ناصر الجابري (أبوظبي)

أكدت قيادات بقطاع النشر في «أبوظبي للإعلام»، أن جميع المنصات تواصل جهودها الهادفة إلى مواكبة تطلعات الجمهور، عبر توظيف المنصات الرقمية واستغلال التقنيات الحديثة واستخدام أحدث وسائل التواصل الاجتماعي في إيصال الأخبار والمعلومات والمحتوى، تلبية لرغبات المشاهدين والمستمعين والقراء من مختلف الشرائح المجتمعية. جاء ذلك خلال الندوة النقاشية التي نظمتها «أبوظبي للإعلام» عبر تطبيق «كلوب هاوس»، حول مستقبل قطاع النشر، والتي أدارها حمد الكعبي رئيس تحرير صحيفة «الاتحاد»، وبمشاركة كل من السعد المنهالي رئيسة تحرير مجلة «ناشيونال جيوغرافيك»، ومريم السركال مديرة منصات «عالم ماجد»، وفاطمة البلوشي رئيسة تحرير مجلة زهرة الخليج بالإنابة، وعائشة المزروعي مديرة منصة محتوى الرقمية، وبحضور عددٍ من القيادات التنفيذية. وسلطت الندوة النقاشية الضوء على عددٍ من المحاور أبرزها، جودة المحتوى والتنافسية على الصعيدين المحلي والإقليمي، والطفرة التقنية التي طرأت على وسائل النشر وتأثيرها على المحتوى، إضافة إلى قدرة المحتوى على الصمود أمام التحديات المتسارعة في عالم النشر الرقمي، وانتقال آلية النشر من المطابع التقليدية للخوادم الإلكترونية.

عبدالرحيم البطيح النعيمي: قادرون على مواكبة تغيرات الإعلام الجديد
أكد عبدالرحيم البطيح النعيمي، مدير عام «أبوظبي للإعلام» بالإنابة، أن صناعة المحتوى تمثل مطلباً رئيساً في العمل الإعلامي، حيث استطاع الإعلام الإماراتي أن يكون قادراً على صناعة الخبر ومن مصادره المتعددة، وأثبتت التجارب الأخيرة قدرة «أبوظبي للإعلام» على المنافسة باقتدار عبر صناعة الخبر وتقديمه للجمهور من مصادره الموثوقة والمتعددة. 
وأضاف: إن الإعلام الجديد يمثل عنصراً مهماً لإثراء الإعلام التقليدي الحالي الذي لا يجب أن نغفله، فهو مكمل لنجاحات الـ 50 سنة الماضية من قصة دولة الإمارات، لافتاً إلى أهمية أن يكون الإعلامي قادراً على التعامل مع الإعلام الجديد وأدواته لمواكبة تطلعات الدولة خلال العقود الخمسة المقبلة. 
وأشار إلى أن منصات «أبوظبي للإعلام» قادرة على مواكبة تغيرات الإعلام الجديد، مشيداً باختيار منصة رقمية جديدة، وهي «كلوب هاوس» لتنظيم الحلقة النقاشية، الأمر الذي يسهم في تطوير المحتوى والاستفادة من التجارب المتبادلة.

التحول الرقمي
قال حمد الكعبي رئيس تحرير صحيفة «الاتحاد»: سعت الصحيفة خلال الفترة الماضية للمضي قدماً نحو التحول الرقمي، عبر تقديم تطوير محتوى جديد يواكب التطلعات ويتوافق مع المتغيرات التقنية، وتواصل من خلاله الصحيفة دورها الريادي الذي استمر لأكثر من 5 عقود، حيث تعد مدرسة عريقة في عالم الصحافة، وتمتلك الخبرة الممتدة في صناعة المحتوى الذي توجه لمختلف شرائح الجمهور طوال عقود. 
وأضاف: إن النشر الورقي يُعد أداة من أدوات النشر ولا يمثل عملية النشر بأكملها، حيث توجد العديد من الأدوات والتقنيات التي تمثل فرصة للمنصات الإعلامية، حيث تواكب «أبوظبي للإعلام» هذه التقنيات الحديثة، وتوجد عبر جميع المنصات الرقمية، بهدف تقديم محتوى هادف يواكب الأجندة الوطنية لدولة الإمارات، ويعزز رسالتها السامية، ويرتقي بالوعي المعرفي لدى المتلقي. 
ولفت إلى أن عام 2021 يمثل بداية للتعافي التدريجي للقطاعات كافة من آثار أزمة «كوفيد - 19»، إلا أن تداعيات «الجائحة» ستلقي بظلالها على سلوكيات الجمهور، فالفترة الماضية أدت إلى وجود تغير ملحوظ لدى المتلقين، مع بروز مفاهيم العمل عن بُعد والتي عززت من التوجه نحو وسائل التواصل الاجتماعي وارتفاع حصتها بالمقارنة مع الإصدارات الورقية، حيث أنتجت «الجائحة» جمهوراً بتوجهات جديدة، أقل ارتباطاً بالنشر التقليدي، وأكثر حرصاً على المعلومة السريعة والمختزلة، وأكبر تفاعلاً مع المنصات الرقمية، ومهتماً بالبحث عن التطبيقات ذات التكلفة الزهيدة أو المجانية.

