شروق عوض (دبي)
أكدت وزارة التغير المناخي والبيئة، أنّ دولة الإمارات حققت تطوراً ملحوظاً في إطار جهودها بما يتعلق بالمحافظة على البيئة وتنميتها، حيث أسفرت تلك الجهود عن خفض معدل البصمة البيئية للفرد في الدولة، خلال العام الماضي بنسبة 8.5%، وذلك من خلال انخفاض المعدل من حوالي 9.75 هكتار للفرد في عام 2017 إلى حوالي 8.92 هكتار للفرد في عام 2019، مشيرة أنّ هذا الإنجاز المهم يحمل في طياته نتائج إيجابية ومبشرة بأن القادم أفضل.
وكشفت الوزارة من خلال عملها مع شركائها في القطاعين الحكومي والخاص عن مبادرات ومشاريع تسعى إلى خفض البصمة البيئية عبر تعزيز مبادئ الإنتاج والاستهلاك المستدامين في كافة القطاعات ذات الأولوية، والتي تم تحديدها في الخطة الوطنية للإنتاج والاستهلاك المستدامين، باعتبار البصمة البيئية من أولويات الدولة التي تسهم في المحافظة على البيئة وتنميتها.
وأوضحت عائشة العبدولي، مدير إدارة التنمية الخضراء وشؤون البيئة بوزارة التغير المناخي والبيئة في تصريحات لـ «الاتحاد» أنه إضافة لذلك الإنجاز الذي حققته الدولة عبر مؤسساتها المختصة بالشؤون البيئية، فقد حققت كذلك العديد من الإنجازات مثل التعريف بمفهوم البصمة البيئية لدى واضعي السياسات وصناع القرار وأبناء المجتمع، وإدراجه ضمن السياسات واتخاذ القرار، ووضع آليات ونماذج متطورة لجمع ومراجعة وتدقيق البيانات ذات الصلة بحسابات البصمة البيئية، وتوفيرها على المستويين المحلي والعالمي، وغيرها الكثير.
وقالت العبدولي: «إنّ تعريف البصمة البيئية يكمن في طلب السكان على الموارد الطبيعية والخدمات البيئية، مثل (قدرة الأرض على حجز الكربون)، بينما يتم تعريف القدرة الحيوية بقدرة الأنظمة البيئية على امتصاص مواد النفايات التي ينتجها البشر مثل (غاز ثاني أكسيد الكربون)، وإنتاج موارد مفيدة للاستهلاك البشري، وعليه فإنّ معدل البصمة البيئية هي مقياس استدامة الدول عبر مقارنة استخدام الموارد الطبيعية للفرد، والتي يعبر عنها باستخدام الوحدة الإنتاجية الحيوية للأرض«الهكتار العالمي»، وفي عام 2019، تم إعلان نتائج معدل البصمة البيئية لدول العالم، وتصنيفها وفقاً للبيانات المأخوذة من المصادر العالمية، وبحيث تقوم الشبكة العالمية للبصمة البيئية GFN بحساب معدلاتها وأشارت نتائج المؤشر العالمي التي نشرت للعام 2019 إلى 2.75 هكتار/ للفرد».
وتابعت: «لقد حظيت دولة الإمارات بمعدل مرتفع لإجمالي الناتج القومي للفرد، وذلك نظراً لطبيعة أرضها الصحراوية ذات الموارد المحدودة، وأما استهلاكها للموارد الطبيعية المحلية والمستوردة فيشهد زيادة سريعة، ومع طبيعة طقسها الحار والجاف، فإنها تحتاج كميات كبيرة من الطاقة لتوفير التبريد وتحلية مياه البحر للاستهلاك المحلي، وقد جلبت زيادة قوة الصرف قدرات أكبر وطلباً على المنتجات المستوردة والموارد الطبيعية الأخرى من خارج الدولة، وكانت نتيجة ذلك أنّ 80% من بصمة الإمارات البيئية هي نتيجة استهلاك الطاقة».
