة ممارسة الأعمال الصادر عن البنك الدولي. ومن جهة أخرى الإمارات الأولى إقليمياً والرابعة عالمياً في المؤشر العالمي لريادة الأعمال 2020.
وأكد معاليه أن هدف دولة الإمارات هو تمكين 100 رائد أعمال جديد من الظهور سنوياً، وتحويل الشركات الصاعدة إلى شركات رائدة، ولتحقيق هذا نحتاج إلى الملاءة الابتكارية وملاءة ريادة الأعمال بمعنى أن خلق هذه البيئة المحفزة يقوم على حماية حفظ أفكار وحقوق الملكية الفكرية لرواد الأعمال، ومن ثم تقديم الدعم لهم لتحويل هذه الأفكار إلى مشاريع على أرض الواقع.
ورداً على سؤال حول قطاعات المستقبل التي سيتم التركيز عليها خلال الأعوام الخمسة المقبلة، وما هي القطاعات التي أصبحت في بؤرة الاهتمام بعد الجائحة؟ أجاب معاليه: «في عام 2019 عندما أطلق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي «رعاه الله» مختبر التشريعات في دولة الإمارات والذي يهدف إلى وضع قوانين مستقبلية للحكومة بناء على تجربة عملية، وكانت أولى التجارب فيه التعلم عن بعد. قد أثبتت هذه التجربة أن القطاع الرقمي مهم للغاية، وأن الاستثمار فيه مطلب مهم لجهة تطوير البنية التحتية. وينطبق هذا الأمر أيضاً على قطاع الصحة باعتبار الحفاظ على صحة الإنسان أولوية رئيسية، وقد ترافق هذا مع إنجاز نوعي تمثل بوصول مسبار الأمل إلى المريخ تأكيداً على النهج الاستشرافي لقيادتنا الرشيدة. ومن القطاعات المهمة التي نرى ضرورة التركيز عليها والاستثمار فيها قطاع تعدين الفضاء».
ورداً على سؤال آخر حول الكيفية التي يمكن بها لرواد الأعمال طرح أفكار جديدة في ظل المتغيرات الحالية أجاب معاليه: رائد الأعمال لاعب أساسي ضمن فريق يضم أربعة لاعبين آخرين هم الجامعات والكليات، والشركات الكبيرة، ورؤوس وصناديق الأموال، والحكومة التي يكون دورها متمثلاً بتحديد التحديات في حين يكون عمل باقي اللاعبين الآخرين العمل على وضع منظومة الحلول لها من خلال الابتكار والاستفادة من مقومات النجاح المتوفرة.
واختتم الحوار بسؤال حول أهم المبادرات التي يتم العمل عليها في القطاع الرقمي في الدولة، وأجاب معاليه بالقول: إن القطاع الرقمي ركيزة أساسية في استعداد الإمارات لعام الخمسين، حيث يوجد لدينا اليوم قوانين وتشريعات في هذا الشأن إلى جانب قانون خاص بالتجارة الرقمية. ونحن اليوم نتحدث عن تحولات كبرى تشهدها هذه القطاعات تتطلب مراجعة وإعادة تنظيم. وقد أثبتت جائحة كورونا أن الاستثمار في المنصات الرقمية مهم جداً لتوفير فرص عمل، ولدعم النمو الاقتصادي، وسيتم العمل قريباً على إصدار تشريعات وقوانين تصب في خدمة التطوير المستمر لهذا القطاع من خلال زيادة جهود البحث والتطوير، وبالتالي رفع مساهمة القطاع في الناتج المحلي الإجمالي، وتوفير وظائف للشباب في بيئة استثمارية رائدة على مستوى المنطقة.

