ساسي جبيل (تونس)
البرنوس أو البرنس.. لباس تقليدي يرتديه الرجال والنساء، خاصة خلال العقود الأخيرة، وعبارة عن معطف طويل مصنوع من الصوف، وله قباعة تغطي الرأس، وليس به أكمام، كما يضعه حامله فوق كتفيه، وفي الأغلب يكون لونه أبيض أو بنّياً أو أسود، قبل أن تتعدد ألوانه وفق الموضة، وينتشر في مختلف جهات تونس.
«البرانسية»
والبرنوس، من أصل بربري، وكان يتميز به البرابرة أو الأمازيغ، من سكان شمال أفريقيا عامة، وتونس بالخصوص، ما جعل عالم الاجتماع ابن خلدون يطلق عليهم تسمية أصحاب البرانس.
وسوق «البرانسية»، أي سوق صانعي البرانس، واحدة من الأسواق بمدينة تونس، منذ القدم وعبر مختلف العصور والحضارات، كانت لهذه السوق التخصص في صنع وبيع البرنوس.
وقال سالم الغمراسني، أحد الحريصين على ارتداء البرنوس: «البرنوس من أهم الألبسة الشتوية التي لا يستغني عنها أغلب كبار وحتى الشباب والأطفال بمختلف الجهات وخاصة في الجنوب، باعتباره درعاً حصيناً ضد لسعات البرد القارس، خاصة في المناطق الجبلية الباردة».
رمز للشهامة
وأكد الباحث عبد العزيز سعيّد أن البرنوس بالنسبة للرجل يعتبر رمزاً للشهامة والمروءة والوقار والشموخ، مشيراً إلى أن البرنوس ذا اللون الأبيض كان يرتديه العريس ليلة زفافه، وهي من العادات والتقاليد الموروثة منذ القدم، والتي ما زالت تسجل حضورها في بعض الجهات، موضحاً أن الألوان الأخرى للبرانس كالأسود والبني، فإن ارتداءها عادة ما يكون في الأوقات الأخرى، خاصة حين يشتد البرد، معتبراً أنها وسائل للتدفئة، وعادة ما يفضلها عن الوسائل الأخرى، مثل السخان بمختلف أنواعه، سواءً كان تقليدياً باعتماد الحطب أو الفحم، أو كهربائياً أو غازياً.
العروسي النفطي، سبعيني العمر، المختص في صناعة البرنوس، الذي تعلم هذه المهنة عن والده منذ أكثر من ستة عقود قال: «البرنوس وقبل أن يصل إلى الصانع مثلي يتطلب وقتاً وجهداً كبيرين، ويمر بمراحل عدة ليكون جاهزاً، وباعتباره يتكون أساساً من صوف الخرفان الذي غالباً ما تكون ألوانه بيضاء أو سوداء أو بنية، فإن ربات البيوت، ومن معهن من البنات والنساء يتعبن في جمعه طيلة السنة أو حتى أكثر، ثم يغسلنه جيداً لإزالة ما علق به من تراب وعيدان وغيرها من الشوائب قبل القيام بتليينه بـ «القرداش» وهو آلة يدوية تستخدم لفك الصوف بعضه من بعض، وتتكون من قطعتين في كل واحدة أسنان حديدية كثيرة حتى يصبح الصوف أكثر ليناً وصالحاً للغزل على شكل خيوط تسهل مهمة النسج، وتكون طويلة ومفتولة جيداً كي يكون البرنوس متناسقاً وجميلاً».
الخياطة
وأضاف العروسي: خياطته وزينته التقليدية تتطلب وقتا كثيراً، حيث يضعه بشكل مستطيل، ثم يطوعه بدقة عالية وفق مقاسات الزبائن التي تختلف من شخص إلى آخر طالما أن هناك الرجل الطويل، وهناك القصير وهناك ما بينهما، الأمر الذي يجعله يركز تركيزاً تاماً عند الخياطة، مشدداً على أنه ليس من السهل ضبط مقاس البرنوس حسب كل زبون باعتبار أن القماش ثقيل وخشن ،وخياطته ليست بالهينة.
وحول سعر البرنوس قال: «إنه ليس باهظاً قياساً رغم ما يتطلبه من وقت ودقة وجهد» لكن السعر يتنوع وفق الجودة على مستوى الصوف والثقل وإضافات الزركشة والصناعة، وغيرها ليتراوح بين 700 دينار تونسية «ما يعادل تقريباً 250 دولاراً»، و1300 دينار «نحو 470 دولاراً».