ناصر الجابري (أبوظبي)

بلغ حجم استثمارات دولة الإمارات في القطاع الفضائي، 22 مليار درهم، وذلك دعماً للمشاريع والمهام التي يتضمنها برنامج الفضاء الوطني، وبهدف تأسيس بنية تحتية قادرة على مواكبة تطلعات ومستهدفات البرنامج خلال الفترة المقبلة، خاصة مع التطور المتسارع والمتنامي للصناعات الفضائية والتوجه الدولي نحو إدراج المفاهيم الاقتصادية للاستفادة من مخرجات البرامج الفضائية. 
وحددت السياسة الوطنية لقطاع الفضاء، عدة جوانب لأهمية البرنامج الفضائي منها الاستمرار في تنمية دور صناعة الفضاء في توسيع اقتصاد دولة الإمارات القائم على المعرفة والمهارات العالية، وتعزيز مساهمة صناعة الفضاء في تنويع اقتصاد الإمارات، إضافة إلى تطوير أساليب فعالة لجذب شركات الفضاء وزيادة الاستثمار في صناعة الفضاء الإماراتية.
وأطلقت وكالة الإمارات خطة تعزيز الاستثمار الفضائي، والتي تلقت «الاتحاد» نسخة منها، حيث تهدف الخطة إلى تحقيق هذه التوجهات في السياسة الوطنية للفضاء، وذلك من خلال تحديد نهج عالي المستوى في دولة الإمارات لتسهيل المزيد من الاستثمارات في صناعة الفضاء بالدولة وبما يساهم في تحقيق رؤية الإمارات والمئوية عام 2071، وخطة الثورة الصناعية الرابعة في تنويع واستدامة اقتصاد دولة الإمارات، وتعزيز اقتصاد الدولة القائم على المعرفة والابتكار والتقنيات المتقدمة. وتحفيز البحث والتطوير والابتكار. وتشجيع ريادة الأعمال والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة.
وتتضمن الخطة مجموعة من الأهداف منها، استدامة نمو شركات وقطاع الفضاء في الدولة، وزيادة مساهمة قطاع الفضاء الإماراتي في تنويع الاقتصاد الوطني وتوسيع الاقتصاد المعرفي، ودعم المصالح الوطنية الأخرى، وتعزيز الشراكة على المستوى الوطني والدولي، حيث سيتم تحقيق ذلك من خلال دعم ركيزتين أساسيتين. أولهما تطوير بيئة مواتية جاذبة لقطاع الفضاء، وثانيهما تطوير محرك الاستثمار الفضائي والكيانات الداعمة عبر إنشاء محفز ومنصة الاستثمار الفضائي، إضافة إلى تشكيل مجموعة الاستثمار الملائكي الإماراتية للاستثمار في الشركات الناشئة وعبر برنامج المسرعات لدعم رواد الأعمال للمشاريع والشركات الفضائية الناشئة.
ووفقاً للخطة، فإن عدد الدول التي تدير عمليات للأقمار الاصطناعية وصل إلى 59 دولة وتمتلك 10 منها قدرات إطلاق، و14 منها تعمل على برامج استكشاف الفضائي، بينما وصل إجمالي الاقتصاد الفضائي العالمي إلى نحو 400 مليار دولار، ويتكون79% من الخدمات الساتلية، و45% من صناعة المكونات الأرضية. 
وضمن محور غايات خطة تعزيز الاستثمار الفضائي، حددت الخطة عدة جوانب لتنفيذها، منها تطوير نظام إيكولوجي لصناعة الفضاء ودعم وتطوير تقنيات الفضاء التي ستخلق عامل جديد في القطاعات الأخرى على الأرض والوصول إلى البيانات الفضائية، كما سيتم زيادة عدد الشركات الجديدة وزيادة فرص العمل، وتعزيز استفادة القطاعات الأخرى من صناعة الفضاء والعمل على جعل الدولة مركزاً رئيسياً للعمل والاستثمار في الفضاء. 
وتضمنت الخطة، أنه سيتم جذب المزيد من الطلاب في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات وإنشاء قوة بشرية ذات مهارات عالية، والتي قد تستفيد منها جميع الصناعات الإماراتية، وزيادة أنشطة البحث والتطوير ودعم ثقافة الابتكار، إضافة إلى تحفيز وتسهيل الشراكة بين القطاع الحكومي والخاص والأكاديمي والبحثي في أنشطة ومشاريع ذات صلة بالفضاء. 

