أحمد عبدالعزيز (أبوظبي) 

تجني الإمارات ثمار دبلوماسية التعاون والمصالح المتبادلة والإخاء، ومد جسور التلاقي بين الحضارات،
وحرصها الشديد على التواصل البناء والتكامل بين دول العالم وشعوبه.
وفي هذا الإطار، تتميز العلاقات بين دولة الإمارات والصين بتعاون قوي وتطور مستمر منذ بدايتها رسمياً مع تأسيس العلاقات الدبلوماسية بين البلدين في نوفمبر عام 1984، في ظل حرص البلدين على تطوير علاقات الصداقة والتعاون بينهما في المجالات كافة وبإمكانات ضخمة، في الوقت الذي تخطط فيه الإمارات لتوسيع تطوير علاقات التبادل في مجالات العلوم مع الصين. «الاتحاد» التقت سفيري البلدين في أبوظبي وبكين، ليلقيا الضوء على ملامح جديدة لهذا التعاون، خاصة في ظل الجهود المشتركة لمكافحة فيروس كورونا المستجد.
كشف الدكتور علي عبيد الظاهري، سفير دولة الإمارات لدى بكين، عن مواصلة العمل والتعاون مع جمهورية الصين الشعبية ومنظمة الصحة العالمية، لدعم تطوير اللقاحات، في الوقت الذي تعمل فيه البلدان على التقدم في البحث العلمي من خلال امتلاك الإمارات ثاني أكبر مختبر في العالم خارج الصين، فضلاً عن إقامة التعاون البحثي المشترك بين جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجية وجامعة تسينغهوا. وقال السفير الظاهري في حوار مع «الاتحاد»: «إن جميع أعضاء سفارة دولة الإمارات العربية المتحدة لدى جمهورية الصين الشعبية يتمتعون بالصحة، حيث تطبق السفارة تدابير وقائية مشددة، استجابةً لتعليمات الحكومة الصينية، ومساهمة من السفارة في لعب دورها الدبلوماسي تجاه أفراد بعثتها الدبلوماسية».
وأضاف: «منذ بدء أزمة تفشي فيروس (كوفيد - 19) في مدينة ووهان الصينية، ولا تتوقف متابعة سفارة الدولة لمواطنيها الموجودين في الصين، سواء من الطلبة أو رجال الأعمال أو العالقين لأي سبب كان، حيث نسقت السفارة الجهود كافة لإعادة العالقين من مواطني الدولة بسلام، وذلك بفضل تنسيق وزارة الخارجية والتعاون الدولي مع الجهات الحكومية الاتحادية والمحلية كافة، والتي نجحت في إزالة أي عقبات ممكنة، ونجحنا- بفضل الله - في التغلب على المشاكل كافة». وأشار إلى أن دولة الإمارات تخطط بالفعل لتوسيع تطوير علاقات التبادل في مجالات العلوم مع الصين، ويؤكد ذلك الزيارة التي قام بها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، للصين، حيث تم التوصل إلى اتفاقيات بهذا الصدد. 
ولفت إلى أن «جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي» تحقق أيضاً تقدماً كبيراً في العمل مع المؤسسات الصينية، لافتاً إلى أنه من الرائع أن نرى خطوات الصين التي تعتزم إنتاج لقاح لفيروس كورونا، وكما صرح فخامة الرئيس الصيني شي جين بينغ، مؤخراً، لـ«منظمة الصحة العالمية»، وهو أمر - حال إنجازه - سيكون ذا فائدة عالمية كبرى، ويعد إنتاج لقاح ضد فيروس كورونا، وتمكين الحصول عليه للدول النامية، أمراً مهماً للغاية، ودائماً ما تسعى دولة الإمارات لإرساء قيم التعاون والعطاء والتنمية في هذه الشؤون الإنسانية.

تعاون إماراتي - صيني 
وأكد ضرورة التعاون العالمي بين الدول في تطوير اللقاحات بشكل موسع، وتعد دولة الإمارات شريكاً في جهود المساعدة الدولية لمكافحة تفشي فيروس كورونا المستجد، وهو جهد يشمل العديد من البلدان حول العالم، وبروح التعاون العالمي نفسها ستعمل كل من دولة الإمارات والصين و«منظمة الصحة العالمية».
