أبوظبي (الاتحاد)
اختتمت أعمال الملتقى السابع لمنتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة، بآخر فعاليات جلسات اليوم الثالث التي عقدت تحت عنوان «نماذج إيجابية في التعامل مع الجائحة»، وترأسها معالي الدكتور فيصل بن معمر، أمين عام مركز الملك عبدالله الدولي للحوار بين الأديان والثقافات؛ بموضوع يشغل الناس جميعاً، حيث تحدث الدكتور أحمد بن سالم المنظري، مدير منظمة الصحة العالمية في إقليم شرق المتوسط، عن موضوع «التعاون الدولي في اكتشاف اللقاح»، وآخر ما وصلت إليه اللقاحات، ومتى يبدأ توزيعها.
اللقاح للجميع
وقال المنظري إن الجائحة العالمية «كوفيد-19» حتى نهاية نوفمبر 2020، أدت إلى وفاة أكثر من 1.4 مليون شخص، وإصابة أكثر من 62 مليون شخص، وتعطيل حياة مليارات الأشخاص الآخرين، ملاحظاً أن استحداث لقاح مضاد لمرض «كوفيد-19» سيجنّب الاقتصاد العالمي خسارة 375 مليار دولار أميركي شهرياً، فضلاً عن أنه سيحدّ من الخسائر الفادحة في الأرواح. وأن إتاحة اللقاح للجميع على الصعيد العالمي بشكل منصف، لاسيما لغرض حماية العاملين في مجال الرعاية الصحية والفئات الأكثر عرضة للخطر، السبيل الوحيد للتخفيف من أثر الجائحة على الصحة العامة والاقتصاد العالمي.
وأكد المنظري أن السبيل الوحيد للتخفيف من أضرار «كوفيد-19» هو التعاون الدولي، وهو ما يجري العمل في إطاره بالفعل؛ في الوقت الحالي؛ من خلال «مرفق كوفاكس»، وهو تحالف دولي يسرع الوصول إلى أدوات مكافحة «كوفيد-19»، أطلقته منظمة الصحة العالمية «WHO» والمفوضية الأوروبية وفرنسا في أبريل الماضي. ويركز هذا المرفق على حشد كافة الجهود العالمية وتنسيقها؛ لتطوير لقاح أو عدة لقاحات مضادة للفيروس. وهو الحل العالمي الحقيقي الوحيد لهذه الجائحة؛ لأنه الجهد الوحيد لضمان حصول الناس في جميع أنحاء العالم على لقاحات «كوفيد-19»؛ بمجرد توافرها؛ بغض النظر عن ثرواتهم.
وتحدث الدكتور محمد السماك، عضو مجلس أمناء المنتدى حول «التعاون بين الأديان في ممارسة الشعائر مع الحفاظ على سلامة المصلين»، إذ تعاون المسلمون والمسيحيون رجالاً ونساءً وهيئات دينية ومدنية على تقديم المساعدات للمتضررين والمنكوبين دون تمييز. وكان التعاون متبادلاً، فشارك مسلمون تطوعاً في تنظيف وترميم بيوت مسيحيين وكنائسهم، كما شارك مسيحيون في تنظيف بيوت مسلمين وترميم محالهم التجارية.
القيم والفضيلة
وتحدث في الموضوع نفسه كولن بلوم، مستشار الحكومة البريطانية للشراكات الدينية، فقال: كلفت بالاطلاع على نشاط المجتمعات أو الهيئات الدينية العاملة في إطار القيم والفضيلة، وبالفعل وجدت أنشطة هائلة لهذه الفئة في أزمة «كورونا». وهذا يطمئن ويبث روحاً جديدة؛ لتفعيل قيم التعاون المجتمعي، كما أن الحكومات غيرت من رؤيتها وتعاملها مع المجتمعات الدينية التي كان ينظر إليها بسلبية، وخاصة فيما يتعلق بدور عبادة المسلمين في بريطانيا التي قدمت نموذجاً رائعاً في تقديم المساعدات للجميع من دون تمييز. وأشار إلى نوعية جديدة من التعاملات الإيجابية بين الحكومة وممثلي الأديان اليهودية والمسيحية والإسلامية، يسودها الاحترام والثقة.
وتحدث داني كروجر، عضو مجلس العموم البريطاني؛ في موضوع «مبادرات التضامن مع الاقتصادات الضعيفة»، فقال: ارتكبت بعض الأخطاء الحكومية على مستوى التدابير في إطار التعامل مع الجائحة ومن ضمنها الحكومة التي أدعمها. ولكن في كل الأحوال وجدنا تغييرات. وهناك ما هو أهم من ذلك في إطار ما تركته الجائحة على الاقتصاد. وهذه موضوعات قابلة للنقاش والتعلم منها. غير أن الأهم من ذلك الدروس التي سنتعلمها في المستقبل، فبالنسبة إلى الدول، لم يتم التركيز بشكل كافٍ على الأطباء الذين كانوا يعملون مع الناس الأكثر هشاشة، ما يعني أن الجائحة أظهرت ضعف الحكومات في هذا المجال، ويتعين علينا إصلاح الخلل في هذا الجانب.
