نجحت دولة الإمارات في تحويل التحديات الناشئة عن انتشار فيروس كورونا المستجد «كوفيد- 19» إلى فرص لإطلاق الكثير من الأفكار الإبداعية والابتكارية الخلاقة التي أسهمت في التخفيف من وطأة الوباء، وتحقيق استمرارية العمل في جميع القطاعات الحيوية، وفق أعلى معايير الصحة والسلامة العامة.
وبرزت العديد من أوجه تسخير الابتكار العلمي في تعزيز جهود الدولة لمواجهة الوباء بعدما سجلت الإمارات تسلسل الجينوم الخاص بالفيروس، ودشنت أكبر مختبر في العالم - خارج الصين - لفحص وتشخيص الإصابة بـ«كوفيد- 19» وافتتحت نحو 24 مركزاً للفحص بالمركبة.
وطورت الإمارات علاجاً بالخلايا الجذعية للمصابين كعلاج داعم مع التدخل الطبي التقليدي، وابتكرت تقنية DPI الجديدة للكشف عن الفيروس بمجرد دخوله الدم، والتي تسمح بإجراء فحوص جماعية تصدر نتائجها خلال ثوان. فيما أعلنت شركات وحدة الاستثمارات الناشئة في «مبادلة» للاستثمارات المالية عن تطوير لقاح مضاد لفيروس كوفيد-19 المستجد، بعدما تمكن الباحثون من تحديد جسمين مضادين أحاديين يمكنهما مكافحة الفيروس.
ويرصد تقرير «مبادرات حكومة الإمارات لمواجهة أزمة كورونا» الصادر عن الهيئة الاتحادية للتنافسية والإحصاء عشرات الابتكارات النوعية التي قدمتها المؤسسات الأكاديمية والجهات الحكومية وشركات القطاع الخاص في الدولة، والتي شكلت خطوات مهمة وملهمة في مسيرة احتواء آثار الوباء.
البداية مع الجامعات ومؤسسات التعليم العالي التي دخلت بقوة على خط المواجهة مع فيروس «كوفيد -19». فقد نجحت جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا في تطوير رادار لتشخيص المؤشرات الحيوية للأفراد دون اتصال مباشر، والذي يمكن من خلاله رصد درجة حرارة الجسم، ومعدل نبضات القلب، ومعدل التنفس، وضغط الدم، عن بُعد.
كما طورت الجامعة جهازاً للتنفس الاصطناعي للحالة الطارئة من مواد محلية، وصممت وحدة شاملة للعمل على إنتاج 250 نسخة منه يومياً، إضافة إلى تطوير مشروع يهدف إلى رصد وجود فيروس كوفيد-19 في مياه الصرف الصحي، كوسيلة للكشف والتتبع المبكر للفيروس لدى جميع الأفراد.
وبالتعاون مع مركز خليفة للابتكار، أعلنت الجامعة عن اختراع جهاز مبتكر باسم«توينكل هارت»، وهو جهاز منزلي تستخدمه الأم الحامل لمراقبة ضربات قلب جنينها دون الحاجة لزيارة المستشفيات وقت الأزمة.
وتمكنت الجامعة أيضاً من تطوير نموذج محاكاة للتنبؤ بتطور جائحة كوفيد-19 يعتمد على تحصيل بيانات خاصة بانتشار الأمراض المعدية، وتوقيت إنهاء العزل الاجتماعي، وعدد وحدات العناية المركزة لكل مليون مريض، ومستوى وعي الأفراد بطرق الحماية الشخصية، وعدد المخالطات اليومية مع الأشخاص الأصحاء.
وفي جامعة محمد بن راشد للطب والعلوم الصحية، توصل عدد من الباحثين إلى تسجيل تسلسل الجينوم الخاص بالفيروس لأول مرة في الإمارات، الأمر الذي يتيح مستقبلاً تحديد البصمة الوراثية الكاملة للفيروس المسبب لـ«كوفيد-19» في المرضى المصابين، ومعرفة العلاقة بين سلالات محددة للفيروس، وحدة الأعراض أو عمر المريض وجنسه، وكذلك معرفة فعالية الأدوية أو اللقاحات ومدى الاستجابة لها بناء على البصمة الوراثية للفيروس.
من جهتها، طورت جامعة الإمارات العربية المتحدة أداة محاكاة لانتشار الأوبئة لمساعدة أفراد المجتمع في فهم آثار التباعد الجسدي والعزلة على تطور فيروس كوفيد-19 المستجد، ويتم توفير لوحة إعدادات لاستكشاف خصائص الانتشار في المدن الصغيرة أو المتوسطة أو الكبيرة.
أما جامعة الإمارات للعلوم والابتكار، فقد ابتكرت واقياً للوجه يوفر طبقة حماية للشخص المستخدم تفوق حماية قناع الوجه العادي، وذلك باستخدام طابعات ثلاثية الأبعاد وآلات قطع الليزر. ونجحت في تطوير جهاز يتيح استخدام المصاعد الكهربائية، وفتح وغلق الأبواب في الكلية من دون لمس من قبل المستخدمين، إضافة إلى تصميم سواعد مطبوعة بتقنية ثالثية الأبعاد على الأبواب الداخلية للكلية ،وأبواب المختبرات لتسهيل فتح الأبواب وإغلاقها من دون اللمس المباشر باليد.
بدورها، نجحت جامعة نيويورك - أبوظبي، بالتعاون مع «مبادلة للرعاية الصحية»، في تسخير تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد لضمان وفرة المستلزمات الطبية ككمامات الوجه الجديدة المماثلة في جودة مواصفاتها لكمامات الحماية N95 الأعلى تصنيفاً، مع توفر خيار إعادة استخدامها مع فلاتر بديلة.
