أبوظبي (الاتحاد)
أظهرت جائحة «كوفيد - 19» معادن الناس واختبرت عزائمهم، فعلى الرغم مما تسببت فيه الجائحة من شعور الكثيرين بالقلق والذعر، كانت الأزمة فرصة لأمل بدر البوسعيدي، لتعيد اكتشاف نفسها وقدراتها، ولتسخر مهارتها وقوتها لخدمة وطنها. تقول أمل: «عندما وصل (كوفيد - 19) إلى دولة الإمارات، لم أتردد لحظةً في تلبية نداء الواجب، كانت تلك هي اللحظة المناسبة للتحرك ورد الجميل للوطن، مستفيدة من التدريب العسكري، الذي أنهيته عام 2019، والذي أعدّني لمواجهة أي أزمة».
تطوعت أمل، الإماراتية التي تشغل منصب رئيس وحدة الدعم الفني في هيئة الهلال الأحمر الإماراتي والمقيمة في أبوظبي، على الفور للعمل عندما انتشر فيروس كوفيد - 19 في منشأة الحَجْر الصحي في غنتوت التابعة لقسم الهيئة الوطنية لإدارة الطوارئ والأزمات والكوارث.
أبدت أمل تجرداً وإخلاصاً كآلاف المتخصصين والمتطوعين الذين تصدوا للفيروس، وتم تكريمهم من قبل مكتب فخر الوطن، لمسارعتهم في تلبية نداء الواجب، وعملهم على حماية صحة الناس أثناء هذا التحدي العالمي الصعب.
بحيث ساعدت أمل الكثير من الناس على الاستقرار في موقع الحجر الصحي كمتطوعة في منشأة غنتوت، منذ تفشي الفيروس، وعملت كذلك على ضمان تزويدهم بكل ما يحتاجون إليه من الدواء والراحة وكافة سبل التعافي، والتأكد من محافظتهم على التباعد الاجتماعي، وتصف أمل دورها المهم الذي أدته بمنتهى التفاني بأنه يتطلب «التعاطف والتفاهم والأمل»، حيث تؤكد: «لا أنوي المغادرة حتى تنتهي هذه الأزمة أخيراً».
تستعيد أمل الأيام الأولى للجائحة وتقول: «أرسلت إلينا المستشفيات المرضى الذين لم تكن حالاتهم حرجة. كنا نعمل على تهدئتهم، فمعظمهم كانوا يعتقدون أنها النهاية. كانوا يأتون مباشرةً من المستشفيات ويحتاجون الكثير من المرافق والمستلزمات. كانوا بحاجةٍ لكل شيء وحرصنا على توفير أسباب الراحة لهم».
وتستطرد: «كانت الفترة الأولى صعبة جداً بالنسبة لي. في تلك الأيام كنا نرى ما يقارب المئتي شخص أو أكثر في كل فندق في الوقت ذاته، ذلك عدا الأطفال. كنا نعمل على مدار 24 ساعة يومياً، ونحصل على ساعتين من النوم في حال حالفنا الحظ. كان عليّ الاستعداد للعودة للعمل بمجرد أن يرن هاتفي، مهما كان الوقت».
عانت أمل كأغلب الأبطال الذين منعتهم «الجائحة» من رؤية أهلهم، حيث حالت الظروف الاستثنائية التي عاشها العاملون في خط الدفاع الأول من مشقة البعد عن الأهل، وفي حالة أمل؛ كان أشد ما عانته على المستوى الشخصي هو عدم رؤية والدتها لفترة طويلة خوفاً من نقل العدوى لها.
وتروي أمل قائلة: «كان الجزء الأصعب بالنسبة لي هو عدم قدرتي على العودة إلى المنزل لرؤية أمي، لأنه كان من الممكن أن أنقل إليها العدوى. بالنسبة لي، كان تأثير الأزمة عليّ أشدّ عندما ذهبت إلى بيتي لرؤية والدتي ليومٍ واحد بعد غياب ثلاثة أشهر. وخلال يومٍ واحد مرضت أمي وبدأت بالسعال الجاف، وأصيبت بالحمى وغيرها من أعراض «كوفيد - 19». على الرغم من أن نتيجة فحصي قبل زيارتي لها كانت سلبية، فأنا متأكدة بنسبة 90% أني كنت سبب إصابتها. واجهتني حقيقة أن والدتي قد أصيبت بالمرض نتيجةً لعملي. بكيت تلك الليلة كثيراً من شدة إحساسي بالذنب. وكان عليّ الاهتمام بوالدتي، لكني كنت في صراعٍ نفسيٍّ ما بين واجبي هذا وبين رغبتي في خدمة الوطن».
تعافت والدة أمل بعد وجودها فترة في العزل الذي كان، لحسن الحظ، في المنشأة نفسها التي تعمل بها ابنتها في غنتوت.
وحول هذه الفترة القاسية، تتذكر أمل: «كانت والدتي تخضع للعلاج في مركز العزل نفسه حيث أعمل، الأمر الذي مكنني من الاطمئنان عليها والتأكد من كونها مرتاحةً نفسياً. وبعد مرور شهر، تعافت والدتي، وسمح لها الأطباء بالعودة إلى المنزل».