وأفاد بأن مجموعة «جي 42» الرائدة في مجال مجال الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية، والتي تتخذ من أبوظبي مقراً لها، ومجموعة «بي.جي.آي» الصينية الرائدة عالمياً في مجال حلول الجينوم، كانتا قد أعلنتا في مارس الماضي إطلاق مختبر حديث بقدرات معالجة فائقة لإجراء عشرات آلاف الاختبارات بتقنية RT-PCR (تقنية تفاعل البوليمرز المتسلسل اللحظي) يومياً، لتلبية احتياجات فحص وتشخيص الإصابة بفيروس كورونا المستجد «كوفيد-19» في دولة الإمارات العربية المتحدة، مشيراً إلى أن هذا المختبر يعد أول مختبر بهذا الحجم في العالم يتم تشغيله خارج الصين. 
ولفت إلى أهمية ما توصل إليه فريق من الأطباء والباحثين في «مركز أبوظبي للخلايا الجذعية»، الشهر الماضي، لعلاج جديد مبتكر وواعد لالتهابات فيروس كورونا المستجد.
وأشار السفير الظاهري إلى أن الإمارات كانت سباقة، ولعبت دوراً أساسياً في التواصل مع العالم لمعالجة تفشي كورونا، لافتاً أن إلى جمهورية الصين الشعبية تعتبر هي واحدة من الدول الأولى التي تلقت مساعدات من دولة الإمارات، حيث تم إرسال 20 طناً من المواد الطبية.
وعن أهمية تطوير التعاون في مجالات التعليم، أكد سفير الدولة لدى بكين أن الجانبين يعملان على وضع الركائز للمائة عام القادمة، بدءاً من تعليم اللغة الصينية في أكثر من 200 مدرسة في الإمارات، فضلاً عن سعي البلدين نحو تعزيز التبادل التجاري والذي يتوقع أن يبلغ نحو 200 مليار دولار بحلول عام 2030. وأوضح السفير الظاهري أن الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين تفتح آفاقاً جديدة من التعاون الذي من المحتمل أن ندخله في مرحلة ما بعد الوباء، حيث سيسرع العالم في تطوير التكنولوجيا، وهو ما من شأنه أن يجلب مجالات تعاون جديدة ذات صلة بالبنية التحتية الرقمية.
وأكد أنه تم تسليط الضوء على جهود الدولة في مكافحة الفيروس خلال العديد من الطلبات الإعلامية للإذاعات الصينية والتلفزيون الصيني الناطق باللغة العربية، كما تستعرض السفارة جهود الدولة من خلال الندوات الافتراضية.
وقال الدكتور علي عبيد الظاهري، سفير الدولة لدى جمهورية الصين الشعبية: «نسعد بانعقاد منتدى التعاون العربي الصيني اليوم، عبر جلسات افتراضية لأول مرة بسبب جائحة كورونا، ونعتبر استمرار انعقاد المنتدى دليلاً على الأهمية الكبيرة التي توليها الصين لدفع الشراكة الاستراتيجية العربية، حيث يشارك فيه وزراء خارجية الدول الأعضاء في الجامعة العربية، بالإضافة إلى الأمين العام للجامعة أحمد أبو الغيط، وقد تم تأسيس المنتدى العربي الصيني بعد زيارة رئيس جمهورية الصين الشعبية إلى مقر الجامعة العربية عام 2004، والذي يعقد اجتماعات دورية مرة كل سنتين في الصين أو مقر جامعة الدول العربية، لتعزيز الحوار والتعاون ودفع السلام والتقدم».
وأضاف: «تأتي أهمية المنتدى نظراً للعلاقات التاريخية التي تجمع الدول العربية مع الصين منذ بدء ظهور الدولة الإسلامية في القرن السابع الميلادي، وارتباط الطرفين بعلاقات تجارية على مدى السنين الطويلة، ونؤمن بأن العلاقات العربية الصينية مهمة جداً بالنسبة للطرفين، وتمتد إلى العديد من المجالات السياسية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية، ونحن نشهد تطوراً كبيراً في هذه العلاقات بما يفيد الجانبين، ونلمس تطوره من خلال الأرقام».