شارك سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي رئيس المجلس التنفيذي، متحدثاً رئيساً في جلسة «خريطة الطريق للتعاون الرقمي» - المبادرة العالمية الجديدة التي أطلقتها الأمم المتحدة بقيادة أمينها العام أنطونيو جوتيريش - حيث أثنى سموه على جهود الأمم المتحدة في توحيد المجتمع الدولي من أجل صنع مستقبل أفضل للعالم، مؤكداً التزام دولة الإمارات العربية المتحدة إزاء أي مبادرة دولية تهدف إلى مد جسور تعاون متينة ووثيقة بين الدول والمجتمعات، وتسخير التكنولوجيا الرقمية في خدمة الشعوب.
شارك في الفعالية الخاصة بإطلاق المبادرة الجديدة كل من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، ورئيسة الاتحاد السويسري سيمونيتا سوماروغا، ورئيس جمهورية سيراليون جوليوس مادا، وعدد من الشخصيات العالمية.
وأكد سمو ولي عهد دبي، خلال كلمته، أن دولة الإمارات العربية المتحدة ملتزمة بتعميق كل أشكال التبادل المعرفي والتقني لبناء اقتصادات رقمية متكاملة لتحقيق تقدم تنموي متسارع ومستدام، وتعزيز الحوار العالمي البناء للاستفادة من كافة الفرص التي تتيحها التكنولوجيا في القطاعات الاقتصادية والاجتماعية والصحية، مع التركيز على المجتمعات الأكثر هشاشة، وتلك التي تواجه معوقات تنموية جراء تخلفها تكنولوجيا، أو تباطؤاً في مسيرتها التنموية التطورية بسبب ضعف بنيتها التقنية، إلى جانب المساهمة الفاعلة في دعم برامج ومشاريع الأمم.
وشدد سموه على أهمية الاستعداد للتغيرات المستقبلية، معرباً عن استعداد حكومة دولة الإمارات، بقيادة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي «رعاه الله»، لوضع خبرتها وتجربتها في تطوير منظومة العمل الحكومية الرقمية الأكثر تطوراً من نوعها في المنطقة في خدمة المجتمع الدولي، وفي رسم منظومة حوكمة عالمية فاعلة لبناء جسور تعاون وثيقة بين دول العالم للتصدي لمختلف التحديات التقنية والرقمية ضمن رؤية استشرافية تستقرئ التطورات والتغيرات الجذرية المستقبلية، وتستعد لها بكفاءة من خلال منظومات حكومية مرنة ورشيقة.
جاء ذلك خلال الفعالية الأممية التي نظمتها «اللجنة الدولية العليا للتعاون الرقمي» التابعة للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش عن بُعد، بمناسبة إطلاق مبادرة «خريطة الطريق للتعاون الرقمي»، لمناقشة «تأثير التغير التكنولوجي المتسارع على التنمية المستدامة»، وذلك في إطار الاستعداد العالمي للمرحلة المقبلة التي ستكون أكثر رقمية.
وقال سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم إن «مبادرة خريطة الطريق للتعاون الرقمي ستعزز التعاون بين الحكومات، وتشجع الدعم للقطاع الخاص والمنظمات الدولية والأفراد حول العالم»، لافتاً إلى أن دولة الإمارات ملتزمة بالكامل تجاه أي مبادرة تعمل على تعزيز الحوار العالمي، وهي داعم رئيس للأمم المتحدة.
وأضاف «شهد العالم في الأشهر الثلاثة الأخيرة مرحلة تاريخية ستكون محل نقاش مستفيض في كتب التاريخ.. شهدنا تحدياً هائلاً وتقدماً كبيراً في الوقت نفسه».
وقال سموه «رأينا جميعاً المشاكل الناجمة عن عدم وجود حكومات وسياسات رشيقة ومرنة ومستعدة لأي تحد قادم، سواء أكان سلبياً أم إيجابياً»، مشدداً على أنه «لا بد من الاستثمار في المستقبل.. الاستثمار في القادم وليس في الموجود حالياً».
وأضاف «تحت قيادة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، حكومة دولة الإمارات استثمرت في التحول الرقمي على مدى 20 عاماً، وهو ما مكننا من مواصلة العمل بكفاءة تشغيلية، بمعدل 100 في المائة في القطاع الحكومي خلال أزمة كوفيد-19 ضمن تدابير بيئة عمل افتراضية».
وقال سموه «لقد كشف الوباء أننا لا نستطيع أن نعمل بصورة منعزلة ومنفردة، وأنه لا توجد أي دولة ستكون أفضل حالاً إذا عملت لوحدها.. وإذا كان هناك وقت يتعين علينا أن نركز فيه على بناء جسور أكبر وأكثر متانة وأكثر مرونة، فهو اليوم».
وأضاف «أكثر من 46% من المجتمعات في العالم لا يمكنهم الوصول إلى شبكة الإنترنت، ويتعين علينا تسريع الجهود لوصل نصف سكان العالم تقريباً بالشبكة.. وأنه لا تزال هناك العديد من الفرص بالنسبة لنا لتعزيز التعاون الرقمي والدفع به في كل المجالات».
وحول دور التكنولوجيا في التصدي للتحديات، قال سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم «من خلال هذا الوباء، رأينا أنه من الممكن تسريع التقدم في أي قضية أو مهمة»، مشيراً إلى أن «الحكومات عالمياً قد سرعت العمل على ثلاث سنوات من التنمية لتنجزها في ثلاثة أشهر».
وشارك سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم الحضور في كلمته جانباً من تجربة حكومة دولة الإمارات، وقال «في دولة الإمارات، نحرص دائماً على تبني التغيير والتطوير.. ولدينا آلية تفكير تتطلب منا دوماً صياغة المستقبل اليوم».
وأضاف سموه «نعرف أن العالم سيمر بتحولات جذرية، والحاجة لتسريع مسيرتنا التنموية تضمن أن نواصل المضي قدماً دون أن نترك أحداً يتخلف بعيداً عن الركب».
وختم سموه بالقول «لا يمكن بناء المستقبل إلا على أسس التعاون الرقمي.. والتطور التكنولوجي لا يمكن أن يحدث دون هذا التعاون بين أطراف المجتمع الدولي كافة».
وكان سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم أعرب في بداية كلمته عن تضامنه مع كل الذين يعانون من التداعيات الصحية والاجتماعية والاقتصادية لجائحة كوفيد-19 في مختلف أنحاء العالم، مقدماً سموه مواساته لعائلات أولئك الذين فقدوا حياتهم بسبب هذا الوباء العالمي.
من جانبه، قال أنطونيو جوتيريش، الأمين العالم للأمم المتحدة «نحن نمر بمرحلة حاسمة في حوكمة التكنولوجيا، فالعالم الرقمي أصبح عنصراً أساسياً في مسيرة التقدم»، مشيراً إلى أنه على الرغم من أهمية التكنولوجيا، يجب على حوكمة التكنولوجيا أن تواكب التطور في سرعته.
وأضاف أنه من خلال «خريطة الطريق للتعاون الرقمي، أحث جميع ممثلي الحكومات والقطاع الخاص والأوساط الأكاديمية والتقنية أن يتواصلوا ويحترموا ويحموا الأفراد بشكل دؤوب في ظل العصر الرقمي».
وقالت رئيسة سويسرا سيمونيتا سوماروغا، في معرض مشاركتها في إطلاق خريطة الطريق التعاون الرقمي، «يجب وضع الرقمنة في خدمة جميع الأفراد. ولتحقيق ذلك، يجب أن نضع مجموعة من القواعد والأنظمة المشتركة لضمان اتصال كل أطفالنا بشبكات التواصل».
من جانبه، قال جوليوس مادا رئيس جمهورية سيراليون، خلال مداخلته، «تبين لنا الفرص وتحديات التكنولوجيا الرقمية بشكل عام الحاجة للتعاون الدولي.. ولابد أن تكون المواطنة الرقمية شاملة في كل الدول وما بينهما.. ستجعل هذه الخارطة عالمنا وعالم أجيالنا في المستقبل بشكل أفضل».
وقال كلاوس شواب، المؤسس والرئيس التنفيذي للمنتدى الاقتصادي العالمي «نحن اليوم في حاجة متزايدة وملحة لتعميق التعاون الرقمي عالمياً. وإذا لم نتعامل بسرعة مع التحدي المتمثل في تحقيق وصول عالمي عالي الجودة لشبكة الإنترنت من قبل الجميع، فلن نكون قادرين على بناء اقتصادات شاملة، أو تحقيق أهدافنا للتنمية المستدامة».
شارك في فعالية إطلاق «خريطة الطريق للتعاون الرقمي» في الأمم المتحدة كل من ونيك ريد الرئيس التنفيذي لمجموعة «فودافون»، وآجايا بانغا الرئيس التنفيذي لـ«ماستركارد».
وتستعرض «خريطة الطريق للتعاون الرقمي» المشهد الرقمي الحالي في ظل التعامل مع تداعيات الأزمة الراهنة لوباء فيروس كورونا المستجد، والشروط الجديدة التي فرضها في مختلف القطاعات التنموية، وهو ما يتطلب إعادة النظر في كافة الأطر والمنظومات المعمول بها حاليا. كما ناقشت خريطة الطريق الحاجة الماسة لبناء منظومة تعاون رقمية دولية، بما يسهم في ترسيخ عدالة تكنولوجية خاصة في المجتمعات الأقل حظاً عبر الاستفادة من تجارب الدول المتقدمة الرقمية.