  • سارة الأميري

«القطاعات الحديثة»
وفي جلسة «القطاعات الحديثة» قالت معالي سارة الأميري وزيرة دولة للتكنولوجيا المتقدمة «إن بعثة الإمارات للمريخ كانت عبارة عن سلسلة من التحديات، لكنها بدأت بفضل قيادة رشيدة امتلكت أحلاماً جريئة ودأبت مع فرقها على تحويلها إلى حقيقةٍ ملموسة. وينطوي هذا النجاح على أهمية كبرى لأي دولة تخوض غمار عالمي التكنولوجيا والفضاء، وتتبنى رؤيةً جريئة بجعل التكنولوجيا عماد صناعتها».
وأضافت: «ما نراه اليوم وما نعيشه هو ثمرة إدراك عميق وفهم واضح لكيفية بناء القدرات وتطوير قطاع من الصفر، وكيف يمكننا أن نجذب الإماراتيين لدعم رؤيتنا وخططنا في تطوير وإعلاء مكانة دولتنا».
وتابعت قائلة: «تعلمت من العمل على هذه البعثة دروساً مهمة: أولها، تجنبنا في الإعداد لهذه البعثة استخدام أي نموذج موجود مسبقاً. وأننا إذا أردنا النمو، علينا أن نتبنى فكراً متجدداً على الدوام.. وأن نتأقلم بسرعة ونتعامل بمرونة عالية.. وأن لا نتوقف عند حدود معينة. وأننا في كل مرةٍ نبدأ طريقاً جديدة ونخطُ مسارات جديدة، نصنع رحلة جديدة ننطلق بها».
وأضافت: «ثانياً، لم يكن لدينا حينها الكثير من الأنظمة الموجودة اليوم في قطاع الفضاء لننجز مهمتنا، لكننا استفدنا من هذه المهمة كوسيلة لتدريب موظفينا، والتحقق من قدرة بنيتنا التحتية على احتضان بعثات اكتشاف الفضاء، والتأكد من استعداد منظومتنا وصناعتنا لتصميم وتطوير وتصنيع أنظمة ومعدات خاصة للفضاء».
وقالت معاليها: «أمّا الدرس الثالث، فهو أن بعثات الفضاء بالغة الصعوبة والتعقيد. وارتكاب الأخطاء أمرٌ طبيعي ولا مفر منه، لكن يبقى الأهم أن نتمتع بالشفافية التي تجعلنا نتعلم من أخطائنا لنواصل السير قُدماً».
وأضافت: «أما الدرس الرابع، هو أن نجاح هذه المهمات منوطٌ بالفرق التي تعمل عليها، وأن شغف فريقنا بتحقيق هذا الهدف المشترك في الوصول إلى المريخ عنصرٌ مهم للنجاح. فقد كانت مهمتنا أن نُطلق المسبار في عام 2020 ليصل إلى المريخ في عام 2021، وقد عمل كل فردٍ في فريقنا كل ما في وسعه لتحقيق ذلك.

  • محمد الحمادي

الطاقة النووية
قال محمد الحمادي، الرئيس التنفيذي لمؤسسة الإمارات للطاقة النووية: «انضمت دولتنا خلال العام الماضي إلى مجموعة من الدول المتقدمة التي تمتلك القدرة والخبرة على إنتاج الكهرباء بوساطة الطاقة النووية، والذي يعد إنجازاً تاريخياً لدولة الإمارات».
و أضاف: إن رؤية القيادة الرشيدة تركز على تطوير قدرات الشباب العلمية والإبداعية، وقد جاء البرنامج النووي السلمي الإماراتي ترجمة واضحة لهذه الرؤية من خلال مساهمته في إيجاد منظومة علمية ساعدت في تطوير قدرات جيل جديد من الكفاءات الإماراتية المتخصصة بهذا القطاع العلمي المتقدم، وذلك إلى جانب مساهمته بتوفير العديد من البرامج التدريبية المتطورة، ومراكز تدريبية تطبيقية هي الأحدث على مستوى العالم.
وقال: «في عام اليوبيل الذهبي لدولة الإمارات نحن فخورون بأن محطات البراكة التي توفر الطاقة هي صديقة للبيئة، وتسهم في دعم التنمية الاقتصادية لحوالي أكثر من 60 عاماً قادمة، فهذه المحطات توفر حوالي 25 في المئة من احتياجات الدولة من الطاقة الكهربائية الخالية من الانبعاثات الكربونية على مدار 24 ساعة». وتابع «منذ اليوم الأول لهذا المشروع انصب تركيزنا على استقطاب الشباب، والمساهمة في تنمية مهاراتهم العلمية في هذا القطاع المهم، وذلك لخلق مجموعة من الفرص الوظيفية المجزية والمساهمة في تطوير جيل جديد من القادة في قطاع الطاقة على مستوى الدولة، حيث استفاد من هذه الفرص حتى الآن أكثر من 500 طالب إماراتي». وتوجه للشباب قائلاً: «ظاهرة التغير المناخي وأثرها على البيئة باتت من أهم القضايا والملفات المطروحة على طاولة البحث على مستوى المجتمع الدولي، ونحن نفتخر بجهود دولتنا الريادية في هذا المجال، ومساهمتها فيه من خلال التزامها بتطوير مشروعات مستقبلية تراعي الجوانب البيئية، وأشير هنا إلى أن المحطات النووية الأربع تساهم في تقليص الانبعاثات الكربونية بحوالي 21 مليون طن سنوياً وهي تعادل ما تنتجه جميع المركبات في الدولة». وقال الحمادي: «دولة الإمارات وفرت كل الإمكانات والفرص والمستقبل ينتظر ويراهن على شبابنا المتعلم، والمتخصص في المجالات التكنولوجية المتقدمة، فالمستقبل ينتظر الشباب وكلنا ثقة فيهم وما تبقى يقع على عاتقهم».

