إبراهيم سليم (أبوظبي)
افتتح معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان عضو مجلس الوزراء وزير التسامح والتعايش، صباح أمس، المنتدى الدولي للأخوّة الإنسانية الذي تنظمه وزارة التسامح والتعايش بالتعاون مع اللجنة العليا للأخوّة الإنسانية، ضمن أنشطة مهرجان الأخوة الإنسانية الذي تنظمه الوزارة على مدى 5 أيام، احتفاءً باليوم العالمي للأخوة الإنسانية الذي أقرته الأمم المتحدة مؤخراً.
وأكد معاليه خلال كلمته الافتتاحية أن المنتدى العالمي للأخوة الإنسانية الذي تنظمه اللجنة العليا لوثيقة الأخوة الإنسانية، ووزارة التسامح والتعايش في دولة الإمارات العربية، يأتي في إطار احتفاء الإمارات بمختلف مؤسساتها وفئاتها وقادتها وشعبها وكافة المقيمين على أرضها باليوم العالمي للأخوة الإنسانية، مؤكداً أن هذا المنتدى ينعقد مستنداً إلى رؤية قداسة البابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية وفضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، والتي تم التعبير عنها في إعلان مبادئ وثيقة الأخوة الإنسانية، كما يمثل المنتدى احتفاءً بالجهود المخلصة التي اطلع بها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة في نقل رسالة التسامح والأخوة الإنسانية والقيم الأخلاقية من دولة الإمارات إلى العالم.
وأوضح معاليه أن وثيقة أبوظبي للأخوّة الإنسانية تدعو الجميع إلى أن يُلزموا أنفسهم «بالعمل جدياً على نشر ثقافة التسامح والتعايش والسلام، والتدخل فوراً لإيقاف سيل الدماء البريئة، ووقف ما يشهده العالم حالياً من حروب وصراعات وتراجع مناخي وانحدار ثقافي وأخلاقي» (مقتبساً من نص الوثيقة)، كما تؤكد الوثيقة أن التسامح يعزز الصفات الإنسانية، ويثري التجارب التي تدعو إلى توحد جميع الشعوب بدلاً من الفرقة والانقسام، وتؤمن للجميع نصيباً في الرفاهية العامة والسعادة، بغض النظر عن الاختلافات الثقافية والعرقية والدينية، حتى تجتمع الشعوب من كافة أنحاء العالم على إنسانيتنا المشتركة، وأن يدرك الجميع أن التعصب يؤدي إلى حدوث انقسام بين الشعوب.
وأشار معالي الشيخ نهيان بن مبارك إلى أن وثيقة أبوظبي للأخوة الإنسانية تمثل بياناً لحقيقة مفادها، أن الإمارات تعد واحدة من أكثر الأماكن سلاماً وازدهاراً على وجه الأرض، حيث يعيش على أرض الإمارات مقيمون من خلفيات دينية وثقافية وعرقية مختلفة من حوالي 200 جنسية مختلفة، يتفاعلون ويعملون في سلام ووئام، وينعمون بالازدهار. مؤكداً أن ذلك يعبر عن إيمان الإمارات الراسخ باحترام الجميع مهما كانت اختلافاتهم وتباينهم، حيث حبا الله الإمارات بقيادة حكيمة وذات رؤية ثاقبة، بدايةً من الأب المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، فقد كان الشيخ زايد قائداً استثنائياً منفتحاً على العالم، ويتعامل بإيجابية مع الجميع، وكان ملتزماً بقيم التراحم والحوار والأخوة الإنسانية والتعايش السلمي والمساواة للجميع، كما كان يؤمن أن تقدير الآخرين واحترامهم والقدرة على العيش معهم والإنصات إليهم من شأنه أن يوفر أساساً سليماً لدولة مدنية تنعم بالسلام والازدهار.
وأضاف معاليه أن الله أنعم علينا بأن دولتنا العزيزة قد استمرت في الالتزام بالقيم والمبادئ الإنسانية في ظل القيادة الحكيمة لصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله ورعاه، وأخيه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، وأخيه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، ومعهم جميع قادة الدولة الكرام.
