حسونة الطيب (أبوظبي)
بدأت الصين تدريجياً في الهيمنة على كل تقنية من التقنيات التي تتعلق بثورة الطاقة الخضراء، حيث تتفوق في الوقت الراهن على كل دول العالم، عندما يتعلق الأمر بإنتاج طاقتي الرياح و«الشمسية»، في تحول مذهل بالمقارنة مع قبل 15 سنة.
وما يعضد هذه الهيمنة، الإقبال الكبير من رواد الأعمال والدعم الحكومي السخي بمئات المليارات من الدولارات، وفقاً لخدمة واشنطن بوست.
وفي السباق نحو السيطرة على تقنيات المستقبل، تعتبر الطاقة الخضراء واحدة من الحلبات التي سبقت فيها الصين الولايات المتحدة الأميركية، في كل مضمار من السيارات الكهربائية إلى ألواح الطاقة الشمسية.
وربما تتسع هذه الفجوة في عهد الرئيس الأميركي الحالي؛ نظراً لتركيزه على زيادة إنتاج الوقود الأحفوري، ووقف تمويل مشاريع الطاقة النظيفة، في الوقت الذي تزيد فيه الصين استثماراتها في تقنيات الطاقة النظيفة، التي بلغت سوقها العالمية نحو 700 مليار دولار في 2023. وتجاوزت حصة التقنية الخضراء، 10% من نمو الاقتصاد الصيني في العام الماضي.
وعلى الرغم من توفير السياسات الأخيرة، التي تبنتها كل من أميركا وأوروبا والهند، بغرض دعم قطاعات الطاقة الخضراء والتي خلقت نوعاً من المنافسة، إلا أن الحد من ريادة الصين، ليس بالسهل، ويتطلب أموالاً ضخمة.
كما أن الطريقة التي ستتمكن بها الصين، أكبر مصدر للغازات المسببة للاحتباس الحراري في العالم حتى الآن، من إدارة هذا النفوذ الجديد على طاقات الغد، ستكون لها تداعيات بعيدة المدى، على السياسة العالمية والتجارة ومكافحة تغير المناخ.
وفي ظل موقف الرئيس الأميركي المناوئ للمناخ، تجد الصين ضالتها لتجسيد هذه الريادة، وتحقيق هدفها الرئيسي في التفوق على أميركا وأوروبا في مجال التقنيات المتقدمة.
وعلى صعيد الطاقة الشمسية، فعندما تفوقت الصين على أوروبا في 2017 لتصبح الرائدة في العالم، كانت تملك 130 جيجاواط، السعة التي تمكنت أميركا من تحقيقها في عام 2023 حينما أضافت الصين 200 جيجاواط أخرى.
كما تفوقت الصين في مجال طاقة الرياح، نسبياً على أوروبا حتى عام 2019، إلا أنه وبحلول عام 2023، بلغ إنتاج الصين عند 450 جيجاواط، ضعف إنتاج أوروبا.
كما نجحت الصين في تحقيق طفرة كبيرة في قطاع السيارات الكهربائية. وبينما لم تتجاوز مبيعات العاملة بالبطاريات والهجين، المليون سيارة في الصين خلال عام 2020، أي نحو 5% من إجمالي مبيعات السيارات في البلاد، شكلت في العام الماضي 2024، نحو 40% من المبيعات الكلية.
وبلغت صادرات الصين في العام الماضي 2024، من السيارات الكهربائية والبطاريات ومنتجات الطاقة الشمسية والرياح، لدول الجنوب العالمي، نحو 47%، من الإجمالي.
وشكلت الصين في معظم تقنيات الطاقة الخضراء ومكوناتها، ما يزيد على 50% من الناتج العالمي الكلي، وذلك خلال الفترة بين عامي 2021 و2023 فقط.
ولتأكيد أهميتها، استثمرت الصين ما يقارب 680 مليار دولار في صناعة التقنية النظيفة خلال العام الماضي 2024، ما يعادل استثمارات أميركا وأوروبا مجتمعة، بحسب الوكالة الدولية للطاقة.
وتساهم عوامل، مثل الدعم الحكومي السخي والسوق المحلية الواسعة والشبكة الضخمة من الموردين، في جعل الصناعة بالصين أقل تكلفة بكثير عن أميركا وأوروبا والهند.
وبينما تقل التكلفة عن 200 دولار لإنتاج الكيلوواط الواحد من الطاقة الشمسية في الصين، تزيد على 450 دولاراً في الولايات المتحدة الأميركية.
صادرات التقنية النظيفة
تشير تقديرات الوكالة لبلوغ صادرات الصين من التقنية النظيفة، نحو 340 مليار دولار بحلول عام 2035. ولتفادي الرسوم التي تفرضها أميركا وأوروبا والتي أدت إلى بطء وتيرة هذا النمو، غيرت الصين وجهتها نحو الأسواق الناشئة في آسيا وأفريقيا وأميركا اللاتينية.
وتسيطر الصين على سلاسل توريد المواد الخام المطلوبة للثورة الخضراء، حيث تعتبر وبنسبة كبيرة، أكبر منتج لهذه المواد، مثل الكوبالت والنيكل والجرافيت، التي تشكل المكونات الرئيسية لصناعة البطاريات وألواح الطاقة الشمسية.
وبينما تملك الصين احتياطياً ضخماً من هذه المواد، لكنها تعتبر الرائدة أيضاً، بالاستثمار في عمليات التنقية الكيميائية الخطرة للمواد الخام هذه. وبلغت نسبة تنقية الصين من الكوبالت في العام الماضي 2024، نحو 75% من السعة العالمية و91% من الجرافيت، في حين حققت 92% من معالجة التربة النادرة، ما ساعد صناعات التقنية العالية في الحصول على مكونات مهمة بسعر منخفض.