تحت رعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وبحضور سموه عن بُعد عبر الاتصال المرئي لجانب من جلساته، اختتمت اليوم في دبي أعمال منتدى الإعلام العربي عبر دورة افتراضية استثنائية هي التاسعة عشرة ضمن دورات الحدث الأكبر من نوعه على مستوى المنطقة والذي ينظمه سنوياً "نادي دبي للصحافة" لمناقشة واقع ومستقبل العمل الإعلامي العربي بمشاركة نخبة من الساسة والقيادات الإعلامية ورموز الفكر والثقافة والكُتَّاب ورؤساء وكالات المعلومات والأخبار ورؤساء تحرير الصحف، وقيادات المؤسسات الصحافية والتلفزيونية والإذاعية ومسؤولي المواقع الإلكترونية الإعلامية العربية والعالمية.
وقد تم نقل فعاليات المنتدى عبر تغطية مباشرة لجميع جلساته والتي تخللها حفل جائزة الصحافة العربية، عبر مختلف المنصات الرقمية وشبكات التواصل الاجتماعي التابعة لنادي دبي للصحافة وعلى الموقع الإلكتروني للنادي ولمنتدى الإعلام العربي، حيث تجاوز عدد المتابعين أكثر من 10 آلاف متابع على تويتر لايف، وفيسبوك لايف، وانستجرام لايف، بالإضافة إلى المنصة الرسمية الخاصة للدورة الافتراضية للمنتدى هذا العام، ليرسّخ المنتدى مكانته كأكبر حدث سنوي للوقوف على حال الإعلام العربي، حيث شكلت التغطية الواسعة للمنتدى على مختلف المنصات الرقمية وشبكات التواصل الاجتماعي تجربة تفاعلية فريدة في مجالات الابتكار الإعلامي، وصورة واقعية لما يمكن أن يصبح عليه الإعلام العربي في المستقبل.
وألقى الكلمة الرئيسية للمنتدى، الذي حضره سمو الشيخ أحمد بن محمد بن راشد آل مكتوم، رئيس مجلس دبي للإعلام، وجاء انعقاد جلساته هذا العام تحت شعار "الإعلام العربي.. المستقبل رقمي"، معالي الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء في جمهورية مصر العربية الشقيقة، والتي أكد فيها أهمية المسؤولية الملقاة على عاتق الجميع في مواجهة جائحة المعلومات المضللة والأخبار الكاذبة وخطاب الكراهية والتي تشارك فيها سواء عن قصد أو جهل بعض المؤسسات الإعلامية ما يستدعي جهداً جماعية لمكافحة مثل هذه الظاهرة بنشر الحقائق والارتقاء بالمنظومة الإعلامية بوجه عام.
وتطرّق معاليه إلى أهمية دور الإعلام في بناء المجتمعات الحديثة، والتصدي للدفاع عن الأوطان وتثبيت أركان الدول ومجابهة الأخطار التي تحيط بها، مؤكداً أن وسائل الإعلام أصبحت إما مصدر قوة للدول أو مصدر ضعف لها، وأن على الإعلام وضع برامج تجذب الشباب وترسّخ مفاهيم التسلُّح بالعلم والمعرفة وتحفزهم على الإيجابية في الحياة، على أنْ تُسند هذه الرسالة إلى إعلاميين على قدرٍ رفيع من الثقافة والوعي والوطنية والإلمام بالشأن العربي، ليبقى الإعلام بمثابة حائط صدٍ منيع في وجه كل التيارات الهدَّامة، وجسر للتواصل بين الشعوب العربية، لافتاً إلى ضرورة تفعيل ميثاق الشرف الإعلامي ومتابعة التطور التقني في وسائل الإعلام لتوظيفه لصالح الإنسان العربي.
كما تحدث خلال المنتدى، وضمن كلمة رئيسة لدورته التاسعة عشرة، معالي الدكتور نايف فلاح مبارك الحجرف، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، خلال جلسة حوارية أفردها المنتدى لمعاليه وأدارت الحوار فيها عن بُعد الإعلامية في مؤسسة دبي للإعلام نوفر رمول، حيث ألقى معاليه الضوء على التأثير الإيجابي للمجلس على الصعيدين الإقليمي والدولي ضمن مسيرته الممتدة على مدار نحو أربعة عقود كاملة، أثبت خلالها دوره كعامل استقرار وتوزان ثابت ورئيس في المنطقة، وشريك في الحفاظ على الأمن والسلم الدوليين، ودعم جهود المجتمع الدولي في العديد من الملفات المهمة وفي مقدمتها مكافحة الإرهاب وتجفيف منابعه.