وفي الكلية البريطانية التطبيقية في أم القيوين، تمكن الباحثون من تطوير جهاز التنفس الاصطناعي «نسمة أمل» الذي تم ابتكاره باستخدام تقنية الذكاء الاصطناعي. فيما أعلن مجمع الشارقة للبحوث والتكنولوجيا والابتكار عن تطوير وإنتاج مجموعة متنوعة من أقنعة الوجه الواقية من العدوى، بالتعاون مع مختبرات «إيمنسا للتكنولوجيا»، والتي أثبتت فاعليتها في الحد من انتشار العدوى بنسبة 86% عند مخالطة المرضى والمصابين بالفيروس.
وامتدت جهود الابتكار في مواجهة «كوفيد- 19» لتشمل عدداً من الجهات والمؤسسات الحكومية الاتحادية والمحلية التي سارعت للاستثمار في البحوث العلمية الخاصة بمواجهة تداعيات انتشار الوباء من منطلق مسؤوليتها المجتمعية. فقد صممت وزارة الداخلية خوذة مبتكرة تشخص الحالات من مسافة آمنة تصل إلى 5 أمتار، وبقدرات فائقة للتعامل مع التجمعات البشرية، لإعطاء قراءة تحليل بيانات حيوية، وربطها بغرفة العمليات المركزية لتقديم تقرير سريع لصناع القرار وتحذير إذا تلقت بياناً عن ارتفاع درجة الحرارة فوق المعدل الطبيعي، إلى جانب خاصية الرؤية الليلية.
وطورت شرطة دبي نظارة ذكية من طراز/ T1 Rokid/ تقيس درجة حرارة مستخدمي قطاع النقل والمواصلات بطريقة آمنة، وتمسح حرارة 100 شخص في الدقيقة، وتطلق تنبيهات صوتية حسب الحالة. كما استخدمت طائرات «الجايروكبتر» في التغطية الأمنية للإمارة، وكذلك التوعية المبتكرة عبر المركبات الخاصة، إلى جانب استخدام الخارطة الذكية للمناطق الساخنة بنظام الجيومكانية.
بدورها، استخدمت الإدارة العامة الدفاع المدني «أبوظبي»، وبلدية دبي، الطائرات من دون طيار والروبوتات في عمليات التعقيم الوطني في الشوارع الرئيسية والفرعية ليتم ضخ كميات كبيرة من المواد المعقمة والمطهرة بالتحكم عن بُعد.
وأعلنت وزارة الصحة ووقاية المجتمع استخدام سيارة ذكية ذاتية القيادة لتوزيع منتجات طبية وقائية، مثل الكمامات والمطهرات والقفازات على سكان مجمع سكني بالشارقة والعمال الموجودين فيه.
من جانبها، نجحت هيئة الصحة بدبي في إنتاج مسحة الأنف المستخدمة في فحص فيروس كوفيد-19 مع أقنعة واقية للوجه بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد. كما طورت الهيئة خدمة الصيدلية المتنقلة «دوائي» لتوصيل الأدوية إلى المنازل مجانا في الدولة، وتجنيب أصحاب الأمراض المزمنة وكبار السن الذهاب إلى المستشفيات، وفي الوقت نفسه تخفيف الضغط على المرافق الطبية.
وصممت مؤسسة دبي لخدمات الإسعاف كبسولة مبتكرة مخصصة لنقل الحالات الشديدة من مصابي فيروس كوفيد-19 تمنع نقل العدوى للطاقم الطبي وللمسعفين أثناء نقل المصاب من منزله إلى المستشفى أو مركز الحجر الصحي. كما نجحت المؤسسة في ابتكار ممرات للتعقيم الذاتي وكاشفات الحرارة تحتوي على مجسات تستشعر الحركة وتعمل على رش رذاذ من مواد طبية معقمة من خلال أجهزة رش مثبتة في مختلف الجهات تعقم ملابس الفرد في فترة قصيرة لا تتجاوز 20 ثانية.
بدوره، أعلن برنامج الشيخ زايد للإسكان عن مبادرة «رد الجميل» لدعم العاملين في القطاع الصحي والمهندسين في المشاريع الإنشائية من خلال وصلات لأقنعة الوجه الطبية بتقنيات مبتكرة للحماية من أثر وضع القناع الطبي لساعات طويلة.
وطور مركز أبوظبي لإدارة النفايات «تدوير» 45 مركبة ذكية لتوفير أعلى مستوى من التعقيم للبنية التحتية والمناطق السكنية في أبوظبي، وهي الأولى على مستوى الشرق الأوسط، وتتميز بقدرتها على رش مواد التعقيم لمسافة تصل إلى 100 متر. كما تم تطوير سيارة مبتكرة تحتوي على أجهزة الاستشعار عن بعد وتستخدم في غسيل الأنفاق.
وطبقت بلدية العين في إمارة أبوظبي نظام المفتش الذكي للمعاينة عن بعد الذي يوفر ميزة استلام الصور من المقاول أو الاستشاري لأغراض التفتيش الإنشائي والتفتيش العام، وفحوصات الصحة والسلامة، وتفتيش الحدائق العامة، وفحص الطرق والبنية التحتية والدراسات الجيوفيزيائية.
الإمارات تنجح في تحويل تحديات كورونا إلى فرص لإطلاق ابتكارات خلاقة
المصدر: وام