لمياء الهرموي (الشارقة)

أكد خالد الحريمل، الرئيس التنفيذي للمجموعة في شركة «بيئة» التابعة لحكومة الشارقة، أن أحد أبرز النتائج المترتبة على البقاء في المنزل، جراء تفشي فيروس كورونا المستجد، هو التحسن الكبير الذي طرأ على جودة الهواء في العالم خلال الأسابيع الأخيرة. ولأول مرة منذ عقود، ظهرت جبال الهيمالايا من الهند، كما انخفضت مستويات ثاني أكسيد النيتروجين في بعض مدن المملكة المتحدة بنسبة 60%، فيما انخفضت مستويات تلوث الهواء في الصين.
وأشار الحريمل، في حوار لـ«الاتحاد»، إلى أن بيانات مركز محمد بن راشد للفضاء تظهر انخفاضاً كبيراً في مستوى انبعاثات ثاني أكسيد النيتروجين في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي، منذ البدء في تنفيذ برنامج التعقيم الوطني في أواخر شهر مارس الماضي، ومن الواضح أننا جميعنا نفضل أن تكون هذه التحسينات نتيجة لجهود الحد من الوباء، إلا أن هذه الفترة من العزلة القسرية تتيح لنا الفرصة للنظر لعالم ما بعد كورونا، من حيث أن نولي المزيد من الاهتمام لأمور مهمة: بناء مستقبل آمن ومستدام ونظيف لمجتمعاتنا.
وأضاف الحريمل: يشكل تراجع جودة الهواء قضية عالمية واسعة الانتشار، لم تحظ باهتمام كافٍ في السنوات الأخيرة، ووفقاً للأمم المتحدة، فهي أكبر تهديد بيئي للصحة حول العالم، حيث يتسبب تلوث الهواء في وفاة 6.5 مليون شخص كل عام. وفي دولة الإمارات نحن غير محصنين من هذه المشكلة، حيث يُنظر إلى تلوث الهواء الخارجي على أنه تهديد حقيقي للغاية للصحة العامة. أما الأمر الجيد، فيتمثل في جهود حكومتنا الرشيدة التي وضعت رفاهية مواطنيها في صدارة أولوياتها، ومن ثم جاء تحسين جودة الهواء كأحد التحديات الرئيسية على أجندة الرؤية الوطنية لعام 2021، والرامية إلى رفع معدل جودة الهواء إلى 90% بحلول عام 2021، وفي إطار مساعيها لتحقيق هذا الهدف، أطلقت وزارة التغير المناخي والبيئة مؤشر جودة الهواء في العام 2018 لقياس مدى جودة الهواء، في خطوة مفيدة نحو معالجة هذا التحدي.
وأشار إلى أن رسالة شركة «بيئة» تتمحور حول جودة الحياة للمجتمعات، ولذا كان من المنطقي بالنسبة لها ضمان مراقبة جودة الهواء كجزء من اختصاصها، حيث يدير قسم الاستشارات والبحوث والابتكار، سبع محطات لمراقبة جودة الهواء، بدأت الشركة نشرها في عام 2015 في إمارة الشارقة. وترسل إشعارات البيانات كل 15 دقيقة، بالإضافة إلى إعداد تقارير ربعية يعمل فريق متخصص على تحليلها. وكشفت النتائج عن تحسن كبير في جودة الهواء بسبب تفشي فيروس كورونا. إذ انخفضت مستويات ثاني أكسيد النيتروجين في إمارة الشارقة بأكثر من 60% منذ بدء برنامج التعقيم الوطني في دولة الإمارات.
وأضاف: تنطوي استفادتنا من هذه المعلومات على إمكانية انتقالنا من قياس الملوثات في الوقت الفعلي إلى القدرة على التنبؤ بالمشكلات، مثل مستويات أكسيد النيتروجين من حركة المرور الكثيفة. ويمكن استخدام هذه المعلومات لصياغة أفضل الممارسات الصناعية بشأن ضوابط جودة الهواء.وقال: هناك العديد من الخطوات التي يمكننا جميعاً اتخاذها، كأفراد، لتقليل استخدام الطاقة في المنزل أو مكان العمل، إذ سيساعد في ذلك استخدام عناصر التحكم الذكية، وإيقاف الأجهزة غير المستخدمة، وتحسين العزل، وينتج عنه أيضاً تخفيض الفواتير. 
واختتم: ينبغي علينا العمل على الارتقاء بالمباني في مدننا، ووفقاً لوكالة الطاقة الدولية، فإن المباني كانت مسؤولة عن 28% من الانبعاثات الكربونية المتعلقة بالطاقة في عام 2018. ومقر شركة «بيئة» الجديد في الشارقة، والذي سيتم افتتاحه هذا العام، عبارة عن أول مبنى مكتبي مدعوم بتقنيات الذكاء الاصطناعي بالكامل، ومن المتوقع أن يحصل على تصنيف شهادة «LEED البلاتينية»، ما يجعله أحد أذكى المباني الصديقة للبيئة في العالم.

النقل المستدام
قال خالد الحريمل: أطلقت «بيئة» شركةَ «أيون»، وهي أول شركة تجارية للنقل المستدام في المنطقة، والتي تدير أسطولاً من المركبات الكهربائية لخدمات النقل، وتدير وتشغل حافلات كهربائية مستقلة، وبالنسبة لعمليات جمع النفايات، تم تحسين آلي للمسار والذي يقلل من الوقت غير الضروري الذي تقضيه المركبات على الطريق، مع تقليل استخدام الوقود والانبعاثات وساعات العمل.
كما تعمل «بيئة»، بالفعل، على تحويل مسار 76% من نفايات إمارة الشارقة بعيداً عن مكبات النفايات نحو مرافق إعادة التدوير. وتهدف إلى الوصول بهذا الرقم إلى 100% بحلول عام 2021، وذلك بفضل الشراكة مع «مصدر» لبناء أول محطة في المنطقة لتحويل النفايات إلى طاقة في الشارقة، والتي ستثمر عن التخلص من مشاكل تلوث الغازات المرتبطة بمكبات النفايات.

  • محطات رصد جودة الهواء في الشارقة (من المصدر)