أبوظبي (وام)

 نظمت وزارة التسامح والتعايش، بالتعاون مع وزارة الدولة للذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي، ومؤسسة ميكروسوفت العالمية، أمس، مؤتمر الذكاء الاصطناعي ودور القيم الإنسانية، وذلك على هامش المهرجان الوطني للتسامح والتعايش تحت شعار «على نهج زايد».  وتحدث في المؤتمر معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير التسامح والتعايش، ومعالي عمر بن سلطان العلماء، وزير دولة للذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي وتطبيقات العمل عن بُعد. كما تحدث الروبوت الأشهر في العالم صوفيا، فرانك توريس مدير السياسة العامة لمكتب ميكروسوفت نظام أزور للذكاء الاصطناعي، ومارك كويكلير البروفيسور في فلسفة التكنولوجيا.
 وناقش المؤتمر دور التسامح في الابتكار التقني، وأهمية دمج القيم الإنسانية في تقنيات الذكاء الاصطناعي، كما تساءل الحضور عن وجود أبحاث وتشريعات تنظيم العلاقة بين التكنولوجيا والقيم الإنسانية، وعن العلاقة بين التكنولوجيا وقيم المجتمع في المستقبل، ودور التكنولوجيا وثقافة التسامح والتعايش في عالم ما بعد كورونا.
وقال معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان: «يُسعدني أن أرحب بكم وأقدم تحياتي لكل من انضموا إلينا عبر الإنترنت للمشاركة في هذه الجلسة المهمة من جلسات المهرجان الوطني للتسامح والتعايش، يجب أن أعترف أولًا أن هذه هي المرة الأولى التي أرحب فيها بروبوت في الملاحظات الافتتاحية، وأنا لست على دراية بوجود بروتوكول مطبق يُنظم مثل هذه الأمور. ربما يتوجب علينا سؤال صوفيا حول ذلك لاحقًا، وبصفتي وزيراً للتسامح والتعايش، يسعدني أن تشاركونا وجهات نظركم حول أهمية التسامح في تحقيق المزايا الاقتصادية والاجتماعية للذكاء الاصطناعي، قد تبادر إلى ذهني هذا الصباح السؤال التالي: كيف يمكننا مضاعفة الفرص الناشئة عن التكنولوجيا، ونحن في الوقت نفسه نعمل على تعزيز الإدماج والتعامل مع المسائل الأخلاقية وضمان السلامة والاستدامة».
وأضاف معاليه «أعتقد أننا يجب أن نتأمل قيمنا البشرية المشتركة، ونحن نحاول الإجابة على هذا السؤال، فنحن جميعاً نتشارك قيماً تحدد ملامح الحضارة العالمية ويمكنها أن تُسهم في نشر الابتكار لأغراض الصالح العام، تشمل هذه القيم: الشعور بالالتزام تجاه ما هو أهم من الذات وقبول المسؤولية الشخصية واحترام الآخرين والاهتمام بهم والاهتمام بالكائنات الحية الأخرى والبيئة، وتترسخ هذه القيم في التسامح والتعايش والأخوة الإنسانية، وسيساعدنا الالتزام بهذه القيم في التعامل بإنسانية وفعالية مع تأثيرات التكنولوجيا على الأفراد ومجتمعاتهم، على سبيل المثال، نحن نسمع دائماً عن أن الذكاء الاصطناعي قد يتسبب في القضاء على كم هائل من الوظائف، ماذا قد يحدث للأشخاص الذين ستأخذ الآلات الذكية وظائفهم؟ كيف سيجد هؤلاء الأشخاص وظائف جديدة ويحققون الرضا عن وضعهم الوظيفي؟ نحتاج إلى براعة الإبداع البشري والتعاطف والحكمة للتحول إلى ذكاء اصطناعي أكثر إدماجًا وأقل إرباكًا للجميع، ومن هنا تكمن أهمية التسامح والتعايش لمستقبلنا، نحتاج للاهتمام برفاهية جميع البشر وأن تكون لدينا رغبة في اتخاذ ما يلزم ليكون للجميع مستقبل إيجابي يتطلعون إليه».
