ناصر الجابري (أبوظبي)
ترسخ دولة الإمارات من مكانتها العالمية، من خلال مواصلة مشاريع استكشاف الفضاء الخارجي، عبر وجود مشروع إماراتي مستدام يستهدف الوصول إلى مدار كوكب المريخ العام المقبل، والإعلان عن مشروع آخر سيصل إلى القمر عام 2024، لتشكل هذه المشاريع تأكيداً على دور البرنامج الفضائي الوطني ضمن السباق الاستكشافي العلمي، والتطور اللافت للقطاع خلال السنوات الماضية بجهود الكوادر البشرية المواطنة.
وتحقق مشاريع استكشاف الفضاء الخارجي 6 عوائد رئيسية لدولة الإمارات، تتمثل في تحقيق المساهمة المعرفية للمجتمع العلمي، من خلال توفير البيانات والمعلومات وتبادلها مع العلماء والخبراء والمختصين، بما يجعل الدولة إحدى الدول القليلة عالمياً، التي ستمتلك دوراً علمياً رفيعاً للمعلومات حول المريخ والقمر، وبما يعزز من الأثر الوارد للمهام الاستكشافية في إبراز مقدرات الإمارات العلمية، وما تمتلكه من قاعدة فضائية وطنية تستند على علوم البيانات وتحليلها وإجراء التجارب وفقاً لنظريات وأسس علوم الفضاء.
وتشمل العوائد، إعداد الكادر البشري المواطن وبناء أجيال من الشباب المتسلحين بالعلم والمعرفة في علوم الفضاء، بما يجعلهم قادرين على قيادة مشاريع الإمارات الفضائية المقبلة، حيث استفادت دولة الإمارات من مشاريع الأقمار الاصطناعية الماضية في بناء كادر بشري يتحلى بالإرادة والتصميم لمواصلة المهام والمشاريع الفضائية، وهو ما تجسد عبر مشاركة نحو 200 مهندس مواطن في المراحل التنفيذية لمسبار الأمل، وهو ما سيكون له بالغ الأثر على مهمة استكشاف القمر المقبلة، من خلال إشراك الكادر البشري المواطن للقيام بإجراءات التصميم والتصنيع ضمن مشاريع علمية وطنية.
وتتضمن العوائد، تشجيع الدول العربية على القيام ببرامج علمية استكشافية للفضاء الخارجي واستعادة الأمجاد العربية في الفضاء والفلك، حيث تسهم تجربة الإمارات الناجحة في استكشاف المريخ والقمر، في إبراز القدرات العربية التي عُرفت تاريخياً بالريادة العالمية في الفلك، وهو الأمر الذي يؤسس لبناء إطار عربي مستدام للمشاريع الفضائية الخارجية خلال الفترة المقبلة، خاصة مع وجود المجموعة العربية للتعاون الفضائي، والتي تضم 13 دولة عربية، حيث تسعى المجموعة للاستفادة من تجربة الإمارات نحو بناء تجارب عربية أشمل لتحقيق النجاح العالمي في الفضاء. وتشمل العوائد أيضاً، تعزيز مشاعر الفخر الوطني الناتجة عن النجاح ضمن مشاريع استكشاف الفضاء الخارجي، حيث تساهم مشاريع الفضاء التي تتوجه إما للقمر أو الكواكب الأخرى في إبراز المستوى العلمي الذي تتحلى به الدول والمكانة الرفيعة التي تصل إليها بفضل العلماء والخبراء والمهندسين، وهو ما يتوازى مع تعزيز مشاعر الاعتزاز بالمنجزات الوطنية التي تتجاوز حدود الأرض لتصل إلى الفضاء، وهو ما يعبر عن منجز حضاري للدول الناجحة في إتمام مراحل المهام الفضائية والقادرة على الوصول إلى مستهدفاتها الاستراتيجية من ذلك. ومن المتوقع أن تسهم هذه المشاريع، في تحقيق الاستدامة لبرنامج الفضاء الوطني، حيث تعمل وكالة الإمارات للفضاء ومركز محمد بن راشد للفضاء، إضافة إلى المراكز الفضائية والبحثية الأخرى، على ضمان استمرارية البرامج الفضائية الضخمة واستدامتها الوطنية، وذلك استناداً على رؤية الإمارات 2021 وأهداف مئوية الإمارات 2071، حيث يتم الإعلان بشكل دوري عن مجموعة من المشاريع الفضائية الضخمة مثل إطلاق الأقمار الاصطناعية، أو مهام فضائية لطلبة الجامعات مثل الأقمار المكعبة، والتي كان آخرها الإطلاق الناجح للقمر «مزن سات» مؤخراً، إضافة إلى البرامج الاستكشافية التي تضمن وجود نهج مستمر لآلية تنفيذ المشاريع التي تشمل مختلف مكونات البرنامج الفضائي.
وتتضمن عوائد مشاريع استكشاف الفضاء الخارجي، تعزيز مفهوم دبلوماسية الفضاء، من خلال توقيع الاتفاقيات والشراكات مع الحلفاء الدوليين في القطاع، وهو ما يؤكد مكانة الدولة الاستراتيجية وفعالية دورها ضمن دول العالم الكبرى في القطاع، حيث ترتبط وكالة الإمارات باتفاقيات مع 33 من الوكالات والهيئات والمنظمات الفضائية العالمية، الأمر الذي يعزز من تبادل الخبرات والتجارب، ويصقل من القدرات الوطنية في القطاع. وأبرزت الاستراتيجية الوطنية لقطاع الفضاء، والتي أطلقتها وكالة الإمارات للفضاء العام الماضي، محور إطلاق المهمات الفضائية العلمية والاستكشافية الملهمة، باعتباره أحد 6 محاور رئيسية ضمن الاستراتيجية.