مصطفى عبد العظيم(دبي)

يشرع إكسبو 2020 دبي أبوابه في 22 يناير الجاري لاستقبال الزوار من سكان الإمارات، لاستكشاف جناح الاستدامة «تيرا»، ضمن برنامج يمتد حتى 10 أبريل لفتح أجنحة الموضوعات الثلاثة، والتي تشمل كذلك جناحي الفرص والتنقل، أمام مجتمع الإمارات ليكونوا أول من يستكشف هذه الأجنحة قبل انطلاق الحدث رسمياً في أكتوبر المقبل.
وتستعد «تيرّا»، الكلمة اللاتينية التي تعني الأرض، وهي اسم جناح الاستدامة في إكسبو 2020، للترحيب، بما يتراوح بين 3 آلاف إلى 5 آلاف زائر في اليوم، ضمن ساعات عمل محدودة ومقيدة بالسعة الاستيعابية، نظراً إلى ضرورة التقيّد بتدابير معزَّزة للصحة والسلامة، وأخذهم في رحلة عبر عجائب الطبيعة، تسرد القصة الساحرة لعلاقة البشرية بالطبيعة، ومدى الترابط المعقد بينها، الذي يتجسد في أن معاناة أي منها تعني معاناة بالآخر، وصولاً إلى استخلاص الحلول في نهاية الرحلة لبناء مستقبل أفضل وأكثر استدامة، وكسر حلقة السلوك الاستهلاكي، ومن ثَمّ يحث الزوار ليصبحوا دعاة للتغيير.
ويمنح العرض الأول للأجنحة فرصة محدودة المدة ليشاهد الزوار عن كثب أجنحة الموضوعات في إكسبو 2020، فضلاً عن أنه سيقدم لمحة عما يمكن توقعه عندما تنطلق فعاليات إكسبو 2020، أول إكسبو دولي يُقام في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا وجنوب آسيا، من الأول من أكتوبر 2021 إلى 31 مارس 2022.

الوادي العربي 
تبدأ تجربة الزائر لجناح «تيرا» التي تم الكشف عنها أمس، بجولة عبر الزمن في الوادي العربي، حيث كانت الفهود والأفيال الضخمة تعيش وتجول، ومشاهدة مجسمات عملاقة مستوحاة من ألعاب معروفة في مدن الملاهي تشرح قضايا الاستدامة ومفاهيمها، بما في ذلك متاهة توازن عملاقة تتطلب من الزوار التعاون لتحقيق التوازن على كوكب الأرض، يعقبها جولة تفاعلية عبر جذور الغابة، حيث ستؤثر كل خطوة على شبكة الأخشاب العنكبوتية، وهي عبارة عن شبكة متشابكة مذهلة من الجذور والفطريات تتيح للأشجار التواصل وتشارك الموارد.

أعماق البحار
 ينطلق بعدها الزوار في جولة استكشافية «في أعماق المحيط» لاستكشاف جماله وأسراره الخفية، ثم يتجهون عبر رحلة في قاعات الاستهلاك، تكشف حجم الضرر الناتج عن اختياراتنا، يعقبها لقاء مع ناشَر - وهي آلة استهلاك عملاقة تبين كيف تُدمَر الموارد الطبيعية لإنتاج المنتجات الاستهلاكية، ولقاء آخر مع سمكة عملاقة من أعماق البحر تعرّض جهازها للتعطل والانسداد بسبب المخلّفات البلاستيكية.

سيناريوهات هل تفضل؟ 
بعد أن يتوقف الزوار قليلاً لالتقاط أنفاسهم المنبهرة مما رأوه من روعة عالم الطبيعة، سينتقلون لمواجهة واقع التأثير السلبي للبشرية على الطبيعة، وتأخذهم الرحلة إلى سلسلة سيناريوهات «هل تفضل؟» لحثهم على التفكير في مدى التأثير المباشر للسلوك البشري على كوكبنا، يتجهون بعدها إلى مختبر قيَم المستقبل، وهو مساحة للتفاؤل تعرض حلولاً للتحديات والقضايا والمخاوف التي نواجهها على مستوى البيئة، والتي أُثيرت عند الزائر أثناء جولته.
وتتوج تجربة تيرّا بالطلب من الزوار أن يقدم كل منهم تعهداً شخصياً بدعم التغيير الإيجابي من خلال خطوات بسيطة مثل تقليل الطعام المهدر، أو عدم استخدام الأوعية البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد.

بدء الحجز المسبق للتذاكر
يمكن حجز تذاكر العرض الأول للأجنحة ابتداء من 16 يناير عبر الرابط المخصص للحجز، وتبلغ تكلفة كل زيارة 25 درهماً.
ويحث إكسبو 2020 دبي الزوار على الحجز المسبق، وستفتح التجربة أبوابها من الساعة 3 عصراً إلى الساعة 9 مساء من الثلاثاء إلى الخميس، ومن الساعة 4 عصراً إلى الساعة 10 مساء يومَي الجمعة والسبت، وذلك ابتداء من 22 يناير إلى 10 أبريل 2021.

