يحتفل العالم في الرابع والعشرين من يناير في كل عام باليوم الدولي للتعليم، وهي لحظة تدعو إلى التأمل في الدور المحوري للتعليم في تحقيق السلام العالمي والازدهار والاستدامة. وبالنسبة إلى دولة الإمارات العربية المتحدة تعد هذه المناسبة ذات مغزًى خاص، فقد قطعت الدولة خطوات ملحوظة في قطاع التعليم، بما يتماشى مع رؤيتها للاقتصاد القائم على المعرفة.
وتعكس رحلة دولة الإمارات في التعليم التزامها بالهدف الرابع من أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة، الذي يرمي إلى ضمان التعليم الجيد الشامل والعادل للجميع. وبمرور السنين طورت دولة الإمارات العربية المتحدة نظامها التعليمي عبر المبادرات الاستراتيجية والاستثمارات والإصلاحات، وحصلت على الاعتراف بها قائداً إقليميًّا في الابتكار والجودة في التعليم.
وقد أعطت دولة الإمارات الأولوية لتطوير البنية التحتية التعليمية ذات المستوى العالمي، مع إدراك أهمية الوصول إلى المرافق العالية الجودة في تعزيز التعليم، إذ بَنَت الدولة شبكة واسعة من المؤسسات التي تلبي الاحتياجات التعليمية المتنوعة، من المدارس الحديثة إلى الجامعات المشهورة عالميًّا. كما زودت مبادرات، مثل «برنامج محمد بن راشد للتعلم الذكي»، المدارس بالتكنولوجيا المتقدمة بالشكل الذي يضمن للطلاب والمعلمين الوصول إلى الأدوات الرقمية التي تعزز تجربة التعلم.
وإضافة إلى ذلك ركزت دولة الإمارات على جعل التعليم في متناول الجميع، بما في ذلك الفئات المهمشة والضعيفة. وتؤكد جهود الحكومة لدمج الأطفال أصحاب الهمم في المدارس النظامية، عبر سياسة «المدرسة للجميع»، التزامها بالشمول. وإضافة إلى ذلك تضمن المنح الدراسية وبرامج المساعدات المالية للطلاب الإماراتيين والمغتربين ألا تعوق الحواجز المالية حصول الطلاب على التعليم.
وقد أكدت دولة الإمارات العربية المتحدة -وهو ما يمثّل جزءاً من رؤيتها لبناء اقتصاد قائم على المعرفة- أهمية تعليم العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، إذ قدمت مدارس الدولة وجامعاتها مناهج وبرامج متخصصة لتنمية المواهب في هذه المجالات الحيوية. وتدمج مبادرات، مثل «استراتيجية الإمارات للذكاء الاصطناعي2031»، الذكاء الاصطناعي والروبوتات في التعليم، ما يُعِدّ الطلاب للتعامل مع الصناعات الناشئة.
ويسلط إنشاء مؤسسات، مثل جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي، الضوء على طموح الدولة للريادة في المجالات المتطورة. وتُستكمل هذه الجهود ببرامج التدريب المهني والشراكات مع شركات التكنولوجيا العالمية، وهو ما يضمن تخرّج الطلاب بمهارات وخبرات عملية.
وقد صُمّم نظام التعليم في دولة الإمارات العربية المتحدة لتشجيع الإبداع والابتكار، وهما السمتان الرئيسيتان للقادة ورواد الأعمال في المستقبل، إذ تعمل برامج، مثل «شهر الإمارات للابتكار»، ومبادرات مثل «البرنامج الوطني للمبرمجين»، على تعزيز مهارات حل المشكلات والتفكير النقدي منذ سن باكرة. ويضمن تركيز الحكومة على أساليب التعلم القائمة على المشروعات والتجربة انخراط الطلاب في تحديات العالم الحقيقي، وتعزيز روح الابتكار لديهم.
كما يمتد التزام الدولة بتعزيز الإبداع إلى الفنون والعلوم الإنسانية. وبالشراكات مع المنظمات الثقافية والجامعات العالمية، ينفتح الطلاب على وجهات نظر متنوعة تُثري فهمهم للثقافات العالمية.
وعلى الجانب الآخر، وإدراكاً من دولة الإمارات أن المعلمين هم العمود الفقري لأي نظام تعليمي، فقد استثمرت استثماراً كبيراً في تدريبهم وتطويرهم المهني، إذ تضمن برامج، مثل نظام «ترخيص المهن التعليمية»، امتثال المعلمين للمعايير العالمية للكفاءة والتميز. وتتيح لهم فرصُ التدريب المستمر، وورش العمل، وبرامج تبادل المعلمين المعرفة بأحدث الممارسات التربوية.
وتجتذب مبادرة «علِّم لأجْل الإمارات»، المستوحاة من النماذج العالمية، أفضل المواهب إلى مهنة التدريس، وتقدم الحوافز وفرص النمو الوظيفي. وقد عززت هذه الجهود بنحوٍ كبير جودة التدريس في الدولة، ما أسهم في تحسين نتائج الطلاب.
وفي الوقت الذي تتطلع فيه دولة الإمارات إلى المستقبل، فإنها تظل ملتزمة بمعالجة التحديات التي تواجهها، والبناء على نجاحاتها. وتحدد «استراتيجية التعليم 2020»، ورؤية «مئوية الإمارات 2071»، أهدافاً طموحة لقطاع التعليم، بما في ذلك تعزيز القدرة التنافسية العالمية، ورعاية المواهب الإماراتية، واحتضان التقنيات الناشئة.
وختاماً، تبرز جهود دولة الإمارات لتطوير التعليم شهادةً على رؤيتها لمستقبل مزدهر وشامل. وقد أنشأت الدولة -عبر الاستثمارات في البنية التحتية، والابتكار، والشمول- نظاماً تعليميّاً قويّاً يُعِدّ مواطنيها لتحديات القرن الحادي والعشرين وفرصه. وبينما يحتفل العالم بالقوة التحويلية للتعليم، تُلهم إنجازات دولة الإمارات العربية المتحدة مَن حولها بمستقبل مشرق، وتضع معياراً يجب على الآخرين اتباعه.
*صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية