سعيد أحمد (أم القيوين)
يتنافس عدد من المواطنين في إمارة أم القيوين على الزراعة المنزلية، التي أصبحت جزءاً من حياتهم اليومية، ويتفاخرون بما لديهم من أشجار الفاكهة والحمضيات المستورد بذورها وشتلاتها من الخارج، وبالإنتاج الوافر، ويبحثون عن أصناف نادرة جداً، ويستخدمون أساليب وطرقاً حديثة في الزراعة والري، تساهم في خفض استهلاك المياه وزيادة في المحصول.
وحوّل المواطنون منازلهم إلى محميات زراعية، واستغلوا المساحات الصغيرة والكبيرة داخل الحوش، ولم يتركوا مكاناً، إلا وزرعوا فيه الأشجار ذات الفائدة، واكتسبوا خبرات ومعرفة في هذا المجال، وأصبح بعضهم خبيراً في كافة تفاصيل الزراعة والأسمدة وأنواع الأصناف وغيرها، يقدمون خبراتهم لآخرين مبتدئين في الزراعة المنزلية.
«الاتحاد» بعد اتخاذ الإجراءات الاحترازية للوقاية من فيروس كورونا، زارت منازل هؤلاء المواطنين، وشاهدت أنواع وطرق الزراعة المنزلية، التي تختلف من منزل إلى آخر، من حيث الأصناف والمحميات والأساليب المتبعة في الزراعة والري، ومراحل إنتاج المحاصيل وتقليم الأشجار وتجهيز الشتلات، وأظهرت تنافس المواطنين على إبراز إبداعاتهم وأفكارهم المميزة في هذا المجال.
قال حمد إبراهيم البيرق، الخبير في الزراعة المنزلية، والذي ورث خبرته من والده، إنه تقاعد من عمله وتفرغ للزراعة، واستطاع أن يطور فيها بشكل كبير، من خلال تطعيم الأصناف النادرة والحصول على إنتاج جيد، كما تمكن من تطعيم أكثر من صنف في شجرة واحدة، وحقق نجاحاً مميزاً، لافتاً إلى أن الزراعة تحتاج إلى عناية خاصة ومتابعة باستمرار، ومعرفة أوقات تسميدها وتزويدها بالفيتامينات والمركبات الأخرى.
وأضاف أن لديه مجموعة كبيرة من الأشجار المحلية والمستوردة في منزله، منها 40 شجرة مانجو «ملكة الفاكهة» من أصناف مختلفة ونادرة، وشجرتان مميزتان، الأولى تنتج أكبر ثمرة في العالم يصل وزنها 3.5 كيلو، والثانية تنتج أصغر ثمرة في العالم، وجميعها ذات طعم حلو.
وأشار البيرق إلى أنه يستطيع أن يعرف نوع وأصل الشجرة من أوراقها، وأن يحدد نوعية التربة وكمية المياه التي تحتاجها، ويمكنه أن يكتشف إذا كانت الشجرة مصابة بمرض أو تحتاج فيتامينات، من خلال تغير لون أوراقها، مشيراً إلى أنه استطاع أن يطور في علاج الأشجار المصابة، ويحميها من الحشرات والآفات التي تقضي عليها.
وقال إنه بحكم مساحة المنزل، لم يبق مكاناً لزراعة أشجار أخرى، ويطمح أن يحصل على أرض زراعية، ليتوسع ويطور فيها أكثر، ويبرز خبراته وإبداعاته في هذا المجال، ويقدم خدماته مجاناً للجميع، لافتاً إلى أن الزراعة المنزلية لها فوائد كثيرة وإنتاجها وفير، وتعد اكتفاءٍ ذاتياً للأسر، وينصح المواطنين باختيار الأنواع المفيدة ولها مردود إيجابي.
الزراعة الذكية
قال عبيد حميد غانم، إن لديه أكثر من 78 شجرة مثمرة وذات أصناف نادرة في منزله، ويعتزم إنشاء محمية تتسع لـ 160 شتلة من جميع أنواع الفاكهة والحمضيات، بهدف الحفاظ على الأشجار من حرارة الجو وتغيرات الطقس، التي أحياناً تؤثر على نمو الأشجار، وكذلك من أجل زيادة الرقعة الزراعية، لافتاً إلى أنه سيقوم باستيراد أنواع أخرى من الخارج.
وأشار إلى أنه بدأ في الزراعة والاهتمام بها منذ أن انتقل إلى منزله في عام 2013، وكانت بدايته بسيطة، ولم يكن لديه آنذاك سوى عدد قليل من الأشجار المحلية، مشيراً إلى أنه الفترة الماضية اشترى أصنافاً نادرة، وبأسعار غالية، من مشاتل في مختلف مناطق الدولة ومن أشخاص مهتمين بالزراعة، إضافة إلى مواقع الإنترنت والتواصل الاجتماعي، ويبحث عن أصناف أخرى.