وتطرق الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية إلى جهود دفع عملية السلام في المنطقة في ضوء اتفاقات السلام الموقعة مؤخراً بين دولة الإمارات إضافة إلى عدد من الدول العربية مع إسرائيل، حيث أكد أن تلك الجهود هي محل كل تقدير، منوهاً أن دول المجلس طالما نادت أن يعمّ السلام العالم أجمع، وليس المنطقة فحسب، انطلاقاً من إيمان دول مجلس التعاون بحق جميع الشعوب في العيش بسلام، وأن علاقتها تُبنى من منطلق الدعوة أن يعم السلام العالم أجمع.
وفيما يتعلق بأداء الإعلام العربي في مواجهة التحديات التي تحيط بالمنطقة، قال معالي الدكتور نايف الحجرف إن هناك حاجة مُلحّة لإطار شامل يحكم عمل المؤسسات الإعلامية في المنطقة خاصة في ضوء المتغيرات الديموغرافية للعالم العربي وزيادة تأثير الشباب في المشهد العربي والخليجي، معرباً عن أمله أن يكون منتدى الإعلام العربي هو المنصة التي سينطلق منها مثل هذا الإطار الإعلامي الشامل قريباً.
وأشار معاليه إلى أن عصر السماوات المفتوحة، وبفضل التقدم التكنولوجي الهائل، ساهم في ظهور نوع جديد من الإعلام غير التقليدي يعمل بدوافع شخصية وفردية، ويبتعد عن الشكل المؤسسي للإعلام، داعياً الإعلام التقليدي إلى مواكبة المستجدات من أجل الحفاظ على استمراريته، فيما يجب على الإعلام الجديد الحفاظ على الثوابت المهنية والتمسك بالمصداقية والموضوعية.
وتحدث، خلال المنتدى الذي عقدت أعماله على مدار يوم واحد، نخبة من القيادات الإعلامية العربية والعالمية وكذا رموز لها مكانتها وثقالها في عالم الإعلام، حيث استضاف المنتدى عن بُعد معالي أسامة هيكل، وزير الدولة للإعلام في جمهورية مصر العربية، الذي دعا في كلمته إلى وضع استراتيجية إعلامية تضمن التنسيق وتعزيز الاتصال بين الدول والشعوب العربية، مطالباً وسائل الإعلام بتلبية الاحتياجات الاجتماعية والنفسية والثقافية للإنسان العربي بتبني خطط تخدم المُتلقّي وتراعي حقه في الحصول على المعلومات، في حين شدد على أن تطوير الإعلام يتطلب تحديث وبناء القدرات البشرية وتحديث الأدوات الإعلامية وتنويع الموضوعات محل التناول.
كما شارك في الحديث بكلمة رئيسة أمام المنتدى مايكل فريدنبرغ، رئيس وكالة "رويتزر" الذي حذر من ظاهرة انتشار الأخبار الكاذبة والمعلومات المضللة وحمّل المؤسسات الإعلامية مسؤولية تثقيف المُتلقّي حول أبعاد تلك الظاهرة ومساعدته على فرز ما يصله من أخبار ومعلومات وأن تقدم له البديل الذي يمتاز بالصدقية والموضوعية، مؤكداً أن على المؤسسات الإخبارية إمداد متابعيها بأخبار موثوقة لمساعدتهم على تكوين قناعات واتخاذ قرارات مؤسسة على حقائق، في حين يرى أن المنظومة الرقمية تشكل تحدياً جديداً أمام الإعلام لكونها تزيل الحواجز المهنية الفاصلة بين الاحترافي والفردي.