الأنشطة الفضائية
واستشرفت الخطة مستقبل الأنشطة الفضائية العالمية في عام 2030، حيث من المتوقع أن تبلغ قيمة الاقتصاد الفضائي 600 مليار دولار، ضمن نماذج للأعمال الجديدة مع إمكانية التسويق لمجالات تشمل البيانات وخدمة المعلومات الجغرافية، والمكونات والنظم الفرعية للأقمار الاصطناعية الصغيرة، والخدمات وإنترنت الأشياء وأنظمة الإطلاق الجديدة والتصنيع في مجال الجاذبية الصغرى والفضاء والطاقة.
وحددت الخطة 5 أنشطة لتطوير بيئة مواتية جاذبة لقطاع الفضاء، حيث تتضمن الأنشطة تعزيز الوعي والترويج للفرص في القطاع الفضائي، عبر تعزيز وعي المؤسسات العاملة بالقطاع الفضائي، باحتياجات السوق ومتطلبات الصناعات الأخرى، خصوصاً المحلية، ودعم الترويج لشركات وتطبيقات وخدمات وتقنيات القطاع الفضائي في الدولة، بما في ذلك الصغيرة والمتوسطة والناشئة، على العملاء والمستثمرين المحتملين في المستويين المحلي والعالمي، والعمل على تنظيم الفعاليات لجذب واستلام عروض المشاريع وفرص الاستثمار في قطاع الفضاء، ونشر الوعي عن جاذبية بيئة الأعمال والحوافز الجاذبة للشركات. 
وتتضمن قائمة الأنشطة، العمل على تطوير الإطار التنظيمي الفضائي، عبر تطوير إطار تنظيمي يمتاز بالشفافية والتفاعلية والبساطة والمرونة، ويهدف إلى تشجيع الأنشطة الفضائية والأعمال، وجذب الاستثمار والشركات الأجنبية إلى الدولة، نظراً لدور السياسات والتشريعات في دعم منظومة قطاع الفضاء الوطني، وتلبية احتياجات المستفيدين والشركاء الفاعلين ضمن القطاع، بما يخدم الأهداف الوطنية والاستراتيجية التي وضعتها الدولة للقطاع خلال الفترة المقبلة. وتشمل الأنشطة، تطبيق مفهوم الباب الواحد لتسهيل عملية التصريح وتأسيس الأعمال في قطاع الفضاء، بهدف جذب رواد الأعمال والشركات الناشئة الوطنية والأجنبية إلى الدولة، وتسهيل تأسيس أعمالها وتصريح أنشطتها، حيث سيتم العمل على إنشاء مركز موحد للأعمال، تابع لوكالة الإمارات للفضاء، يقوم بالتنسيق والاتصال مع كافة الجهات الحكومية، لتسريع عملية إصدار الموافقات والتصاريح والتراخيص المطلوبة، بما في ذلك الرخص التجارية. 

المناطق الاقتصادية
ووفقاً للخطة الوطنية، سيتم العمل على تشجيع إنشاء المناطق الاقتصادية الخاصة بقطاع الفضاء، عبر تحفيز ودعم المناطق الاقتصادية الخاصة في الدولة، من مثل مدينة مصدر ومدينة دبي الجنوب ومدينة المريخ العلمية، لجعلها مراكز إقليمية وعالمية لأعمال وشركات الفضاء، حيث سيساهم ذلك في مساعدة الشركات على الاستقرار في الدولة، كما يسهل على العملاء المستفيدين من الخدمات والتطبيقات الفضائية في زيادة هذه المراكز. 
وستعمل وكالة الإمارات للفضاء، على التنسيق مع الجهات المعنية في الدولة لتسهيل وتحفيز الأعمال الفضائية، وتسهيل إجراءات الجمارك وتسجيل براءات الاختراع، وأيضاً تعزيز التعاون ومشاركة الاهتمامات وفرص الشراكات مع مراكز البحوث والجامعات والمؤسسات الوطنية في القطاعات المختلفة، وإجراء مسابقات تجذب وتسلط الضوء على الأفكار والتطبيقات المبتكرة وتحفز رواد الأعمال. وتسهم الأنشطة الفضائية في تحقيق 3 مستهدفات رئيسية، تتضمن تعزيز مكانة الدولة كمنصة إقليمية للاقتصاد الفضائي القائم على تحقيق العوائد الربحية من الأنشطة الفضائية ذات الفائدة العلمية، وتطوير السياسات والتشريعات، بما يتوافق مع متطلبات المرحلة الراهنة ومستجدات التطور المتواصل في قطاع الفضاء الوطني، إضافة إلى تعزيز دور رواد الأعمال وشركات القطاع الخاص في دعم برنامج الإمارات الفضائي، عبر تأسيس المشاريع والشركات ذات الارتباط بمستهدفات القطاع.

الشركات الناشئة
وتضمنت خطة تعزيز الاستثمار الفضائي، الإشارة إلى دعم الشركات الفضائية الناشئة وريادة الأعمال في القطاع الفضائي، حيث سيتم العمل ضمن برنامج للمسرعات على تقديم الدعم الأفضل لرواد الأعمال والمشاريع والشركات الناشئة، من خلال تقديم دورات تدريبية متطورة حول إدارة الأعمال وتقديم المشورة خصوصاً حول المسائل المالية والقانونية والتسويقية والتوظيف، إضافة إلى تقديم الدعم والمشورة حول الشركاء المحتملين في الدولة وخارجها، حيث تسهم هذه الخدمات في تقديم المعرفة العامة حول بيئة عمل القطاع الفضائي وضمان الفهم الجيد لعناصره، بما يتيح الانخراط في شؤون القطاع بالاستناد على الخبرات التي يتم تزويده.
وفقاً للخطة، فإن وكالة الإمارات للفضاء ستعمل على تسهيل الأمور اللوجستية المبدئية، وكذلك تسهيل الحصول على التمويل والنمو، وتعزيز العلاقات والشراكات مع رواد الصناعة والشركات الكبرى، كما سيتم تطوير المسرعات من قبل الوكالة والجهات المعنية من المشغلين ومراكز البحوث والجامعات والمستثمرين وشركات القطاع الخاص، حيث يتمثل الدور الأساسي للمسرعات في ربط الشركات الناشئة بجميع الموجهين والمرشدين والموارد والتمويل.