لعلنا لا نأتي بشيء جديد عندما نذكر الدعم الكامل من قبل دولة الإمارات العربية المتحدة للسودان الشقيق منذ زمن بعيد. فهذا الدعم لطالما كان مستداماً وشاملاً ولا يميز أحداً على الآخر، وهي مساعدات للشعب السوداني كي يواجه التحديات التي يتعرض لها جراء الحرب الأهلية الراهنة. العلاقات بين الإمارات والسودان تاريخية وراسخة، يسودها التعاون والتفاهم المشترك بما فيه الخير للبلدين، وبما يضمن تحقيق مصلحة الشعبين الشقيقين.
ودأبت الإمارات على تقديم المساعدات الإنسانية المجردة من أية أجندات وغير مقرونة بأية اعتبارات ومصالح ضيقة من هنا أو هناك. وهذا ليس بشيء جديد على سياسة الإمارات الخارجية التي تضع في صدارة أولوياتها الدعم الإنساني وإغاثة المنكوبين في كل مكان بالعالم. بالإضافة لذلك، نقول بأنه ومنذ قيام تلك العلاقات فإن جميع قادة الاتحاد لم يألوا جهداً لمساندة السودان إلاّ وقاموا به. ولم نشهد خلال فترات المساندة والدعم على مدى العقود الماضية أي مكاسب لدولة الإمارات سوى الإشادة من المجتمع الدولي وشعب السودان لذلك الدعم، بعيداً عن المصالح. والتاريخ يشهد على مبادرات الإمارات الإنسانية النبيلة تجاه الشعب السوداني، وهي جهود إنسانية كبرى لا يمكن أن ينكرها عاقل أو مراقب للأوضاع في منطقة الشرق الأوسط أو باحث في العلاقات بين الدول.
ومن ناحية أخرى وعلى سبيل المثال لا الحصر، تجدر الإشارة إلى جهود المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، التي لم تتوقف عند حد، وتحديداً نذكر بعضاً منها، وهو تلك التوجيهات التي أمر بها، رحمه الله، عند زيارته للسودان في سبعينيات القرن الماضي وتقديره للوضع من واقع تلك الزيارة والأوضاع التي كان يعاني منها السودان إبان تلك الفترة، حيث وجه ببناء مستشفى كبير في العاصمة الخرطوم على مستوى عالمي، إلى جانب العديد من المبادرات التي دعمت القطاع الصحي في السودان في سبعينيات القرن الماضي.
تبذل الإمارات جهوداً متواصلة لإغاثة الشعب السوداني وتخفيف تداعيات الحرب الأهلية التي مر عليها الآن عامان، وضمن هذا الإطار، تعهدت الإمارات خلال مشاركتها في اجتماعات المؤتمر الدولي الإنساني بشأن السودان، الذي عُقد في العاصمة الفرنسية باريس، في 17 أبريل 2024، بتقديم 100 مليون دولار دعماً للجهود الإنسانية في السودان ودول الجوار.
كما أعلنت الإمارات، في 17 يونيو 2024، تخصيص 70 مليون دولار مساعداتٍ للسودان عبر وكالات الأمم المتحدة، فيما ستُوجه 30 مليون دولار أخرى لدول الجوار التي تُؤوي لاجئين ونازحين سودانيين.
وفي أديس أبابا وفي 14 فبراير الماضي، عقدت الإمارات وإثيوبيا والاتحاد الأفريقي ومنظمة «إيغاد» «المؤتمر الإنساني رفيع المستوى من أجل شعب السودان»، وذلك من أجل حشد الجهود الإقليمية والدولية لمواجهة الأزمة الإنسانية في السودان، والدعوة بقوة إلى هدنة إنسانية خلال شهر رمضان، وفي هذا الصدد، عبرت العديد من الدول عن دعم دعوة دولة الإمارات إلى هدنة إنسانية ووقف الحرب خلال الشهر المبارك. وخلال المؤتمر أكدت الإمارات التزامها كواحدة من الدول الرائدة في تقديم المساعدات لتخفيف الأزمة الإنسانية التي يواجهها الشعب السوداني الشقيق، حيث قدّمت 200 مليون دولار إضافية من المساعدات الإنسانية، ليصل إجمالي المساعدات إلى 600.4 مليون دولار منذ اندلاع الصراع.
وتأتي مبادرات الإمارات ومساعداتها الإنسانية للشعب السوداني الشقيق ضمن إحساس عالٍ بالمسؤولية الإنسانية من قبل قيادة دولة الإمارات، وإدراك لمعاناة الشعب السوداني الشقيق بكل فئاته. كما أن الدعم الإماراتي للسودان لم يتوقف يوماً كما أسلفنا، بل استمر على أكثر من صعيد، فالمبادرات الإماراتية تقدم حلولاً عملية لمعاناة الشعب السوداني، ولن نخوض في تفاصيل الأرقام، الدعم والمساندة تظهر عبر خطوات عملية على أرض السودان. ويضاف إلى ذلك أن الدعم الإماراتي لا يقف عند حد دعم السودان داخل حدوده، بل يتجاوزه إلى الجوار الجغرافي لإغاثة النازحين واللاجئين الذي تركوا السودان بعد اندلاع الحرب، فكل الشكر لتلك الجهود المباركة المستدامة لخدمة السودان وشعبه الشقيق الذي عاني الكثير، ونسأل الله أن يخفف من معاناته وينعم عليه بالوئام والسلام الدائم.
واقتبس هنا ما ورد في مقال نشرته «سي إن إن عربية» لمعالي الدكتور أنور بن محمد قرقاش، المستشار الدبلوماسي لصاحب السمو رئيس الدولة، حيث أشار إلى أن «العلاقة التي تربط دولة الإمارات مع السودان تميزت عبر السنوات بالوئام والتعاون وبروابط تاريخية عميقة. وهنا، لا يسعني إلا أن أُشيد بدور الجالية السودانية المقيمة في دولة الإمارات، فقد احتضنت بلادي الأشقاء بكل محبة وتقدير وترحيب، فالعلاقات الشعبية كانت الأساس المتين الذي جمع البلدين، ولن تفرّقه الدعايات المغرضة».
*كاتب كويتي