وحاورت الإعلامية زينة يازجي من قناة "الشرق" الكاتب الصحافي الأميركي توماس فريدمان المعروف بدرايته الواسعة بالشـأن الشرق أوسطي، حيث استعرض آراءه وتوقعاته حول مستقبل المنطقة في ضوء تولي الرئيس جو بايدن مقاليد الحكم في الولايات المتحدة الأميركية بداية العام المقبل، وطبيعة العلاقة بين دول المنطقة والإدارة الأميركية الجديدة، والعوامل الأساسية التي ستتحكم فيها، وكذلك مستقبل عملية السلام في المنطقة في ضوء اتفاقات السلام الموقعة مؤخراً. كما تطرق الكاتب الأميركي الحائز على جائزة "بوليتزر" الصحافية لثلاث مرات، إلى رؤاه حول العلاقات الخارجية لبلاده مع دخول الرئيس المنتخب جو بايدن إلى المكتب البيضاوي في البيت الأبيض، كذلك توقعاته بشأن أداء الإدارة الأميركية الجديدة فيما يتعلق بالداخل الأميركي.
وشمل المنتدى كذلك جلسة حوارية شارك فيها عبد الرحمن الراشد، الكاتب في صحيفة "الشرق الأوسط"، قدّم خلالها تقييمه للإعلام العربي خلال المرحلة السابقة ورؤيته لمستقبله لاسيما في ظل التداعيات عميقة التأثير التي جلبتها أزمة كوفيد-19 العالمية.
وضمن جلسات المنتدى الذي تم تنظيمه عن بُعد عبر الاتصال المرئي، كلمة للخبير الإعلامي ميريل براون، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة "نيوز بروجيكت" الأميركية المتخصصة في دعم رواد الأعمال والمستثمرين الجدد في مجال الأخبار، رؤية حول مستقبل صناعة الأخبار في ضوء التجربة الأميركية خلال العام 2020 وفي ظل تداعيات أزمة كوفيد-19 العالمية.
واستعرضت جلسة حوارية بعنوان "الإعلام العربي.. تحولات جيوسياسية" جملة من الموضوعات المتعلقة بسبل استعادة دور الإعلام في خدمة الناس ومناقشة قضايا المجتمع، والأسباب التي تقف وراء تراجع أداء الإعلام العربي، وتأثيره أثناء الأزمات، والتوقعات حول التحولات القادمة في المنطقة سواء كانت سياسية أو إعلامية. وشارك في الجلسة الدكتور علي النعيمي، رئيس لجنة الدفاع والداخلية والخارجية بالمجلس الوطني الاتحادي الإماراتي، والدكتور فهد الشليمي، رئيس المنتدى الخليجي للأمن والسلام، والكاتبة والإعلامية سوسن الشاعر، وأدارها الإعلامي حسين الشيخ، من قناة "العربية الحدث".
وكانت منى غانم المري، رئيسة نادي دبي للصحافة، الجهة المنظمة لمنتدى الإعلام العربي، قد ألقت كلمة خلال المنتدى الافتراضي، رحبت فيها بالمشاركين ووجهت لهم الشكر على جعل هذه الدورة الاستثنائية ممكنة بمشاركة أفكارهم ورؤاهم حتى وإن كان اللقاء عن بُعد، مؤكدة أن انعقاد المنتدى في ظل هذه الأوضاع الاستثنائية التي تمر بها المنطقة والعالم، يحمل رسالة مهمة كحافز على الاستمرار والعمل لمستقبل إعلامي عربي أفضل، منوهةً أنه رغم صعوبة التحديات التي فرضتها جائحة كوفيد-19 إلا أنها لم تحل دون تنظيم هذه الدورة من اللقاء السنوي المهم.
ويُعد "منتدى الإعلام العربي" التجمع المهني الأكبر من نوعه في المنطقة العربية، إذ مثَّل، منذ انطلاقه قبل نحو عقدين، ومع الانعقاد السنوي لدوراته، المنصة الأكثر أهمية للقاء القائمين على العمل الإعلامي في المنطقة بمختلف تخصصاته، لبحث السبل اللازمة للارتقاء بإعلام يدعم مسيرة التنمية ويعين شعوب المنطقة على بلوغ ما تصبو إليه من تقدم وازدهار، ويناقش أهم الموضوعات التي تشغل بال الإنسان العربي سواء في حاضره أو فيما يتعلق بمستقبله، تأكيداً على دور الإعلام كشريك في بناء المجتمعات وتمهيد الطريق لنموها ورفعتها.
اختتام منتدى الإعلام العربي الـ19
المصدر: وام