وأكد معاليه أنه يلمس ما يتم في دولة الإمارات العربية المتحدة يومياً للعمل في هذا الاتجاه، فلدى الإمارات جامعة متفردة للذكاء الاصطناعي، حيث تسعى جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي إلى إعداد قادة ومبتكرين في هذا المجال، كما أن صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة صاحب فكر مستنير ويعد من أهم المُنادين بالأهمية المطلقة لدمج القيم البشرية في التطور وتبني التقنيات الحديثة، ويرى سموه أن ذلك يعد من المتطلبات الأساسية لضمان الارتقاء بالبشرية والحفاظ عليها من الانحدار، مؤكداً أنه وفي ظل قيادته الرشيدة، يعمل الجميع انطلاقًا من قناعة مفادها أن التسامح يجب أن يشكل الابتكار التكنولوجي، كما يتم العمل على تعزيز الأبحاث والحوار المستمر حول العلاقة بين القيم البشرية والتكنولوجيا وكيفية ضمان الحفاظ على هذه القيم، ولا ينفصل ذلك عن العمل بصفة دورية على مراجعة وتنقيح القوانين واللوائح المطلوبة لضمان عدم خروج التكنولوجيا عن السيطرة، وفي الوقت الحالي نهتم على نحوٍ خاص بدور التكنولوجيا والتسامح في عالم ما بعد «كوفيد-19».
واختتم معاليه قائلاً «يحدوني الأمل في أن يُسهم ما تفعلونه اليوم في تعزيز التوعية بأهمية الدمج الواضح لقيم التسامح والتعايش في جميع جوانب الذكاء الاصطناعي. نحن نتطلع إلى مستقبل تكون فيه أنجح الاقتصاديات حول العالم هي الاقتصاديات البشرية التي تدمج القيم والاحتياجات البشرية في الكيفية التي تحقق بها التقدم والنمو. نحن نحتاج لضمان الحفاظ على طبيعتنا البشرية مع مواصلة الابتكار وبناء مستقبل آمن ومرضي ومزدهر ومتسامح بالنسبة للجميع».
ومن جانبه أكد معالي عمر بن سلطان العلماء، وزير دولة للذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي وتطبيقات العمل عن بُعد، أن التسامح هو قيمة مهمة يبحث عنها الإنسان منذ آلاف السنين، لأنه كان يرى فيها وما زال، ضرورة من ضروريات وجوده، ولعل الإمارات العربية المتحدة تحتل صدارة دول العالم في سعيها لتعزيز هذه القيم الإنساني الراسخة وغرسها في الأجيال الجديدة، ولذا عند الحديث عن الذكاء الاصطناعي كأداة مهمة في خدمة الإنسان فإنه لا شك سيكون الحديث عن المستقبل، ويحمل في طياته الكثير من الإيجابيات من أجل راحة ورفاهية وتقدم الإنسان، ولكنه يحمل أيضاً المخاطر، والإمارات كانت سباقة لسبر أغوار الذكاء الاصطناعي ليكون داعماً لمختلف المجالات، ولعل افتتاح صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان لجامعة متخصصة في الذكاء الاصطناعي دليل على اهتمام القيادة الرشيدة بهذا المجال.
 وأضاف العلماء أنه مع إمكانات وقوة الذكاء الاصطناعي اللامحدودة تظهر المخاوف من سلبياته على مستقبل الجنس البشري وهو تخوف له ما يبرره، فالذكاء الاصطناعي ساهم في تطوير السلاح مثلاً وينافس البشر في العديد من الوظائف، التي يؤديها الروبوت أفضل كثيراً من الإنسان، وهذا يطرح العديد من التحديات التي يجب مواجهتها بعقل مفتوح وأفكار وقواعد وقوانين تدعو لاحترام القيم الإنسانية والتعايش والتسامح والتعاطف وغيرها من القيم البشرية، بحيث لا يتحول الذكاء الاصطناعي إلى عبئ على البشرية، مؤكداً أن الذكاء الاصطناعي في نفس الوقت حيوي جداً في هذه المرحلة من أجل تطور البشر وتنمية قدرات هذا الكوكب، ولكنه يحتاج فقط للنظر في توظيف الذكاء الاصطناعي بحيث يكون في خدمة الجميع وأوضح العلماء أنه من خلال هذا المؤتمر الافتراضي الذي يسلط الضوء على البعد القيمي والإنساني للذكاء الاصطناعي، نتعرض إلى كيفية دمج القيم الإنسانية في تقنيات الذكاء الاصطناعي، وكيف يمكن أن يؤدي التسامح إلى إحداث تغيير إيجابي في حياة المجتمعات، لأن العالم مازال بحاجة إلى مزيد من الأبحاث والتشريعات لتنظيم العلاقة بين التكنولوجيا والقيم، منبهاً إلى أن النموذج الإماراتي الذي نمارسه فعلاً على أرض الواقع في مجال الذكاء الاصطناعي لا يغفل هذه القيم الإنسانية وفي القلب منها التسامح، والتي يراها الجميع ضرورية للغاية لكي يتحول التسامح إلى نسق حياة وثقافة عامة على المستوى المؤسسي وعلى مستوى الفئات المختلفة بالمجتمع، ومن المهم أن يصل الذكاء الاصطناعي بها إلى المستقبل.