  • د. إريك زينغ

الذكاء الاصطناعي
قال البروفيسور إريك زينغ، رئيس جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي: «من المحتمل أن يُساء فهم الذكاء الاصطناعي على أنه تهديد للعامل الإنسان، أو أنه قد يؤثر على أمن وظائفنا، إلا أن الذكاء الاصطناعي في الحقيقة يقوم بدور معاكس تماماً، إذ أنه لا ينافس البشر على القطاعات التي يجيدون العمل بها، بل ببساطة يكمّل الجوانب التي لا يجيدون فعلها، أي أنه سيحسّن تجربة العمل بشكل أكبر».
وأضاف: «لذلك يمثّل إنشاء جامعة بحثية تحت اسم «الذكاء الاصطناعي» خطوةً جريئة وملهمة إلى حدٍ كبير، ويسرّني جداً أن دولة الإمارات هي من تقوم بهذه الخطوة للمرة الأولى في التاريخ البشري، والتي ستجعل الإمارات منافساً قوياً في مجالي التكنولوجيا والاقتصاد على مستوى العالم».
وتابع قائلاً: «وبالرغم من أنه من الممتع جداً لشباب دولة الإمارات أن يعاصروا هذه الحقبة الجديدة المشوّقة بحقّ، فإنني أرى أيضاً أنه من الضروريّ جداً أن يستعدوا ويتزودوا بالمهارات الضرورية، وأهمها تعلم الأساسيات في الرياضيات، واكتساب المهارات الاجتماعية مثل التواصل والتفاعل مع الآخرين».
وأشار إلى أنه من مخاطر هذا العصر الجديد الذي يتّسم بهيمنة وسائل التواصل الاجتماعي، والأتمتة، والذكاء الاصطناعي، هو أن العديد من الناس بدأوا يفقدون قدرتهم على التواصل الفعلي. ولذلك فإن الحلّ الأفضل لنا هو تحقيق توازن بين اقتناص الفرص واتباع النهج الجديد، وفي الوقت نفسه الحفاظ على عاداتنا. وسنكون بذلك أكثر استعداداً وقدرةً على الموازنة بين العادات الموروثة والتطوّرات الجديدة.

  • نورة الكعبي

جلسة «العوالم الرقمية» 
أكدت معالي نورة بنت محمد الكعبي، وزيرة الثقافة والشباب، خلال مشاركتها في جلسة «العوالم الرقمية وأبطال الابتكار» «إن دولة الإمارات وضعت استراتيجية اتحادية مدتها 10 سنوات لاستكشاف سبل قياس إمكانات القطاع الإبداعي والثقافي، ومع نمو هذا القطاع، نتطلع إلى خلق أكثر من 15 ألف فرصة عمل».
وقالت «هذا العام أعلنت دولة الإمارات عن تأشيرة الإقامة الذهبية لاستقطاب المواهب والكفاءات، ومنح الجنسية للمواهب احتفاءً بالتنوع. فأبطال الثقافة ليس بالضرورة أن يكونوا إماراتيين، وإنما يمكنهم أن يكونوا مقيمين في الدولة ويجسدوا روحها الأصلية، ويعكسوا قيمها العالمية، ورغم أننا نشهد ظروفاً غير مستقرة، إلا أن العالم الرقمي مكّننا من مواصلة تجارب الثقافة والإبداع حتى أثناء انتشار الجائحة».
وتابعت معاليها: «هنا في دولة الإمارات العربية المتحدة تحديداً، نمتلك أحدث وسائل التكنولوجيا والشبكات والاتصال المناسبة لمواصلة تجارب الثقافة والإبداع. ووجدت الفنون، مثل الموسيقى والرقص والمسرح والشعر، قبل التكنولوجيا الحديثة، وفي الوقت الراهن نحتاج إلى النظر في كيفية تحقيق التكامل بين أدواتنا الرقمية من خلال ضمان استمراريتها ونموها في آنٍ معاً». وأشارت معاليها إلى أهمية التركيز على اكتساب المهارات المتعددة بالنسبة للشباب الذين يتطلعون إلى بناء مسيرتهم المهنية في هذه الظروف. وقالت: «يتجه المستقبل نحو تعدد التخصصات والمجالات، لذا من المهم البقاء في الطليعة وتوخي الدقة فيما تختار دراسته. كما يحتاج الشباب اليوم إلى الانفتاح على الأفكار الجديدة، إلى جانب استكشاف وتحدي أفكارهم الخاصة، من خلال التفكير بشكل مختلف».