  • المشاركون خلال الحلقة النقاشية عبر «كلوب هاوس» (الاتحاد)

توعية العمال
وبين رئيس تحرير صحيفة «الاتحاد»، أنه وخلال أزمة «كوفيد 19»، قدمت صحيفة «الاتحاد» مبادرة بالوصول إلى عددٍ من فئات العمال، عبر تقديم المحتوى الورقي بلغات عدة، وبتوزيع ملصقات التوعية والمنشورات وبث المقاطع المرئية المختلفة؛ وذلك بهدف دعم جهود الجهات المعنية في تعزيز التوعية المجتمعية بالإجراءات الاحترازية، ولتقديم المحتوى الهادف القادر على الحد من تداعيات «الجائحة» عبر الوسائل التي تتناسب مع خصوصية الشريحة المستهدفة.

المنصات الإعلامية
من جهتها، قالت فاطمة البلوشي، رئيسة تحرير مجلة «زهرة الخليج» بالإنابة: إن التكنولوجيا لا تلغي المطبوعات ولكن تطورها، حيث تم تسخير التقنيات الحديثة للوصول للقراء والمتابعين بصورة أكبر، الأمر الذي أدى لنجاح المنصات الإعلامية في «أبوظبي للإعلام»؛ نظراً لتعامل المطبوعات مع الواقع الحالي، عبر إيجاد الطرق التي تمكن هذه المطبوعات من الوصول لأكبر شريحة من الجمهور. 
وأضافت: تم التركيز على تقديم المحتوى السريع والفوري عبر المنصات الرقمية، بينما يتركز الجانب التحليلي ضمن المجلة، نظراً لعصر السرعة الذي نعايشه حالياً، ووجود الرغبة لدى الجميع بالحصول على المعلومة السريعة والجاذبة في أقل وقت ممكن، الأمر الذي يدفع المطبوعات لتطوير الجوانب التحليلية واستخدام قدر أقل من الكلمات، والتركيز على الصورة وتغيير طرق الصياغة، بما يتناسب مع ذائقة المتلقين. وأشارت إلى أنه وبرغم التطورات، إلا أن مكانة المحتوى المطبوع لاتزال مستمرة، حيث لن تختفي المجلات نظراً لمكانتها وارتباطها لدى العديد من الشرائح المجتمعية، والتي لاتزال تفضل الظهور في المجلة باعتباره أمراً ملموساً ويُمكن الاحتفاظ به، لافتة إلى أن «زهرة الخليج» تشمل بموضوعاتها مختلف المجالات، منها الأسرة والفن والثقافة ضمن قالب واحد جاذب، بطريقة مبسطة مواكبة للجمهور.  