الاستدامة في إكسبو 2020 
تشكل الاستدامة واحدة من الموضوعات الرئيسية في إكسبو 2020 دبي، حيث سيكون الحدث الدولي، طيلة فترة انعقاده الممتدة على ستة أشهر، منصة لإحداث التغيير، ومشاركة الحلول، واستكشاف الأفكار الجديدة التي تشجّع على العمل معاً من أجل حماية كوكب الأرض.
ويتناول موضوع الاستدامة في إكسبو 2020 الأبعاد البيئية والاقتصادية والاجتماعية للأماكن التي نعيش فيها، ويسعى إلى إحداث أثر بيئي إيجابي على المستوى المحلي، وإقليمياً، وعالمياً، فيما سيجسد «تيرّا» التزام دولة الإمارات العربية المتحدة وإكسبو 2020 بمفهوم الاستدامة، ليكون عاملاً محفّزاً للتغيير في دولة الإمارات والمنطقة، وفي العالم أجمع.

«تيرا» مركزاً للعلوم ضمن إرث إكسبو 
يمثل جناح الاستدامة كذلك مثالاً يُحتذى على مستوى التصميم المعماري المستدام، وسيكون جزءاً من الإرث الذي سيخلّفه إكسبو 2020 بعد انتهاء فعالياته، إذ سيتحول إلى مركز للعلوم، وسيُلهم الخيارات المستدامة للأجيال المقبلة، ويخطط لأن يصبح الجناح مرحلة الإرث مبنى ذاتي الاستدامة يولّد احتياجاته الخاصة من طاقة ومياه بنسبة 100 %.

تصميم جناح الاستدامة 
صممت الجناح شركة «غريمشو أركيتكتس»، على أن يكون مطابقاً لمعايير المباني الخضراء الحاصلة على شهادة «لييد» البلاتينية للريادة في تصميمات الطاقة والبيئة، ويستمد الشكل الديناميكي للجناح الإلهام من العمليات الطبيعية، مثل التمثيل الضوئي، وهو ما يخدم وظيفته، إذ يستخلص الطاقة من أشعة الشمس ويحصد الماء العذب من رطوبة الهواء.
1055 لوحة شمسية تغطي سقف جناح الاستدامة«تيرا» - الممتد على 130 متراً، تنتج 4 جيجاوات في الساعة من الطاقة البديلة في السنة، ما يكفي من الكهرباء لشحن 900 ألف هاتف محمول.‎

فعاليات ترفيهية وتثقيفية 
 سيستضيف جناح الاستدامة الذي يغطي مساحة 6300 متر مربع، ويتسع لـ4400 شخص في الساعة، أيضاً فعاليات ترفيهية وتثقيفية، كالعروض العلمية والثقافية التي تحاكي موضوع الاستدامة.

ريم الهاشمي: إكسبو 2020 فرصة لتحفيز التآزر الإنساني بعد العزلة
قالت معالي ريم بنت إبراهيم الهاشمي، المدير العام لمكتب إكسبو 2020 دبي ووزيرة الدولة لشؤون التعاون الدولي، إن فتح جناح الاستدامة في إكسبو 2020 دبي أمام الزوار يشكل علامة إيجابية بارزة نستهل بها العام 2021، وليكون مجتمع دولة الإمارات أول من يستكشف تيرّا – جناح الاستدامة، في أوقات لم يشهد تاريخنا مثيلاً لها من قبل على صعيد تأثيرها على البشرية، مؤكدة أن إكسبو 2020 دبي سيشكل فرصة لتعزيز التآزر الإنساني، واحتضان العالم من جديدة بعد شهور من العزلة.
وأضافت معاليها أن «هذه الفترة من التغيير السريع الوتيرة الذي لا سابق له تصحبها حاجة ملحّة إلى إعادة النظر في طريقة عيشنا، ويزداد هذا التغيير سرعة إثر أزمة صحية عالمية طالت كل فرد من سكان كوكب الأرض. ومع العلم أننا قد نتذكر العام 2020 على أنه العام الذي قلب حياتنا رأساً على عقب إلى الأبد، إلا أنه منح المجتمع العالمي فرصة هائلة للاتحاد، وإيجاد حلول لتحدياتنا الأكثر إلحاحاً».
وتابعت معاليها:«تظل هذه هي الغاية المحورية لإكسبو 2020 دبي ولرؤية قيادة دولة الإمارات، فيما تحث أجنحة الموضوعات لدينا، الفرص والتنقل والاستدامة، على العمل الجماعي لمعالجة هذه التحديات بهدف صنع مستقبل أفضل للبشرية بأسرها».
وقالت معاليها إن الصحةُ والسلامةُ كانت من أهم مقومات الإعداد لهذا الحدث الدولي، سواء فيما يخص أجنحةِ الموضوعاتِ والمساحات العامةِ، أو جهودِ المشاركين الدوليين وشركاء اكسبو 2020، أي أكثر من 200 دولةٍ ومنظمةٍ أكدت التزامها تجاه إكسبو، وعملت بِناء على ذلكَ الالتزام.   وأوضحت معاليها أن تلك الدولُ والمنظماتُ لم تتوقف عن البناءِ أو التخطيط لوقت الحدث الدولي. وقالت معاليها «إن قدرتَنا على استقبالِ الزوارِ الآن تعودُ في المقامِ الأولِ إلى الرؤية الثاقبة والتوجيه المستمر من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، لجميع المؤسسات لضرورة العمل كفريق واحد وبروح إماراتية واحدة، ليضيف هذا الحدث بصمةً جديدةً لسجل الإنجازات الحافل لدبي.

  • مرجان فريدوني

مرجان فريدوني: 25 مليون زيارة متوقعة
قالت مرجان فريدوني، الرئيس التنفيذي لتجربة الزائر في إكسبو 2020 دبي، إن إكسبو 2020 دبي يسعى إلى أن يكون واحداً من أكثر نسخ إكسبو الدولي استدامة في التاريخ، ويدعم جهود دولة الإمارات في ريادة التنمية الخضراء، الأمر الذي يجعل من الملائم أن يستمتع الزوار الأوائل من مجتمع الإمارات بالعرض الأول لجناح الاستدامة، الذي يجسّد تجربة تفاعلية وشخصية تسلط الضوء على ضرورة معالجة مجموعة من أكبر التحديات البيئية في العالم.
وأضافت أن المعرض يستهدف استقطاب 25 مليون زيارة مع مراقبة مستجدات الجائحة وتأثيراتها عالمياً.

  • أحمد الخطيب

أحمد الخطيب: مليار درهم تكلفة إنشاء جناح تيرا 
قال أحمد الخطيب، الرئيس التنفيذي للتطوير والتسليم العقاري في إكسبو2020 دبي، إنه في الوقت الذي تبلغ فيه تكلفة جناح الاستدامة في إكسبو 2020 دبي نحو مليار درهم، إلا أن القيمة الحقيقية تتمثل في الأهمية الاستثنائية التي سيقدمها الجناح لخدمة مستقبل البشرية، مؤكداً جاهزية موقع إكسبو لاستقبال العالم في أكتوبر 2021 عبر مختلف السيناريوهات المرتبطة بالتعامل مع آثار جائحة كوفيد-19.

أشجار الطاقة 
تُنتج الطاقة ألواحاً كهروضوئية على أعلى المواصفات، بينها 1055 لوحاً مُرتَّبة على مظلة السقف البالغ عرضها 130 متراً وكذلك أعلى سلسلة من أشجار الطاقة المنتشرة ضمن المناظر الطبيعية، فيما تستمد مظلة جناح الاستدامة الإلهام من شجرة الغاف التي ترمز إلى تجربة الجناح بالكامل، لتنتج جميعها 4 جيجاوات /‏‏ساعة من الطاقة البديلة سنوياً، ما يكفي لقيادة سيارة «نيسان ليف» الكهربائية لمسافة تعادل نصف المسافة التي تفصلنا عن كوكب المريخ.
وفيما يتّبع تصميم السقف مبادئ الطبيعة، ليضم أكبر مساحة ممكنة من الألواح الشمسية، ويسهل عملية التنظيف، تحيط أشجار الطاقة تلك بالمبنى، لتغطية المساحات الخارجية بالظل، وستتبع مسار الشمس لتوليد أكبر قدر ممكن من الطاقة.

شجرة المياه 
وفي منطقة الجناح، توجد أيضاً تقنية متطورة تُدعى «شجرة المياه»، تستخدم هيكلاً معدنياً عضوياً ومبتكراً، ويمكنها استخلاص الماء من رطوبة الجو كما تمتص الإسفنجة الماء، وتعمل بالطاقة الشمسية بالكامل.
وصُمم جناح الاستدامة ليحقق اكتفاءه الذاتي من الطاقة والمياه، عبر استخدام استراتيجيات خفض استهلاك المياه، وإعادة تدوير المياه، ومصادر المياه البديلة، ويُجمَع الماء المكثّف من نظام معالجة الهواء، ثم يُنقّى، ويُطهَر، ويُمزَج بالماء متوسط الملوحة الموجود بالقرب من السطح، الذي يخضع للتحلية في الموقع لتزويد الجناح بالماء الصالح للشرب.
وكلما ازدادت حرارة الهواء في الخارج وازداد عدد زوار الجناح، ازدادت تبعاً لذلك كميات الماء المكثّف للاستخدام داخل الجناح. وتساعد المقْصَبات كذلك في عملية التنقية الطبيعية للمياه.

تقنيات ري مبتكرة 
يغطي جناح الاستدامة والأراضي المحيطة به نحو 25.000 متر مربع، وستكون هذه المساحة مزودة بتقنيات ريّ مبتكرة، بما فيها نظام لإعادة تدوير المياه الرمادية، ونباتات محلّية لخفض استهلاك المياه بنسبة 75 في المئة.
وانطلاقاً من التنوع البيولوجي الغني للمنطقة، والطرق الباهرة التي تكيّفت بها الطبيعة مع المناخ القاسي والظروف المليئة بالتحديات، ستعرض حدائق الجناح محاصيل جديدة يجري تطويرها للمناخات الجافة، ويمكنها المساهمة في تحقيق أمن المنطقة الغذائي في المستقبل.