مصدر إلهام 
قال أميت سود، مدير معهد جوجل للفنون والثقافة: «شهدنا على مدار الاثني عشر شهراً الماضية تعطش الأشخاص الراغبين بالانخراط في أجواء المتاحف والفنون، وفي الحقيقة جميع أنواع المحتوى الثقافي تشكل مصدر إلهام وتعلم».
وأضاف: «لاحظنا زيادة مذهلة حول العالم للأشخاص الذين يسعون إلى التجارب التعليمية والتفاعلية المريحة التي تجمعهم معاً. وعلى وجه التحديد، نشهد اليوم تعطشاً متزايداً للتجارب المشتركة باستخدام تكنولوجيا الواقع المعزز باعتبار أن التقنيات الحديثة، مثل الواقع المعزز والألعاب، تبرز كمجالات هامة سيحتضنها قطاع الفن والثقافة كونها تتيح التواصل وتشارك الخبرات».
وأضاف: «الأمر لا يتعلق فقط بالعالم الرقمي بل إنه على الرغم من أن التوقعات تميل إلى التركيز على المستقبل، فإن إلقاء نظرة على الماضي لن يساعد فقط في حفز الإبداع، وإنما أيضاً في تمكين الشباب من بناء مسيرة مهنية أفضل ومهارات أقوى». وتابع «على الرغم من أهمية المهارات الرقمية، إلا أنها لن تأخذك بعيداً إذا لم ترفقها بتطوير مهارات التواصل والتعامل مع الآخرين، لأن كيفية تفاعلك مع الآخرين أمر بالغ الأهمية».

إنتاج المحتوى 
أكد حسين فريجة، مدير عام «سناب» في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، في حديثه بشأن مستقبل منصات التواصل الاجتماعي أن تفشي جائحة «كوفيد – 19» غيّر كيفية إنتاج الناس واستهلاكهم للمحتوى، حيث قال: «لمسنا لدى الناس خلال عام 2020 حاجة ماسة لم تقتصر على التواصل مع عائلاتهم وأصدقائهم فحسب، بل لإيجاد موارد جديدة موثوقة كذلك، فتحولوا تلقائياً إلى منصات التواصل الاجتماعي. وتلعب الكاميرات اليوم دوراً جوهرياً في حياتنا، إذ تحولت من مجرد جهاز يتيح للناس الاحتفاظ بأهم لحظات حياتهم، إلى برنامج جماعي يسمح لهم بالتواصل البصري ومشاركة تجاربهم. وستواصل الكاميرات مساعدتنا بشكل كبير وإثراء تجاربنا في كل مكان، لتصبح في نهاية المطاف وسيلةً مساعدة في احتياجاتنا الاستهلاكية، مثلاً: عبر فحص المنتجات التي يمكن شراؤها مباشرةً، لأن الفرص لا حصر لها». وقال فريجة مخاطباً الشباب الذين يطمحون إلى إطلاق مسيراتهم المهنية في هذه الأيام: ركزوا على شغفكم، وانتقوا الأمور التي تعتقدون أنها ستكون مؤثرة، واحرصوا على التحلي بالصبر، ورغم أن العالم يتغير من حولنا فإنه يتعين عليكم مواصلة التعلم. 

