في إطار الجهود المتواصلة التي تبذلها دولة الإمارات العربية المتحدة لرعاية كبار المواطنين، أطلق صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، مبادرة «بركتنا»، التي تستهدف فئة مجتمعية تحظى بتقدير كبير لدى القيادة الرشيدة، ضمن منظومة أبوظبي للرعاية المجتمعية الشاملة للارتقاء بجودة حياتهم وضمان رفاهيتهم، إضافة إلى دعم قيم الترابط الأسري والتماسك المجتمعي.

ومما لا شك فيه أن «بركتنا» تُعد من المبادرات الاجتماعية الرائدة التي تعكس حرص الإمارات على ترسيخ قيم الوفاء والامتنان تجاه كبار المواطنين، وتوفير حياة كريمة لهم، وهذا ما أكدته تصريحات سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، رئيسة الاتحاد النسائي العام، الرئيس الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية، رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة، «أم الإمارات»، حين قالت سموها: «إن هذه المبادرة تدعم حياة كبار المواطنين، وتوفر البيئة الحاضنة والمتكاملة التي تتيح لهم العيش الكريم بجوار أبنائهم والقائمين على رعايتهم، من خلال توفير الإمكانات المتاحة التي تمكن كبار المواطنين من تحقيق الاستقرار النفسي والاجتماعي والاستقلالية، مما يدعم توجهاتنا في توفير الاحتياجات المعيشية والصحية والاجتماعية بأنواعها كافة لهذه الفئة المهمة في المجتمع، ويعكس رؤية الإمارات في بناء مجتمع مستدام وحاضن لشتى فئاته».
وتُشرف على تنفيذ المبادرة دائرة تنمية المجتمع - أبوظبي، بالتعاون مع مؤسسة التنمية الأسرية، إلى جانب عدد من الجهات الحكومية المعنية، ما يجسد التعاون الدائم بين المؤسسات المختلفة لتحقيق الأهداف الوطنية الداعمة لترسيخ قيم التنمية المستدامة ودعم عملية التنمية الشاملة التي تشهدها دولة الإمارات.


وتتميز مبادرة «بركتنا» بالتكامل والشمول، حيث تضم 6 خدمات متكاملة، من بينها، خدمة «الحصول على الرعاية البديلة المؤقتة لكبار المواطنين»، التي تشرف على تنفيذها مؤسسة التنمية الأسرية، وتتيح هذه الخدمة للقائم على الرعاية الرئيسي التقدم بطلب للحصول على الرعاية البديلة المؤقتة لكبار المواطنين من الآباء أو الأمهات غير القادرين على رعاية أنفسهم، بما يصل إلى 8 ساعات في اليوم لمرة واحدة في الأسبوع ولمدة 48 يوماً في السنة، بهدف إتاحة الفرصة له لتلبية متطلباته الضرورية وممارسة أنشطته مع أفراد أسرته وتخفيف الأعباء الحياتية عنهم.
وتوفر دائرة التمكين الحكومي خدمة «أنظمة العمل المرنة للقائمين على رعاية والديهم»، التي تُمكِّن مقدم الرعاية الرئيسي من الحصول على شهادة اعتماد تتيح له الاستفادة من نماذج العمل المرنة في الجهات الحكومية، وذلك لمساعدته في التوفيق بين مسؤولياته العملية والأسرية. كما تقدم دائرة البلديات والنقل خدمة «اعتماد وحدات سكنية للحالات الخاصة»، التي تتيح للأسر إجراء تعديلات معمارية داخل منازلهم بما يضمن تخصيص مساحة مستقلة لكبار المواطنين، توفر لهم الراحة والخصوصية داخل البيئة الأسرية.
من جانبها، توفر هيئة أبوظبي للإسكان ثلاث خدمات رئيسية ضمن المبادرة، تشمل خدمة «إمكانية إجراء تحسينات منزلية» لتأهيل المرافق التي يستخدمها كبار المواطنين وفق معايير السلامة والراحة، وخدمة «الحصول على الموافقة لتمديد مدة سداد القروض السكنية» لخمس سنوات إضافية بهدف تخفيف الضغوط المالية على مقدمي الرعاية، بالإضافة إلى خدمة «تسهيل عمليات بيع وشراء المنح السكنية»، بهدف تقريب المسافات بين الأبناء ووالديهم، وبما يعزز من الترابط العائلي ويوفر بيئة أكثر دعمًا لكبار السنّ، وذلك بالتعاون مع مركز أبوظبي العقاري.
وفي الواقع، فإن الاهتمام بكبار السن ليس فقط ضرورة اجتماعية، بل هو مؤشر حقيقي على مدى تطور المجتمعات ورقيّها، ويُظهر مدى التزام دولة الإمارات بأخلاقيات الرعاية، وتقديرها لمن أفنوا أعمارهم في خدمة وطنهم ومجتمعهم. 
تمثل مبادرة «بركتنا» تجسيداً حياً للفكر الاجتماعي المتقدم لدولة الإمارات الذي يرى في كل فئة من فئات المجتمع طاقة كامنة ينبغي تمكينها، وهي مبادرة تذكرنا بأن بناء المستقبل لا يمكن أن يكون كاملًا من دون حفظ الجميل لمن صنعوا الحاضر. إنها دعوة دائمة لكل من يحمل مسؤولية في المجتمع، للإسهام في خلق بيئة كريمة ومحفزة لكبار المواطنين، تضمن لهم الحياة الكريمة، وتضعهم في المكانة التي تليق بمسيرتهم الطويلة.

*صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.