تأتي مشاركة دولة الإمارات في الفعالية الخاصة بإطلاق «خريطة الطريق للتعاون الرقمي»، بوصفها من أعضاء اللجنة الدولية العليا للتعاون الرقمي«التابعة للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، واعترافاً أممياً بالدور القيادي للإمارات في قضية التعاون الرقمي وتصدرها المنطقة في مجال التكنولوجيات الرقمية والمدن الذكية، وإنجازاتها الرائدة في هذا المجال، من بينها مؤخرا تدشين«مركز سالم» لفحص اللياقة الطبية والصحة المهنية التابع لهيئة الصحة بدبي، والذي يعد المركز الأول والأحدث من نوعه عالمياً، المزود بتقنيات الثورة الصناعية الرابعة، بما فيها الذكاء الاصطناعي وأنظمة الروبوت وإنترنت الأشياء والبيانات الضخمة، حيث تنظر اللجنة الدولية العليا للتعاون الرقمي إلى دولة الإمارات بوصفها تجربة ملهمة لدول المنطقة والعالم تستحق التعلم منها ومحاكاتها.
وتأسست«اللجنة الدولية العليا للتعاون الرقمي» التابعة للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش في يوليو 2018، وذلك لوضع إطار حوكمة عالمي لتعزيز التعاون بين مختلف دول العالم لمواجهة التحديات المرتبطة بالثورة التكنولوجية، وتسخير فرص التعاون الدولي التي توفرها التقنيات المتقدمة للارتقاء بواقع الإنسان. وقد أسس جوتيريش هذه اللجنة، التي تضم فريقاً عالمياً رفيع المستوى، للاستعانة بمجمع من الخبرات لتقديم أفكار ومقترحات بغية تعزيز وتوسيع آفاق التعاون في الفضاء الرقمي بين الحكومات والقطاع الخاص والهيئات والمنظمات الدولية والمؤسسات التقنية والأكاديمية ومختلف الجهات والأطراف المعنية، إدراكاً منه بالدور المتعاظم للتقدم التكنولوجي الرقمي في المساهمة في تحقيق خطة التنمية المستدامة لعام 2030، علاوة على قدرة التكنولوجيا على تخطي الحدود وتجاوز الانقسامات الدولية للعمل من أجل مصلحة البشرية.
وتسعى اللجنة الدولية العليا للتعاون الرقمي لبناء منظومة تعاون رقمية هي الأكبر والأشمل من نوعها عالمياً، تسهم في بناء مجتمعات تكنولوجية رقمية تسعى إلى تحقيق تقدم تنموي مستدام، وبناء اقتصادات معرفية رقيمة أكثر شمولاً وتكاملاً، وتعزيز القدرات البشرية والمؤسسية، وتحقيق الاستفادة القصوى من الإمكانات الاجتماعية والاقتصادية التي توفرها التكنولوجيا الرقمية، والتقليص من حدة المخاطر التي قد تنطوي عليها، وضمان مستقبل رقمي آمن للبشرية، بما يسهم في تعزيز الرفاه المجتمعي في مختلف ميادين الحياة، بحيث يكون الإنسان مرتكز السياسات والخطط التكنولوجية الرقمية.
وفي يونيو 2019، أصدرت اللجنة الدولية العليا للتعاون الرقمي تقرير«عصر الترابط الرقمي»، الذي طرح خمس توصيات رئيسة تشمل: بناء الاقتصاد الرقمي الشامل، وتطوير القدرات البشرية والمؤسسية، وحماية حقوق الإنسان والعامل البشري، وتعزيز واستقرار الثقة الرقمية الأمنية، وتعزيز التعاون الرقمي العالمي.
واختارت الأمم المتحدة معالي محمد بن عبدالله القرقاوي وزير شؤون مجلس الوزراء والمستقبل، في عضوية «اللجنة الدولية العليا للتعاون الرقمي» التي يترأسها كل من جاك ما مؤسس شركة «علي بابا» وميليندا غيتس الرئيسة المشاركة لـ«مؤسسة بيل وميليندا غيتس».
ويمثل القرقاوي العضو العربي الوحيد إلى جانب 20 عضواً من الخبراء الذين يمثلون الدول الأعضاء، والقطاع الخاص والقطاع البحثي والأكاديمي، بحيث يعملون على تقديم المشورة للأمين العام للأمم المتحدة بشأن التحديات التي تواجهها التكنولوجيا الرقمية المتغيرة باطراد والحلول الآنية والمستقبلية في هذا الصدد.
كانت دولة الإمارات وسويسرا قد تعاونتا، بشكل وثيق، مع الأمين العام للأمم المتحدة وفريقه، منذ مطلع العام 2017، على صياغة الإطار المفاهيمي للفريق، بما يترجم توجهات الدول الأعضاء في الأمم المتحدة لتعزيز التعاون التقني الرقمي.
وتعد دولة الإمارات من أكثر الدول الداعمة للتعاون الدولي في المجال التكنولوجي، كونها من الدول الرئيسة في المنطقة التي تطبق التقنية الرقمية في منظومتها الحكومية على نطاق واسع، كما تتبنى خطط التنوع الاقتصادي طويلة الأجل بما يتوافق مع استراتيجية«مئوية الإمارات 2071». كذلك، تسجل الإمارات واحدة من أعلى نسب استخدام الهواتف النقالة وانتشار الإنترنت في المنطقة، ما يجعلها مختبراً مستقبلياً حياً للتكنولوجيات المتقدمة.