  • إيدي مارون

من جهته، أشار إيدي مارون، الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي لتطبيق أنغامي، إلى أن دور جائحة «كوفيد – 19» اقتصر على تسريع وتيرة تطور حتمي، وقال «قبل العام الماضي، ما كان ليخطر في أذهاننا بأن يشتري الناس تذاكر لحضور حفلات على الإنترنت، ولكن الأمر حدث». وأضاف مارون: رأينا كيف نجح بعض الأشخاص في أن يصبحوا مقدّمي برامج إذاعية ومنسقي أغاني على منصتنا بعد تزويدهم بأدواتنا التي مكّنت المبدعين، سواء كانوا موسيقيين أو مدونين صوتيين أو مقدّمي برامج، من إطلاق عروضهم الخاصة بسهولة ضمن المنصة، وحتى في تحقيق الدخل منها. ونظراً لأن الأدوات المتطورة التي ظهرت خلال العام الماضي كانت بالفعل في طور الإعداد، فإن الجائحة سرعت العملية فحسب. وفيما يتعلق بالإعلام الجديد أكد مارون بأن الإعلام الصوتي برز كلاعب مهم يقدم إمكانيات كبيرة، وقال: تؤكد الطفرة التي شهدها التدوين الصوتي، والنجاح الذي حققه تطبيق ’كلوبهاوس‘ بأن الإعلام الصوتي بدأ يلعب دوراً مهماً. كما توفر البنية التحتية والمنظومة المتوفرة في دولة الإمارات فرصة متميزة للنمو.

  • شما المزروعي

مفاتيح الازدهار 
دعت معالي شما بنت سهيل بن فارس المزروعي وزيرة دولة لشؤون الشباب، في كلمتها للشباب، إلى تركيز طاقاتهم ووقتهم واكتشاف رؤيتهم الشخصية، معتبرة أن كل يوم هو بمثابة خطوة تقربهم أكثر للوصول إلى أهدافهم وطموحاتهم والسعي إلى الإجابة إلى أين يريدون الوصول؟ وما هي البصمات التي سيتركونها في المستقبل. وتابعت معاليها: تمكنت دولة الإمارات من تحقيق قفزات في النجاح، وبالتزامن مع احتفالها بيوبيلها الذهبي للخمسين عاماً القادمة، وانطلاقاً من التزام الدولة وحرصها على صناعة مستقبل أفضل لأجيالنا القادمة، نريد أن يكون الجميع ملتزمين بالنمو والتوسع والمساهمة في تحقيق هدف الدولة. وخاطبت معاليها الشباب المشاركين في مجلس محمد بن زايد لأجيال المستقبل قائلة: «كل التغيرات تُولّد الفرص لإعادة ترتيب أولوياتنا، وأعتقد أن الفرص أمامنا كثيرة، فالطريق إلى النجاح هو دائماً طريق تحت الإنشاء».
 وأضافت معاليها: «كطلاب أو موظفين، لن نكون قادرين على تحقيق أداء أفضل ما لم نمنح أنفسنا مساحة أكبر للتعلم باستمرار، وقراءة ما بين السطور والتعمق فيها، فالتعلم لا ينتهي بمجرد إنهاء تعليمنا المدرسي أو الجامعي، وبلوغ القمة يحتاج إلى تعلم مستمر والتعلم يحتاج إلى قفزة استثنائية». واختتمت معاليها قائلة: «ما أحاول التأكيد عليه اليوم هو أنه بطاقات الشباب وقدراتهم يمكن للمجتمع إيجاد الفرص لمختلف المتغيرات وتجاوز تحديات كوفيد 19 وصولاً إلى مرحلة التعافي الشامل».

  • أساس الحياة هي مبادئنا وقيمنا كشباب (الاتحاد)

