شكّل العام 2020 نقلة نوعية في مسيرة دولة الإمارات العربية المتحدة وحياة المجتمع والمواطن الإماراتي، إيذاناً بعهد جديد، وطموح يتخطى حدود الأرض والولوج إلى مرحلة ما بعد الطاقة الأحفورية، وتحويل التحديات إلى فرص، وذلك بقيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة «حفظه الله».
وكما كان عام 2019 عام التسامح في الإمارات، فإن عام 2020 هو عام الإنجازات، فما كاد ينتهي 2019، إلا وقد تم الإعلان عن خبر أثلج صدور الإماراتيين كافة، عندما أعلن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي «رعاه الله»، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، أن العام 2020 سيكون «عام الاستعداد للخمسين» للاحتفال باليوبيل الذهبي للإمارات في عام 2021.

وسادت موجة حب وفرح عارمة الشارع الإماراتي بكل فئاته، وابتهجوا وأكدوا عبر صفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، حرصهم العميق على الوقوف خلف قيادة الدولة والمضي بالمسيرة الإماراتية نحو مستقبل مشرق، ومشاركتهم في هذا الاحتفال العام القادم، سواء كانت الإمارات وطنهم الأم، أو بلدهم الثاني.
ويعد العام «2020» عاماً ناصع البياض على جبين الإمارات، فقد تحققت خلال الفترة الماضية العديد من الإنجازات الفريدة إقليمياً ودولياً، عانقت على إثرها التاريخ، برؤية قيادتها وعزيمة شبابها، وضمنت دخول مرحلة تاريخية جديدة، فدخلت خلاله التاريخ بإنجاز فضائي غير مسبوق، وطموح يتخطى حدود الأرض، انطلق بها إلى الكوكب الأحمر، حين أطلقت «مسبار الأمل» في أول مهمة عربية إلى المريخ، يوم 20 يوليو الماضي، والتي تهدف إلى دراسة الطقس والمناخ في الكوكب الأحمر.

ومن المفترض أن تشهد رحلة المسبار، التي تبلغ حوالي 500 مليون كيلومتر، وصول الروبوتات الآلية في فبراير 2021، بالتزامن مع مرور خمسين عاماً على تأسيس دولة الإمارات العربية المتحدة.
وإطلاق «مسبار الأمل» يعتبر حدثاً مميزاً، سيتحدث عنه من سمع به، ويذكره من شاهده، وهو مشروع فريد من نوعه، بالنظر للمدة الزمنية التي استغرقها إنجازه، وهي نحو 6 أعوام، حيث عادة ما تتطلب مشاريع بهذا الحجم وقتاً أكثر لإنجازها.
ولا يسعى المشروع لتكرار إنجازات الآخرين من اكتشافات على الكوكب الأحمر، لأن فريق العمل حدد مهامه لدراسة الكيفية التي تتحرك بها الطاقة في الغلاف الجوي للكوكب الأحمر من القمة إلى القاع، طوال أوقات اليوم وعلى مدى كل فصول السنة، إضافة إلى الوقوف على أسباب التآكل المستمر في الغلاف الجوي للمريخ، وأسباب فقدانه معظم المياه التي تشير الصور والدراسات إلى أنه كان ينعم بها ذات يوم.
وتدرك القيادة في دولة الإمارات أن التحول من اقتصاد قائم على النفط، إلى اقتصاد قائم على المعرفة، أمر لا غنى عنه، ومن هذا المنطلق، ستشارك المعلومات التي سيجمعها «مسبار الأمل» مع جميع الأطراف المهتمة، وتتطلع لتسخير المعرفة المكتسبة في خدمة البشرية عامة.
وبعد أسبوعين فقط من إطلاق مسبار الأمل، أعلنت الإمارات عن إنجاز استثنائي جديد، بفضل رؤية القيادة الرشيدة، وعزيمة وإرادة شباب لا يعرفون المستحيل، وهو نجاح إتمام عملية بداية تشغيل مفاعل المحطة الأولى في مشروع محطات «براكة» للطاقة النووية السلمية في منطقة الظفرة، وذلك بعد حوالي 10 سنوات من بدء البرنامج النووي السلمي في الدولة. وعند اكتمال تشغيل المشروع، فإن مفاعلات الطاقة الأربعة ستؤدي إلى توفير ربع احتياجات الإمارات من الطاقة، وهو ما يؤمن لها مستقبلاً مشرقاً، مع الأخذ في الاعتبار الاستثمارات الكبرى التي ضختها سابقاً في تطوير مصادر بديلة من الطاقة، بينها الطاقة الشمسية.
ورغم التحديات والظروف الصعبة التي يعيشها العالم بسبب انتشار وباء كورونا، فإن أبناء الإمارات شمروا عن سواعد الجد، وانطلقوا نحو البناء والتطوير، وحولوا التحديات التي تواجههم إلى فرص، ليسيروا في طريق النجاح بكل ثقة، ومنذ اللحظات الأولى لانتشار الوباء، وفي إطار استجابتها ومواجهتها لتحديات انتشاره، تبذل الدولة جهوداً كبيرة لتوظيف تطبيقات الذكاء الاصطناعي والحلول الذكية في هذا المجال، ولم تدخر وسعاً في توفير كل ما يلزم، لضمان عبور الأزمة التي سببتها الجائحة على مستوى العالم كله بسلام.

ولم تتوان الإمارات في تأسيس أكبر مختبر لتشخيص «كورونا» في العالم خارج الصين، وكانت من أولى الدول التي استخدمت الذكاء الاصطناعي في مواجهته، ونشرت كاميرات ذكية في الكثير من الأماكن لرصد مخالفات التباعد الاجتماعي ودرجات حرارة المارة، فضلاً عن اعتمادها تقنية الخوذات الذكية القادرة على رصد الأشخاص المحتمل إصابتهم بالفيروس.
وكل تلك الإنجازات المتزامنة مع عام الاستعداد للخمسين، وما سبقها من إنجازات وطموح يتخطى حدود الأرض، تتوج مسيرة نصف قرن، وترسخ مكانة الدولة عالمياً، وستحقق قفزات تنموية في مختلف المجالات؛ في الاقتصاد والبنية التحتية والتعليم والصحة والصناعة.
وعاماً تلو عام، تتواصل مسيرة الإنجازات، لتؤكد دولة الإمارات أن نهج «اللا مستحيل» الذي تمضي به القيادة لا يتوقف عند حد معين، وأن تجاوز التحديات وتحويلها إلى إنجازات لصالح الإمارات والعالم العربي والبشرية بشكل عام، هي المهمة المفضلة لـ «أبناء زايد».