وقال معاليه: «إنه بينما نواصل المضي قدماً في ظل هذه الجائحة التي يشهدها العالم، تزداد أهمية قيمة الأخوة الإنسانية أكثر من أي وقت مضى بوصفها مبدأً عالمياً لا غنى عنه لعبور هذه الأزمة العالمية بنجاح، وبعد سنوات من الآن، عندما نتأمل هذه اللحظات، لا شك أننا سنتحدث عن أن قيمة الأخوة الإنسانية هي من حافظت علينا ومنحتنا الطاقة والعزم من أجل النجاح، وبروح تتسم «بالأخوة الإنسانية»، أدعوكم جميعاً للعمل على تعزيز إدماج جميع مناطق العالم في رحلة تقدم البشرية، وأدعوكم للعمل معاً للتخلص من أي سوء فهم ناجم عن الفروق الثقافية والدينية، كما أدعو هذا المنتدى للمساعدة في جعل الأخوة الإنسانية مجالاً للابتكار والمبادرة، وسبباً في تعزيز العمل المشترك والمشاركة الفعالة من الجميع ولمصلحة الجميع، وأدعوكم أن تنضموا إلينا في الإمارات في جهود إبراز أن التعددية في المجتمعات البشرية التي تتسم بالتنوع تمثل قوة إيجابية وخلاقة تدعم التنمية والاستقرار، ونتطلع لعملنا معاً متسلحين بإيماننا الراسخ بقدرة الأخوة الإنسانية على تشكيل مستقبلنا ومساعدتنا في حل كثير من التحديات العالمية الكبرى التي تواجه عالمنا. وسنعمل جميعاً على إعلاء قيمة السلام والحفاظ على التقدم البشري، سواء في مجتمعاتنا المحلية أو العالمية.
وأضاف معاليه:«إنه لن تستطيع أي دولة أو أي مجتمع على الإطلاق تحويل الجميع إلى اعتناق معتقد ديني وحيد، لذا فأفضل ما يمكننا القيام به أن نتنافس مع الآخرين في الفضيلة. في القرآن الكريم يخاطب الله عز وجل جميع البشر قائلًا: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا» ونحن في الإمارات ملتزمون تماماً بالتصرف وفقاً لمبدأ «لتعارفوا»، حيث تمثل مواقفنا تجاه مختلف المعتقدات الدينية عنصراً أساسياً في رؤية دولة الإمارات العربية المتحدة، إذ أن رؤيتنا تعد رؤية عالمية بسبب أن دولتنا تمثل موطناً لمجتمع عالمي، ونسعى دائماً إلى المزيد من الازدهار والسلام والوئام لمجتمعنا العالمي.
متحدثون
تحدث خلال الجلسة الافتتاحية للمنتدى الذي انطلق افتراضياً، وشهده أكثر من 1900 من المسؤولين الدوليين والخبراء والأكاديميين من الإمارات والوطن العربي والعالم، من المهتمين بقضايا التسامح والتعايش والأخوّة الإنسانية، حيث تحدث في الجلسة التي حملت عنوان «الأخوة الإنسانية من أجل العمل المشترك لتحقيق مستقبل أفضل» كل من معالي ريم بنت إبراهيم الهاشمي وزيرة دولة لشؤون التعاون الدولي، ومعالي الشيخ خالد بن خليفة آل خليفة رئيس مركز الأمناء لمركز الملك حمد للتعايش السلمي، والدكتور شينغ س يو، نائب المدير العام لمنظمة (اليونسكو)، ومعالي محمد خليفة المبارك رئيس دائرة الثقافة والسياحة، أبوظبي، ليما غبوي الناشطة والحائزة جائزة نوبل للسلام، والمستشار محمد عبد السلام الأمين العام اللجنة العليا للأخوة الإنسانية، أمبريو أنجليلوتشي مدير اتحاد السلام العالمي، وتناولت الجلسة مناقشة كافة الموضوعات التي تتعلق بثوابت وثيقة الأخوّة الإنسانية وسُبل ترسيخها، من خلال العيش والعمل المشترك من أجل السلام العالمي، وتشارك شركة مجموعة اتصالات في هذا الحدث العالمي الكبير راعياً رئيساً لجلسات المنتدى كافة.