حسابات وطنية
وعن حساب البصمة البيئية على المستوى الوطني، قالت العبدولي، إنها ترتبط باستهلاك الموارد الطبيعية، ويتم احتسابها باستخدام معادلة بسيطة ترتكز على رصد إجمالي الاستهلاك الصافي من خلال خفض قيمة التصدير من مجموع الإنتاج والاستيراد، مشيرة إلى أنّ الحكومة قامت عام 2007، باتخاذ خطوات ملحوظة لتسليط الضوء على ارتفاع معدل بصمة الإمارات البيئية، والتي جعلتها في المرتبة الثالثة بعد اليابان وسويسرا، وذلك نتيجة لتبني أبحاث مكثفة لإدراك أشمل وإدارة بصمتها وفقاً لتلك المبادرة أعلاه، مؤكدة أنّ التركيز على البصمة البيئية يعزز أهمية تبني نمط الاستهلاك المستدام في مختلف برامج التوعية وتطوير السياسات البيئية.
ولفتت إلى ضرورة دمج البعد البيئي في المناهج الدراسية لما لها من دور مؤثر في تسليط الضوء وزيادة الوعي لدى الطلبة بأهم القضايا البيئية التي تواجه المجتمع، وتؤكد أهمية الدور الذي يلعبه أبناء المجتمع لخفض معدل البصمة البيئية والمحافظة على مواردها، وخفض استهلاك الطاقة والتلوث الناتج عن الأنشطة اليومية.
التنمية الخضراء
أضافت عائشة العبدولي أنّ الأجندة الوطنية لرؤية الإمارات 2021، وضعت عدة مؤشرات لضمان التنمية المستدامة للبيئة، وزيادة كفاءة موارد الطاقة التقليدية والجديدة، كما عملت الحكومات المحلية في الدولة على تفعيل عدة خطط واستراتيجيات تساعد في تحقيق رؤية الإمارات في هذا الصدد، وبناءً على تلك الرؤية، أطلق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي (رعاه الله)، استراتيجية الإمارات للتنمية الخضراء، تحت شعار «اقتصاد أخضر لتنمية مستدامة» في يناير 2012، مشيرة إلى أنه انطلاقاً من هذا القرار، أعلنت الدولة عزمها على تعزيز القدرة التنافسية والمستدامة لجهود التنمية الوطنية والحفاظ على بيئتها للأجيال القادمة، مع الطموح لتصبح (مركزاً عالمياً ونموذجاً ناجحاً) للتنمية المستدامة، وتم تحديد ستة مسارات استراتيجية متمثلة بـ (الطاقة الخضراء، الاستثمار الأخضر، المدينة الخضراء، التغير المناخي، الحياة الخضراء والتقنيات الخضراء).
إجراءات
ذكرت العبدولي أنه ضمن عملية واسعة النطاق لإشراك أصحاب المصلحة والتشاور، فقد تم وضع خطة شاملة لتنفيذ إجراءات الاقتصاد الأخضر، وجرى اعتمادها من قبل مجلس الوزراء في يناير 2015 لتمثل الأجندة الخضراء 2030، وتماشيا مع رؤية 2021 وخطة التنمية طويلة الأجل لكل إمارة، تم وضع خمسة أهداف استراتيجية و12 برنامجاً رئيسياً في إطار تلك الأجندة، وقد صممت هذه الأهداف والبرامج لتغطي جميع الجوانب الرئيسية للانتقال نحو الاقتصاد الأخضر، كما تم إنشاء مجلس الإمارات للتنمية الخضراء للتنسيق والإشراف على تنفيذ الأجندة، وضمان التعاون الفعال بين السلطات الاتحادية والمحلية وأصحاب المصلحة، مشيرة إلى أنه بهدف تعزيز الجهود الوطنية تم دمج المجلس بمهامه واختصاصاته إلى مجلس الإمارات للتغير المناخي والبيئة، الذي أعلن رسمياً عن تشكيله في 2016، ويضم المجلس أعضاء يمثلون الحكومات الاتحادية والمحلية والقطاع الخاص.