هناء الحمادي (أبوظبي)
بنقوشها الزاهية، اعتمدت نساء الفريج قديماً الحناء لإبراز جمالهن، ولاسيما خلال المناسبات السعيدة وفرحة استقبال شهر رمضان والعيدين. واكتسبت الحناء منذ مئات السنين أهميتها لكونها من أبرز أدوات زينة المرأة التي تتوارث نقوشها عن الجدات، الأمهات والحفيدات.
زينة وحمية
سلامة المنصوري، زينت أناملها بالحناء التي تدق أوراقها بالهون لطحنها جيداً، مشيرة إلى أن نقوشها من أهم أشكال التراث الإماراتي في منطقة الخليج العربي، إذ لطالما تزيّنت بها النساء واحتمى بها الرجال من حرارة الصيف. وقد حافظت على استمرارية شعبيتها حتى أصبحت فناً، ما جعلها من المحاور الرئيسة للحياة المعاصرة.
-
سلامة المنصوري تدقّ ورق الحناء (تصوير: عادل النعيمي)
شجرة شائعة
وأضافت: في الإمارات، تحظى الحناء بدعم كبير من المؤسسات الحكومية التي تُعنى بالتراث والسياحة والثقافة، وتحتل ركناً خاصاً تجلس فيه سيدات يحترفن استخدامها، في مختلف المهرجانات التراثية. ولفتت إلى محاولة ترسيخها كحرفة يدوية تستقطب الفتيات من خلال ورش عمل قصيرة، لمن لديهن قدرة أو معرفة كافية بالرسم، الأمر الذي يؤكّد عليه «الاتحاد النسائي العام» ضمن محاولته لإشراك المرأة في عملية الحفاظ على الموروث. وتُصنع الحناء من الأوراق المسحوقة من شجرته الشائعة في المنطقة العربية، حيث تعلّم الأجداد القدماء في الجزيرة العربية كيفية استخدامها للتجميل والعلاج.
طريقة تقليدية
وأوضحت سلامة المنصوري أن طريقة تحضير الحناء التقليدية قد اختلفت على مر الزمن، حيث تُحضر بخلط مسحوق الأوراق مع الماء وعصير الليمون أو ما يشابهه من الحمضيات لتتكون عجينة سميكة تدبغ البشرة عند الاحتكاك بها. وعادة ما يغطي هذا العمل الفني اليدين والقدمين، ثم تُترك الحناء لتجف وتصبح داكنة، حيث تتحول من مخطط بني شفاف إلى رسم رائع باللون البني المائل إلى الأحمر بعد يومين أو 3 أيام. وتصبغ النساء الأكبر سناً أظافرهن بالحناء، وهي عادة متوارثة تسبق وضع طلاء الأظافر. ويشيع أيضاً الرسم بالحناء خارج حفلات الزفاف.
وعاء فخاري
وحول طريقة إعداد الحناء، ذكرت المنصوري أن عملية تصنيعها تبدأ بجمع أوراق أشجارها ثم توضع في وعاء فخاري، وتُترك في مكان جاف تحت حرارة الشمس لفترة طويلة حتى تجف. وبعدها يُدق ورق الحناء ليصبح ناعماً، ثم يُعجن مع الماء ليصبح جاهزاً للاستخدام. وأشارت إلى أن بعض النساء المفتونات بالحناء يبادرن بإضفاء لمساتهن من الشاي أو عصارة الليمون لتعطي صبغة جميلة داكنة اللون، ثم تأتي المرحلة النهائية، وهي الرسم على الكفين واليدين والقدمين بوساطة غصن صغير من شجرة الطلح أو النخيل، أو ريشة طائر أو عود ثقاب. وتابعت: كانت نساء الفريج يتوقفن عن وضع الحناء وأزواجهن في الغوص، ويضعنه مع قرب رجوعهم، كنوع من الزينة لاستقبال الغائب بطلة جديدة، أما باقي أيام السنة فتكون رؤوس أصابع المرأة المتزوجة محناة، وخصوصاً لرمضان والعيدين.
نقوش
وعن أبرز النقوش التقليدية التي تزينت بها كفوف فتيات الإمارات في الماضي، ذكرت سلامة المنصوري أن هناك رسمات أساسية لنقوش الحناء تتمثل في «القَصة» بحيث تتخذ فيها الحناء شكل نقاط دائرية متجاورة في باطن اليد.
أما القدمان فكانت نقوشهما تقتصر على نقاط حول الأصابع وتسمى «الروايب»، إضافة إلى نقشة «الروبية» أو «القمر»، وهي عبارة عن دائرة على شكل هلال ونجمة وزهرية وغمسة، تُعد المفضلة لدى المرأة.
علاج
تصف سلامة المنصوري كيفية استخلاص الحناء من شجرة تنتشر زراعتها في بلدان حوض البحر الأبيض المتوسط، وهم وإلى جانب أغراض الزينة وأعمال الصباغة، يحاولون التداوي بها، حيث ورد ذكرها في الأحاديث النبوية الشريفة كمادة تفيد في العلاج من أمراض الرأس والمعدة.
نبتة رخيصة
الحناء لا تقتصر على طبقة اجتماعية أو منطقة بعينها، وكانت موجودة في كل منزل، يستخدمها الرجال والنساء، الكبار والصغار، خصوصاً أنها شجرة رخيصة السعر متوافرة طوال العام، ما جعلها خيار الزينة الأول للأغنياء والفقراء على حد سواء.