عمرو عبيد (القاهرة)


لم يتوقف الجدل الدائر حول ما قدمه السائق الهولندي، ماكس فيرستابن، في سباق السعودية، ضمن الجولة قبل الأخيرة من بطولة العالم لسباقات «الفورمولا-1»، ويترقب المتخصصون وعشاق اللعبة ما قد يُقدم عليه نجم فريق «ريد بول» في حلبة ياس، بالجولة الختامية للبطولة العالمية، إذا قرر استخدام حيله الشهيرة للاصطدام بغريمه الأسطوري، لويس هاميلتون، وإخراجه من السباق لضمان حصد اللقب، في ظل تحذيرات وتقارير عديدة تناولت هذا الأمر، خاصة البريطانية، منها المؤازرة لمواطنها هاميلتون، والباحثة عن ضمان عدم لجوء «ماكس المُتهور»، كما يُطلق عليه، لهذا التكتيك في السباق الإماراتي المنتظر أن يشهد إثارة هائلة حتى لحظاته الحاسمة الأخيرة.
تكتيك فيرستابن وطريقة قيادته المعروفة مع التصادم مرات عدة في الموسم الحالي، مع غريمه هاميلتون، خلال الجولات السابقة، أمور أعادت إلى الأذهان ذكريات قديمة عن حالات مماثلة بقيت خالدة في تاريخ اللعبة، ورُبما كان بطلها الأول الألماني الأسطوري مايكل شوماخر الذي حصد أول ألقابه عام 1994، بطريقة مثيرة للجدل في سباق أستراليا الأخير آنذاك، وهو ما لم يغفره له البطل البريطاني دامون هيل أبداً، حيث قال إن موهبة شوماخر الفذة جعلته مغرماً به، لكنه كره سلوكه وتكتيكه الشرس داخل الحلبة، ووقتها لجأ شوماخر إلى حيلة، مقاربة لما ينتهجه فيرستابن حالياً، إذ تعمد الارتطام بالحاجز الخرساني في «اللفة 36»، وعندما حاول هيل تجاوزه، استدار الأسطوري الألماني، وارتطمت السيارتان ليغادرا السباق، وحصل شوماخر على لقبه بفارق نقطة وحيدة عن هيل!
والغريب أن شوماخر أراد تكرار الأمر ذاته في «نسخة 1997»، أمام الكندي جاك فيلنوف، لكن الاتحاد الدولي قرر استبعاد الألماني من الجولة الأوروبية الأخيرة بسبب هذا الحادث، الذي وصفه بأنه كان يُمكن تفاديه، ليفوز فيلنوف باللقب، بعدما التف شوماخر حوله وارتطم بسيارته، لكن الأضرار كانت خفيفة هذه المرة، ولم تتعطل السيارة، ليستمر الكندي حتى النهاية، لكن الألماني تجرّع من ذات الكأس بعد عام واحد، حيث احتدم سباق 1998 بينه وبين الفنلدني ميكا هاكينن، إلا أن زميل الأخير في فريق «ماكلارين»، البريطاني دافيد كولتهارد قام بتكتيك خطير جداً في «اللفة 24»، لدرجة أن سيارة شوماخر لامست مؤخرة سيارة كولتهارد، ليصرخ فيه الألماني قائلاً: هل تحاول قتلي؟ وبعدها غادر شوماخر السباق بسبب إطار مثقوب في «اللفة 31».
ويبدو أن أسرة هيل البريطانية عانت دائماً من تلك الحوادث المثيرة للجدل، إذا وقع جراهام هيل، والد دامون، ضحية لارتطام واتفاق ثنائي من سائقي فريق «فيراري»، جون سورتيس ولورينزو بانديني، خلال سباق عام 1964، ليتعطل محرك جراهام بعد «اللفة 31»، ويخسر السباق واللقب لمصلحة سورتيس، ورغم وجود اتهامات واضحة بوجود خطأ في اللعب، إلا أن اتجاه اللقب لم يتغير.


هاميلتون وروزربرج «شوكة مرسيدس»!


 أغرب تلك الحوادث وأكثرها إثارة للجدل على الإطلاق، ما وقع في سباق 1989 بين سائقي الفريق الواحد «ماكلارين»، البرازيلي آيرتون سينا والفرنسي ألن بروست، حيث بقي التنافس الشديد بينهما حتى الجولات الأخيرة، لدرجة أن «اللفة 46» في سباق اليابان بالجولة قبل الأخيرة، شهد ارتطاماً أدى إلى تشابك السيارتين وتوقفهما في منطقة الإعادة، وهو ما عرّض البرازيلي لخسارة السباق وحصد زميله الفرنسي اللقب، ليشتعل غضب سينا اعتراضاً على قرارات الاتحاد، قبل أن يتكرر الأمر بعد عام واحد لكن مع فريقين مختلفين هذه المرة، إذ بقي آيرتون مع ماكلارين وانتقل بروست إلى فيراري، وانتقم البرازيلي من غريمه الفرنسي بطريقة مشابهة في سباق 1990 حسب تصريحاته لاحقاً وحصد اللقب آنذاك.
وإذا كان من المتوقع أن يتعرض هاميلتون لمثل هذا الاختبار مُجدداً في سباق ياس الإماراتي الحاسم، فإنه لن يكون أغرب مما عاناه مع زميله السابق في فريق مرسيدس، نيكو روزربرج، حيث كانت عداوتهما بمثابة «شوكة في حلق» مرسيدس، وبدأ الأمر في سباق «بلجيكا 2014»، عندما ارتطم روزربرج بالإطار الخلفي لسيارة زميله هاميلتون مما تسبب في إتلاف أرضية سيارة الأخير وترك السباق، وخرجت تصريحات تؤكد أن الألماني تعمد ارتكاب الحادث، وهو ما أثار حفيظة مسؤولي الفريق، الذين اشتعل غضبهما أكثر بعد سباق 2016 الذي شهد حادثة قوية في الجولة الإسبانية وتم توجيه اللوم لهاميلتون هذه المرة، فيما بدا أنها محاولة انتقام مما حدث قبل عامين.