وقدم كاشف صديقي، رئيس «منظمة كرة القدم من أجل السلام» كلمة، توجه فيها إلى الشباب بشكل خاص بأن الجائحة تركت آثارها على الاقتصاد العالمي، وبالتالي ألقت بثقلها على الشباب، فعطلت الكثير من أنشطتهم الرياضية، فضلاً عن تزايد مشكلات البطالة والفقر. وأكد أن الشباب يشكلون ثلاثة مليارات شاب، أي ثلاثة مليارات لاعب كرة لا يلعب. ولذلك حاولنا أن نضع بعض التصورات، وأطلقنا مبادرة؛ بالتنسيق مع الأمم المتحدة؛ للتعجيل بوضع الحلول لمشكلات الشباب.
وأضاف أنه يتطلع للتعاون مع دولة الإمارات في هذه المبادرة؛ لكونها معروفة عالمياً باحتضان المبادرات الإنسانية، فضلاً عن احتضانها العديد من المؤسسات الفاعلة في المجال الإنساني، مثل؛ منتدى تعزيز السلم، منظم هذا الملتقى، الذي يفخر ويقدر ثقة الشيخ عبدالله بن بيه على دعوته، وأنه سيواصل جهوده الإنسانية، لمواجهة تحديات «كورونا»، وتعزيز ثقافة التعايش والتسامح وترسيخ السلام من خلال كرة القدم.
راهنية المبادرة
وعقدت الجلسة الثانية تحت عنوان «ندوة حلف الفضول الجديد: راهنية المبادرة وتجدد الحاجة»، برئاسة الدكتور محمد السنوسي، عضو مجلس أمناء منتدى تعزيز السلم. وتحدث فيها القس الدكتور بوب روبرتس، مؤسس ورئيس مؤسسة القسيس العالمي، الولايات المتحدة الأميركية، والإمام محمد ماجد، الإمام التنفيذي للمجتمع الإسلامي لعموم دالاس (ADAMS)، الولايات المتحدة الأميركية، والدكتور ويليام فيندلي، الأمين العام الفخري لمنظمة الأديان من أجل السلام سابقاً، الولايات المتحدة الأميركية، والحاخام بروس لوستيج، كبير الحاخامات، المجمع العبري بواشنطن، والحاخام ديفيد روزين، مدير العلاقات الدولية بين الأديان، عضو مجلس إدارة مركز الملك عبدالله الدولي للحوار، أميركا، والحاخام ديفيد سبرستين، المدير الفخري لمركز العمل الديني لليهودية الإصلاحية، سفير الحريات الدينية في وزارة الخارجية الأميركية سابقاً.
وعقدت الجلسة الثالثة؛ تحت عنوان «الميلاد الجديد- آفاق عالم ما بعد كورونا»؛ برئاسة الدكتور سليمان الهتلان. وناقشت موضوع «نحو إنسانية جديدة - التفكير بروح جديدة»، وتحدث فيها الدكتور فادي ضو، رئيس مؤسسة أديان ومديرها، لبنان.
توصيات عملية
وأطلق «منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة» في ختام أعمال ملتقاه السنوي السابع التي انتهت مساء أمس في أبوظبي، جملة من التوصيات العملية، تشكل شبكة ضمان اجتماعي كوني؛ في مرحلة ما بعد «كورونا». ويعتبر العمل من أجل تحقيقها سريعاً، من صميم الإيمان في كل الأديان؛ لكونها تعتني بالإنسان وصيانة العمران في كل مكان.
وأوصى البيان الختامي للملتقى السنوي السابع الذي ألقاه خليفة مبارك الظاهري، المدير التنفيذي للمنتدى، بضرورة تضافر الجهود العاجلة والعمل الحثيث؛ من أجل العمل الفوري على صياغة مشروع اتفاقية تحت مسمى «الميثاق العالمي للتضامن الإنساني»، وضرورة عرضه على هيئة الأمم المتحدة؛ لضمان تحقيق وتفعيل قيم عالم ما بعد «كورونا»، والحؤول دون عودة المجتمع الإنساني إلى ما كان عليه قبل الوباء. وطالب البيان الختامي بضرورة عودة المجتمع الدولي والدول الغنية إلى التضامن مع البلدان الفقيرة، وإشراكها في ثمرات البحوث العلمية، وإلى توزيع اللقاحات على الجميع من دون احتكار ولا استغلال، فضلاً عن تشجيع المبادرة والابتكار في مجال تكنولوجيا الصحة العامة، والتطبيب في الدول الفقيرة والنامية التي أظهر بعضها مؤهلات غير متوقعة في تدارك نقص الوسائل والمعدات.