محمد القرقاوي: الشباب ثم الشباب
قال معالي محمد عبدالله القرقاوي، وزير شؤون مجلس الوزراء، إن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، يؤمن بالشباب وبقدراتهم في تحقيق الطموحات والإنجازات التي تتوافق مع تطلعات القيادة وطموحات شعب دولة الإمارات بأن نكون الأفضل، وبالمركز الأول، من خلال حرصه دائماً على إشراك الشباب في صناعة القرارات، ووضع السياسات، وتشكيله لفرق العمل التي تشرف على متابعة مسيرة ازدهار دولتنا وصناعة مستقبل مشرق لأجيالنا القادمة. 
وأضاف معاليه: «إن إخلاصنا كشباب وولاءنا وحبنا لوطننا وعملنا لأن نكون الأفضل وفق تطلعات قيادتنا وطموحات شعبنا هي دوافع ستحركنا نحو مستقبل أفضل، فنحن في الإمارات بدأنا منذ خمسين عاماً كحالمين ومؤمنين برؤية قيادتنا وآبائنا المؤسسين، وبأن بلادنا تستحق الأفضل، وعملنا ليلاً ونهاراً لتصل دولتنا إلى مكانتها العالمية». 
وقال معاليه: «أساس الحياة هي مبادئنا وقيمنا كشباب، فالحياة متغيرة باستمرار والأيام ليست مستقرة فهناك يوم جيد، وآخر صعب، ويوم آخر تواجهنا فيه تحديات مختلفة؛ ولذلك علينا دائماً أن نتمسك بقيمنا الإنسانية العليا التي غرسها آباؤنا في نفوسنا كالتواضع، ومساعدة الغير، وحب الخير لبلادنا، والحرص على أن تكون دائماً في المكانة التي تتوافق مع تطلعات قيادتنا الرشيدة، وفي المركز الأول على مستوى العالم بجميع المستويات».
وتابع معاليه: «إذا ما فكرنا وفق هذه المنظومة، وكما علمتنا قيادتنا الرشيدة بأنه لا وجود للمستحيل، بكل تأكيد ستكون هناك الكثير من الفرص المتاحة أمامنا، ولا بد من الإشارة إلى أن هذه الفرص تختلف من إنسان إلى آخر».
وأضاف معاليه: «اليوم نعيش في وقت يتعين علينا أن نعمل جميعاً على خلق الفرص عبر امتلاك القدرة على استشراف المستقبل والمتغيرات الموجودة فيه، ومن ثم تخيل الفرصة حتى نتمكن من خلقها، وتطبيقها في وقتنا الحالي، فالتطور الذي ستشهده السنوات الخمسين القادمة حضارياً، ومعرفياً، وتكنولوجياً وطبياً وتعليمياً سيعادل التطور الذي حققته البشرية منذ مئات الآلاف من السنين».
وتابع معاليه: «هذه المرحلة مهمة للغاية في تاريخ الحضارات، فنحن اليوم بدأنا الدقيقة الأولى من الساعة الأولى في اليوم الأول من السنة الأولى في مراحل التطور التكنولوجي، وما نراه في وقتنا الحالي يكاد لا يذكر من التطور في المستقبل، ولو نظرنا إلى مستوى المعرفة في السنتين الأخيرتين لوجدنا أنها تعادل إنتاج البشرية ككل منذ بداية الحضارة الإنسانية. ونحن اليوم نعيش واقعاً مختلفاً ينطوي على فرص مختلفة، ولكن يبقى العامل الأهم هو مدى قدرة الشباب على تخيل هذه الفرص ومعرفة فاعليتها وقدرتهم على تطبيقها وترجمتها على أرض الواقع».
وتوجه معاليه للشباب قائلاً: «إذا أحببت مجالاً وأبدعت فيه ستصل إلى هدفك، فقط قم بتنفيذه لأنه صواب وفقاً لقيمك ومبادئك ولما فيه مصلحة لبلادك إذا كنت تعتقد بأنه سيرفع مكانة مجتمعك وبلدك، ومن الطبيعي أن تواجه التحديات من محيطك أو في عملك، لكن تخيل دائماً النهاية كي تصل إلى هدفك».  وتابع معاليه: «نظرة الوالد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، بقيام دولة الاتحاد عميقة، واليوم نحن نشاهد ما كان غرسه في نفوس أبنائنا من قيم إنسانية، كالتسامح والعطاء والمحبة والإخلاص يطبق على أرض الواقع ليس في مجتمعنا فقط، بل إنما في باقي المجتمعات الإنسانية».
ودعا معاليه الشباب إلى ضرورة التمسك بالقيم الموروثة من آبائنا المؤسسين للتمكن من تحقيق المكانة التي نتطلع إليها لدولتنا، وقال معاليه: «من المهم جداً للشباب في المرحلة القادمة السرعة في تحويل الفرص إلى واقع في الخمسين عاماً القادمة، لأنه ستكون هناك قطاعات جديدة، وستكون فيها وظائف جديدة غير موجودة في وقتنا الحالي؛ ولذلك علينا أن نمتلك كشباب مهارات وأدوات قائمة على المعرفة كالبرمجة وريادة الأعمال، وكذلك طريقة تفكير تتسم بالمرونة». وأوضح معاليه: «علينا أن ندرك أن كل إنسان في المستقبل سيكون رائد أعمال سواء كان طبيباً أو محاسباً، لأن ريادة الأعمال هي مكون رئيسي في المستقبل». 
وتابع معاليه: «دورنا كحكومات يتمثل في توفير بيئة عمل صالحة فيها القوانين والتشريعات، وفيها أيضاً فرص متساوية. ولكن يبقى الدور الأهم للشباب هو اقتناص الفرص، وهذا ما تعلمناه من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم الذي يمتلك تفكيراً مختلفاً ورؤية سابقة لعصره، ويعمل بجد واجتهاد لتنفيذ كل فكرة يطرحها من خلال بناء فرق العمل».