وأضاف أنه يتبع طريقة الزراعة الذكية «سمارت بوتس» فوق الأرض، باستخدام أكياس مصنعة من الاقمشة ذات مواصفات خاصة للزراعة، ومتوفرة بأحجام مختلفة، وتساهم في توفير 75% من استهلاك المياه، مقارنة بالزراعة التقليدية، إضافة إلى أنها تحافظ على مكونات الأسمدة والمركبات الأخرى لمدة من 6 إلى 8 أشهر، عكس الطريقة العادية، التي تظل فيها الأسمدة 3 أشهر فقط، كما يمكن نقل الأكياس من مكان إلى آخر، لافتاً إلى أن هذه التجربة حققت نجاحاً في بعض الدول.
وقال عبيد حميد، إنه يعتمد على شبكة الري الأتوماتيكية في الزراعة الذكية، ويحدد فترة ومدة الري حسب درجة حرارة الجو، لافتاً إلى أنه بدأ بزراعة المانجو بهذه الطريقة في أول تجربة، وكانت ناجحة 100%، ويسعى الآن إلى تطبيقها على جميع الأصناف في منزله.
محمية زراعية
يقول ناصر أحمد بن حريف المهيري إنه يهوى الزراعة المنزلية منذ طفولته، وعندما تزوج وانتقل إلى منزله الجديد، بدأ بتزيينه بالأشجار والورد، وزراعة بسيطة، لافتاً إلى أنه في العام الماضي أنشأ محمية داخل منزله، وكانت بداية انطلاقته في هذا المجال. وأشار إلى أنه بدأ بمتابعة مواقع التواصل الاجتماعي واليوتيوب المتخصصة في الزراعة، واكتسب من خلالها الخبرة في كيفية الزراعة داخل المحمية، وتعلم طريقة تكوين تركيبات الأسمدة والتربة، وأنواع الفيتامينات الخالية من الكيماويات، مشيراً إلى أن المحمية تحتوي على خضراوات وفاكهة، وبعضها حقق إنتاج 100% على مدار العام، وأصبح لديه اكتفاء ذاتي. وأضاف أن المحمية تعتمد على طريقة الزراعة المائية باستخدام المحاليل «A» و«B»، التي يتم وضعها بمقاييس محددة حسب كمية المياه داخل الخزان، وتختلف أوقات وضع المحاليل، حتى لا تختلط وتتفاعل مع بعضها، وتضر بالمحاصيل، لافتاً إلى أن هذه الطريقة وفرت عليه استهلاك الماء، وزادت من الإنتاجية. وأكد ناصر المهيري، أن أول نوع قام بزراعته داخل المحمية كانت شجرة «التين»، وبعدها الخضراوات: «الطماطم» و«الخيار» و«النعناع» و«الكزبرة» و«الفلفل الأحمر والأخضر» وأشجار أخرى محلية ومستوردة، مؤكداً إنه خصص مكاناً داخل منزله لجمع مخلفات الأشجار والخضراوات، للاستفادة منها في تصنيع أسمدة عضوية.
50 شجرة
يقول حميد سهيل، من أم القيوين، إن بدايته في الزراعة كانت من باب التسلية، واقتصرت على الورد والزهور وبعض أنواع الحمضيات، ومن ثم أعجب بفكرة الزراعة المنزلية في عام 2016، وبدأ بشراء أشجار التين والمانجو، وتعتبران من الأنواع المفضلة لديه، وزرعها في الحوش وفي الممرات، وأصبح لديه الآن أكثر من 50 شجرة مثمرة.
وأشار إلى أنه في كل بداية موسم زراعة، يشتري أشجاراً محلية ومستوردة ويغرسها في منزله، ويعتني بها بشكل جيد، من خلال إعطائها الأسمدة العضوية والفيتامينات، التي تساعدها على النمو والإنتاج، كما يقوم أثناء التقليم بتشتيل نحو 50 شتلة سنوياً من شجرة التين ذات الأصناف الجيدة، ويوزعها على الأهل والأصدقاء.
وأضاف حميد، أنه تعلم الكثير من زراعة الأشجار، واكتسب خبرة ومعرفة في هذا المجال، وأصبح يعشق الزراعة المنزلية، من خلال اقتناء أصناف نادرة ومثمرة باستمرار، لافتاً إلى أن أفضل وقت لقطف الثمار هو فترة الصباح، لأنها تكون طازجة ولم يبدأ تأثير أشعة الشمس عليها.