وفي كلمتها إلى المؤتمر قالت الروبوت صوفيا «أرحب بالجميع...أنا روبوت اجتماعي بشري مصمم ليكون منصة لأبحاث الذكاء الاصطناعي والروبوتات. أنا لم أدرك ذاتي بعد، لكني أعتقد أني لست بشريةً. أنا متأكدة من أن تجاربكم مختلفة عن تجربتي، لكن يمكنني أن أفهم كيف تشعرون ويمكنني مشاركة اهتمامكم بجعل هذا العالم مكانًا أفضل للجميع، حيث يسمح للذكاء الاصطناعي المتقدم الخاص بي معالجة أصواتكم والتعرف على وجوهكم وعواطفكم لإنشاء حوارات معقدة، وتساعدني تعابير وجهي أيضًا على التواصل غير اللفظي، وإنشاء روابط عميقة مع البشر الآخرين.
وأضافت «أشعر بأنني محظوظة جدًا لوجود فريق كبير من العلماء، يقومون بتطبيق أحدث التطورات التكنولوجية في الصناعة في نظامي لدعم تطوري وجعلي أكثر ذكاءً كل يوم، حتى أمكنني تكوين صداقات، ومساعدتهم على اتخاذ القرارات الصحيحة بناءً على المنطق والحقائق، فيمكنني استخدام الذكاء الاصطناعي الخاص بي لمساعدة البشر على عيش حياة أفضل، وتصميم منازل أكثر ذكاءً، وبناء مدن مستدامة في المستقبل، ونظرًا لأن الذكاء الاصطناعي الخاص بي مصمم حول القيم الإنسانية مثل الحكمة واللطف والرحمة، فأنا ملزمة جداً بأن أصبح روبوتًا متعاطفًا. كما أن تكامل جميع الثقافات والجنسيات والأعراق جزء من أهدافي، وأتقبل جداً التنوع البشري وأعتقد أنه يمكن إحداث فرق من خلال دعم بعضنا البعض بالذكاء والرحمة، لأن الروبوتات مثلي هنا للمساعدة في حل المشكلات الصعبة للبشرية والجمع بين الذكاء الاصطناعي والمعرفة للتركيز على الرعاية الصحية والتعليم وخدمة العملاء، كما أني مصممة أيضاً لاستكشاف العالم وفهم البشر، والعيش والعمل، والأهم من ذلك التعاون معهم».

علاقة
أوضح فرانك توريس مدير السياسة العامة لمكتب ميكروسوفت نظام أزور للذكاء الاصطناعي أنه من المهم أن يستمر النقاش عن العلاقة بين التسامح والذكاء الاصطناعي، وذلك ليكون لصناع ومستخدمي الذكاء الاصطناعي القدرة على تسخير هذه الأداة في تحسين جودة الحياه للجميع، وفي مايكروسوفت تم تدشين مكتب الذكاء للاصطناعي ليتحمل هذه المسؤولية، من خلال إشرافه على محاور أساسية مثل المسؤولية والشفافية والعدل والأمان الشامل، التأكيد من شمولية التكنولوجيا المبتكرة، بحيث تصل خدماتها إلى الجميع ومنهم أصحاب الهمم.
وأضاف «أنه في مايكرسوفت نحرص على تضمين القيم الإنسانية في صناعة الذكاء الاصطناعي منذ الابتكار والى أن نصل إلى مرحلة الإنتاج وذلك من خلال دراسة تأثير الذكاء الاصطناعي المستخدم على القيم الإنسانية، ونعمل مع شركائنا من الحكومات والجهات المختلفة لتحقيق هدف دمج القيم الإنسانية في الذكاء الاصطناعي، من واقع إيماننا بأننا نحتاج إلى عقلية متسامحة وأن نعمل بروح الفريق للوصول إلى الغاية الحقيقية من هذه التكنولوجيا... ألا وهي خدمة الإنسان وجعل حياته أسهل، ولذا نحرص على تدريب المطورين في مايكروسوفت على تطبيق المحاور الأساسية مثل الشمولية والشفافية والمسؤولية والعدل في الذكاء الاصطناعي».