محتوى الأطفال
أكدت مريم السركال، مديرة منصات «عالم ماجد»، على التحدي المتمثل في تقديم المحتوى المقدم للأطفال، باعتبارهم الفئة الأصعب في الجذب نحو المحتوى المقروء، خاصة مع وجود تراجع عام في مستويات القراءة بالعالم العربي، نظراً لوجود المغريات من مثل المنصات الرقمية والألعاب الإلكترونية والقنوات التلفزيونية وظهور أمور أخرى طرأت على الساحة الإعلامية.  وأضافت: هناك اختلاف ما بين الأجيال السابقة والجيل الحالي في القدرة على الجذب، حيث تتمثل الفترة الزمنية لجذب الطفل نحو المحتوى، سواء كان مقروءاً أو مشاهداً بـ 10 ثوانٍ فقط، وهو ما دفعنا لإطلاق دراسة تمثل الأولى من نوعها في الشرق الأوسط لفهم عقلية الطفل وتوجهاته الفكرية وكيفية جذبه وفهم عمق شخصية الطفل، حيث وجدنا قدرة فائقة لديهم على التحليل والسؤال وفهم الشخصيات، الأمر الذي دفعنا لإطلاق هوية جديدة خلال العام الماضي. وأشارت إلى أن الأطفال خلال الفترة الحالية لا يبحثون عن الشخصية ذات البعد الواحد، بل يبحثون عن الشخصية متعددة الأدوار، حيث بذلنا جهداً كبيراً لمواكبة الفئة الموجودة حالياً والارتقاء بتطلعاتهم، عبر توظيف محتوى جديد يراعي التغيرات الحالية لديهم ويتناسب مع مستويات تفكيرهم.

الصورة والكلمة
قالت السعد المنهالي، رئيسة تحرير مجلة «ناشيونال جيوغرافيك»: لم تغير الطفرة التقنية من شكل المحتوى فقط، بل أصبح المحتوى متأثراً بالتقنية، حيث تزايد دور الصورة على حساب المادة المكتوبة، كما تعزز دور «الرقمنة» في طريقة عرض المحتوى ليكون أكثر قدرة على الجذب للمتلقين. وأضافت: إن المشاهد اليوم أصبح أكثر غموضاً وتعقيداً، نظراً لتعدد المنصات على وسائل التواصل الاجتماعي، واختلافها واختلاف طرق عرض المحتوى فيها، حيث يجب أن يتطابق المحتوى مع طبيعة المتابع ومعرفة ما الذي يحتاج إليه، الأمر الذي يشكل تحدياً علينا جميعاً، ففي كثير من الأحيان لا يدرك المتابع الهدف الحقيقي من كل منصة اجتماعية يستخدمها.  وأشارت إلى أن التحديات الإعلامية السابقة تمثلت في نوع الكلمة وطريقة تقديم المحتوى والسبق الصحفي، إلا أنه توجد تحديات مستحدثة، منها ضرورة دراسة سيكولوجية المتابع واهتماماته وساعات دخوله على المنصات الرقمية والمدة الزمنية الجاذبة له، وهي تحديات جديدة تضاف لصناع المحتوى، تتطلب المرونة للتعامل معها، لافتة إلى تجربة «ناشيونال جيوغرافيك» في تحويل المواد العلمية الصامتة نحو أشكال أخرى ممتعة تخاطب المتابع ومشاعره وتشركه في المادة المعلوماتية.

ديناميكية «الرقمي»
قالت عائشة المزروعي، مديرة منصة محتوى الرقمية: تتمثل أبرز التحديات الإعلامية في فهم ديناميكية الإعلام الرقمي والذي يتطلب تغيير الأدوات لمواكبة التطلبات الحالية، إضافة إلى تحليل البيانات ومعرفة توجهات الجمهور باعتباره المحدد الرئيسي الذي يحدد مسار المحتوى وطريقة عرضه. 
وأضافت: إن الأسلوب الأفضل في إيصال المعلومة يتمثل في السرد القصصي، حيث تقوم منصة «محتوى» بإبراز الأخبار بأسلوب قصصي غير تقليدي، بهدف إمتاع القارئ وصناعة جانب إنساني يرتبط به المتابع مع القصة الإنسانية، كما نحرص على توضيح القصص التي نقوم بتقديمها عبر الاستناد على الدراسات العلمية المرتبطة بنوع القصة المقدمة وتلبية شغف المعرفة. 
وأشارت إلى أن المنافسة اليوم لم تعد حكراً على المؤسسات الإعلامية، بل أصبح الفرد منافساً للمحتوى المقدم في المؤسسات، كما أصبحت الجهات الرسمية منافساً نظراً لحصول المتلقي على المعلومة بشكل مباشر من الحسابات الرسمية لهذه الجهات، عوضاً عن الاعتماد على وسائل الإعلام، وهو ما يعزز ضرورة التوجه نحو التميز في نقل المعلومة.